اخبار الإمارات

توجه الشباب للدراسة في الكافيهات.. هل تنبئ بكراهية البيوت؟

اليمين شاب يدرس بمفرده واليسار الدراسة في الكافيه (خاص 24 )

الجمعة 7 يوليو 2023 / 15:53

لم يعد البيت مكاناً آمناً لنشر الكتب وحقائب الدراسة في أرجائه، كما كانت طقوس الدراسة فيما قبل، إذ تتجه مجتمعات الحداثة، لجعل كافيهات الدراسة ملاذاً آمناً للطلبة الجامعيين أكثر من البيوت.

أصبح وصف البيوت “أماكن يزينها الملل”، كما يرى بعض الطلبة، بعد أن كررنا السؤال لرانيا طالبة الأعمال (20 عاماً) عما إن كانت تفضل الدراسة في البيت أو في الكافيهات الدراسية، تقول لـ 24: “الدراسة في البيت أصبحت حالة روتينية”.

الدراسة في البيت.. فيها عدم التزام

وتعلق رانيا: “في الكافيه جميع من حولي يدرسون ولا يوجد ملهيات كما الأجواء العائلية في البيت”، مضيفة “يسود الدراسة في البيت حالة من عدم الالتزام، لشعوري بالوقت الكافي لختم المنهاج المقرر”.

وتكمل “في توجهي للمكتبة الجامعية أو الأماكن المخصصة للدراسة، شعوري أن الأجواء مملوءة بالروح الشبابية، التي تجمع ذات الآراء والأفكار والتوجهات”.

بعد محاولة معرفة الميزة التي تجعلها تفضل الدراسة في الكافيهات على البيت، أجابت: “يسود الكافيه أجواء اجتماعية تحفز الذهن، وتجعلني أتعلم من الطلبة الآخرين أنماط دراسية جديدة، والإطالة في عدد ساعات دراستي اقتداءً بهم”.

منذر محمد (21 عاماً) طالب الهندسة الصناعية لطرح نموذج آخر، إذ يعتبر أن البيت هو المكان الأفضل للدراسة، ويقول: “الدراسة في الكافيهات فيها إضاعة للوقت”.

ويعتبر أن الهدوء وعدم إزعاج الآخر مطلب أساسي للدراسة في الأماكن العامة، لذا يرى أنه “بالإمكان أن يمارس كامل استقلاليته وحريته في البيت”.

الدراسة الفردية تعلم الانضباط

ويضيف منذر أنه “غالباً في الكافيهات الدراسية هناك موسيقى هادئة، وحركة، وأصوات متعددة، بالتالي هذه الأجواء لا تناسب طريقتي الهادئة في الدراسة”.

ويوضح منذر لـ 24 “الدراسة لوحدي في البيت، تعلمني الانضباط والمسؤولية”.

ظهرت محاولات عدة تقدم الدراسة المنزلية كطريقة مملة لختم المنهج المطلوب، أو التي تعتبر أن الأجواء البيتية روتين للاجتماعات العائلية فقط، إذ بات هناك مدونين في قنوات يوتيوب يسعون فقط لنشر يومياتهم الدراسية، بفيديوهات معنونة بــ” STUDY WITH ME”.

الباحث في علم الاجتماع محمد أكديد، يعتبر أن هذه السلوكيات “واحدة من الظواهر التي تعيشها الأوطان العربية ضمن التحولات المجتمعية، كنموذج للتفاعل مع الحضارة الغربية”.

تأثير التكنولوجيا على السلوكيات

ويرى أكديد أن “الانفتاح والثورة التكنولوجية، نقلا صورة مرنة لوجود الشباب والشابات في أجواء يسودها الجد والمزاح في آن واحد كما في الكافيهات الدراسية”.

ويؤكد أكديد لـ 24 أن “خطورة اجتماع الجنسين في مكان واحد، يكمن في تأثرهم ببعضهم البعض بعادات سلبية”، أو مثلاً نشوء “علاقات غير صحية لصغر سنهم”.

ويعتبر أن انجذاب الطلبة الجامعيين للدراسة مع أقرانهم “حالة محببة لديهم في اللاوعي، بسبب تأثرهم في النماذج الغربية الشبابية المُسوق لها في عقولهم”.

الفسحة مهرب من الأعباء الدراسية

الاستشاري النفسي والتربوي خليل زيود يعتبر أن اتجاه طلبة الجامعات إلى أماكن الدراسة “ليس ظاهرة، بل قد يكونوا طلاب سكن وبعيدون عن أهاليهم، ويجدون في هذه الأماكن أجواء عائلية”.

ويضيف لـ 24 “غالباً بيوت الطلبة إذا كانوا ضمن سكن جامعي تكون صغيرة، لذا توجههم للدراسة في الكافيهات الدراسية مجالاً للفسحة”.

“فكرة أن يدرس شخص معك، فكرة تجعلك أكثر انغماساً بالمنهاج المقرر” كما يرى زيود، ويضيف: “قيمة الانشغال قليلة جداً في هذه الكافيهات، حيث لا يوجد فسحة سوى الركون للدراسة كما الآخرين”.

ويشير زيود إلى “أهمية تغيير الجغرافية أثناء الدراسة، ما يحفز الحالة النفسية ويضبط إيقاعها”، ويكمل: “أن يدرس أحد ما نفس اختصاصك  الجامعي، وفي نفس الأجواء فكرة محفزة للمنافسة والمتعة أيضاً”.

“وقد تكون هذه التجربة غنية، تعلم الطلبة الكثير من الأدوات الدراسية، أو التعرف إلى طلبة آخرين من جيلهم، ونفس بيئاتهم”.. ما يعتبره زيود عاملاً لتنمية مهارات الاخبار السعودية من خلال التعارف.