«100 سنة غنا».. مشروع علي الحجار حبيس الأدراج يظهر في ثوب «مدحت والأساتذة»

ولد «عليّ» وتعلم على يد الأب الموسيقار والمطرب إبراهيم الحجار، وتقاسم عمره مع شقيقه الراحل أحمد الحجار، وقدمه الموسيقار الكبير بليغ حمدي للجمهور في حفل رأس السنة عام 1977؛ ثم شارك كل الكبار في مسيرته الفنية الحافلة، فجلس أمام عود سيد مكاوي يغني رباعيات صلاح جاهين، وكان له النصيب الأكبر من ألحان عمر خيرت، وصادق عمار الشريعي الذي لقبه بـ«صوت قلبي»، علي الحجار الاسم المشترك بين كل الكبار.
الغناء لم يكن -فقط- موهبة الحجار ومهنته، بل إيمانه الأعظم؛ الأمر الذي جعله يبحث أن يكون مجددًا في الأغنية الشبابية، ثم خاض مضمار الدراما التلفزيونية، وبات صوته علامة مميزة للتترات والأغاني الداخلية، ولم يغفل أن يقدم توزيعات جديدة لأغاني الكبار وتجلى ذلك في «داري العيون» لـ محمد فوزي؛ التي طرحها ضمن ألبومه الأشهر «أعذريني» عام 1981، ومن عشقه لـ«فوزي» أعاد تقديم «راح توحشيني» عام 2018، وقدمها ضمن حفله في مهرجان الموسيقى العربية.
واستمر علي الحجار، في طريق الإبداع مستنيرًا بإسهامات رواد الموسيقى والغناء، ليقدم أغنية محمد عبدالوهاب «جفنه علم الغزل» الصادرة ضمن ألبوم «في قلب الليل» من إعادة توزيع مودي الإمام عام 1986، ثم «سهرت منه الليالي» التي أنشدها في أكثر من حفل، وحللها تفصيلا مع الملحن الراحل عمار الشريعي في برنامجه «سهرة شريعي».. فبعد كل ما سبق؛ كان من الطبيعي أن يكون حلم علي الحجار هو «100 سنة غنا».
ما سبق عزيزي القارئ، كان مقدمة لابد منها؛ لتمهيد الطريق إلى حلم من أحلام علي الحجار وهو مشروع «100 سنة غنا»؛ والذي قدّم به الفنان دراسة متكاملة لوزارة الثقافة -أثناء تولي الدكتور فاروق حسني مقاليدها- منتظرًا أن يلقى الاهتمام ويترجم على هيئة خطوات تنفيذية، ولكنه ظل حبيس الأدراج.
حمل «الحجار» على عاتقه مسؤولية الترويج للحلم، فبات يتحدث عن المشروع في وسائل الإعلام كافة، وما أن يخرج للقاء صحفي أو تلفزيوني أو إذاعي حتى يُذكّر المسؤولين بحلمه الذي يستهدف إزالة الغبار عن التراث الموسيقي ، وإعادة تقديمه وتكريم أصحاب الفضل فيه من آباء الأغنية المصرية مثل: «محمد عثمان – سيد درويش – زكريا أحمد – السنباطي – القصبحي» وصولا إلى ألحان بليغ حمدي.
وأنا ككاتب هذه السطور، سبق وأجريت حوارا منذ 6 سنوات مع الفنان علي الحجار، وروى فيه تفاصيل مشروع «100 سنة غنا»؛ ليؤكد بحثه المستمر عن جهة إنتاجية لتبني المشروع، مؤكدًا تنازله عن أجره تماما في سبيل «الارتقاء بذوق الشعب.. وإحياء هذا الكنز الفني».
الأرشيف الإلكتروني مليء بعشرات المقالات، والموضوعات الصحفية، واللقاءات التلفزيونية، التي تؤكد سعي الفنان المخلص حول هذا المشروع، الذي اعتبره حلمًا عمره قد جاوز الـ20 عاما ولكنه لم يتحقق، فما عليك عزيزي القارئ سوى كتابة «100 سنة غنا» ومحركات البحث ستشير بحقوق الملكية الفكرية كاملة للفنان علي الحجار.
يوم 19 يونيو الماضي، ظهر الفنان مدحت صالح في مؤتمر صحفي بصحبة الدكتور خالد داغر رئيس دار الأوبرا المصرية، للإعلان عن تفاصيل مشروع سُمي «مدحت والكبار»؛ والذي يستهدف الحفاظ على ما تبقى من تراث الغناء، وقال: «سنختار مجموعة من الملحنين الكبار ونعيد توزيع أعمالهم، حتى نُحدث التخت الشرقي ويتحول إلى أوركسترا، سيتم إعادة صياغة أعمال الكبار على يد الموزعين الأكفّاء»، وفقًا لتصريحات مدحت صالح بالمؤتمر الصحفي.
وفي السياق ذاته، تم الإعلان عن أولى حفلات مشروع مدحت صالح، الذي كُتب له الخروج للنور سريعا رغم تطابق محتواه مع المشروع الحجاري حبيس الأدراج، وذلك يوم 7 يوليو المقبل، والمصادفة أن هذا اليوم أيضًا سيقف علي الحجار على مسرح قاعة «إيوارث» بالجامعة الأمريكية .
«مش شايف تعارض كبير بين المشروعين»، هكذا كان تعليق الدكتور خالد داغر، رئيس دار الأوبرا المصرية، في تصريحات صحفية، في رد على سؤال حول الاختلاف بين مشروع «100 سنة غنا» و«الأساتذة» المنسوب لـ مدحت صالح.
وأشاد «داغر» بتطلع علي الحجار المستمر لتطوير الأغاني التراثية، وتقديمها بتوزيعات متطورة تلائم السوق والأذواق والتطور، وما سبق ليس التعليق الوحيد.
ففي مداخلة هاتفية مع الإعلامية لبنى عسل، مر رئيس دار الأوبرا، على هذا الملف سريعا، قائلا: «مشروع الأساتذة سيقدم شكلا مختلفا للأغاني المصرية والعربية القديمة، وكان دائما يوجد محاولات لتطوير الألحان القديمة وإعادة تقديمها بتوزيعات جديدة، وتميز بذلك الفنان علي الحجار».
لم يعلن داغر، موقفه من المشروع الحجّاري «100 سنة غنا» ولم يتطرق إلى التشابه الذي يصل إلى حد التطابق مع «مدحت والكبار»، مثلما لم يفسر سبب عدم تطبيقه وهل من خطوات لاحتواء الأمر؟ أم لا.
قال الفنان مدحت صالح، إن مشروع «الأساتذة» حلم يراود خياله منذ زمن بعيد، مشيرا إلى بدء تطبيق الفكرة منذ عام 2014 بإعادة صياغة بعض أعمال أساتذة من الأجيال السابقة بشكل الموسيقى الاوركسترارية.
وأضاف خلال لقاء لبرنامج «Lite Show»، المذاع عبر شاشة «الحياة» مساء الجمعة، أن المشروع يستهدف الخروج عن إطار تخت الموسيقى الشرقية، معقبا: «قدمت التجربة مرتين عام 2014.. وتوقفت لأنها فكرة مرهقة في إطارها الفردي وتحتاج مجهودا ضخما ودعما».
ولفت إلى اختياره مجموعة كبيرة من أساتذة الملحنين أمثال: (محمد عبد الوهاب- فريد الأطرش- محمد فوزي- كامل الطويل- محمد الموجي- بليغ حمدي- عبد الحميد السيد- سراج عمر)، مشيرا إلى تميز المشروع في منح الفرصة أمام جميع المطربين لاختيار أعمال الأساتذة المفضلة وإعادة صياغتها بتوزيع جديد.