حوادث وقضايا

بعد القبض على مشاهير صانعي المحتوى.. كيف كشفت الجارديان استخدام تيك توك في غسيل الأموال والاستغلال الجنسي؟




محمد حسين



نشر في:
الأحد 3 أغسطس 2025 – 11:09 ص
| آخر تحديث:
الأحد 3 أغسطس 2025 – 11:09 ص

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 7 من مشاهير تطبيق “تيك توك” خلال أسبوع واحد، بعد توجيه اتهامات لهم بنشر محتوى خادش للحياء، والتحريض على سلوكيات منافية للآداب العامة، والتربح غير المشروع من وراء بث مقاطع مصورة تخالف القيم المجتمعية.

وشملت القائمة أسماء أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، من أبرزهم: “مداهم”، و”سوزي الأردنية”، و”أم سجدة”، حيث انتشرت مقاطع لهم تتضمن إيحاءات جنسية وسلوكًا اعتبره المتابعون متجاوزًا، الأمر الذي استدعى تحركًا عاجلًا من الأجهزة المختصة.

وتزامنًا مع هذه الحملة، أعادت القضية فتح ملف التجاوزات على منصة “تيك توك” دوليًا.

وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير موسع، تفاصيل صادمة وردت في دعوى قضائية رفعتها ولاية يوتا الأمريكية ضد منصة “تيك توك”، اتهمت فيها الشركة بتجاهل استغلال ميزة البث المباشر “TikTok Live” في جرائم خطيرة شملت الاستغلال الجنسي للأطفال وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأوضحت الوثائق غير المنقحة، التي أفرج عنها مكتب المدعي العام لولاية يوتا، أن تيك توك كانت على دراية منذ سنوات بإساءة استخدام خاصية البث المباشر، لكنها تلكأت في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف تلك الانتهاكات.

وبحسب الدعوى، أجرت “تيك توك” تحقيقًا داخليًا أطلقت عليه اسم “مشروع ميراميك” في عام 2022، كشف عن أن ما يقرب من 400 ألف مستخدم للبث المباشر تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا، وأن عددًا كبيرًا من القُصّر كانوا يؤدون أعمالًا جنسية موحية مقابل “هدايا رقمية” تُحوّل لاحقًا إلى أموال حقيقية.

وأشار التقرير إلى أن بعض المراهقين رفعوا لافتات خلال البث كتبوا عليها عبارات مثل: “الوردة = قول كلمة بابا”، و”الآيس كريم = دوران كامل”، و”الكون = قص القميص”، في إشارة إلى ما سيفعلونه عند تلقي نوع معين من الهدايا.

وأضافت الدعوى أن خاصية الإبلاغ الداخلي التي توفرها المنصة لم تكن فعّالة، حيث تلقّى المبلّغون ردودًا من تيك توك تفيد بأن المحتوى المُبلغ عنه “لا ينتهك سياسات الاستخدام”، ما أثار مزيدًا من الغضب والقلق من تساهل الشركة مع المحتوى المؤذي للأطفال.

كما كشفت وثائق الدعوى عن مشروع آخر داخل الشركة سُمّي “مشروع جوبيتر”، أُطلق عام 2021، وركز على كيفية استخدام خاصية البث المباشر في عمليات غسيل الأموال. وخلصت التحقيقات إلى أن أفرادًا استغلوا المنصة في بيع المخدرات وتنفيذ عمليات احتيال وتمويل منظمات إرهابية.

رغم خطورة هذه النتائج، ذكرت الدعوى أن “تيك توك” لم تتخذ أية إجراءات جادة لكبح جماح هذا النشاط الإجرامي، بل إن بعض الوثائق أشارت إلى أن البث المباشر كان يدرّ أرباحًا هائلة على الشركة، مما جعلها “تبطئ عمدًا في تطبيق أدوات السلامة”.

واتهم المدعي العام لولاية يوتا، شون رييس، المنصة بالربح من استغلال الأطفال، قائلاً في بيان: “من غير المقبول أن تُعرض المنصة القُصّر على الهواء مباشرة، وهي تعلم بالخطر، وتفهم الضرر، ومع ذلك تواصل جني الأموال من استغلال أطفالنا”.

في المقابل، رفضت شركة تيك توك هذه الاتهامات، واعتبر متحدث باسمها أن الدعوى “تتجاهل الإجراءات الاستباقية” التي اتخذتها المنصة، مضيفًا أن “الشكوى تختار عبارات مضللة ووثائق قديمة وتخرجها عن سياقها لتشويه صورة الشركة”، مؤكّدًا أن استخدام البث المباشر محصور بمن تجاوز 18 عامًا، مؤكدة أن المنصة توفر أدوات أمان قابلة للتخصيص.

وتأتي هذه التطورات في سياق حملة قانونية أوسع تخوضها عدة ولايات أمريكية ضد شركات التواصل الاجتماعي، إذ رفعت 13 ولاية بالإضافة إلى العاصمة واشنطن دعاوى مماثلة ضد تيك توك في أكتوبر الماضي، بينما أقامت ولاية نيو مكسيكو دعوى ضد شركة “ميتا” المالكة لفيسبوك وإنستجرام، متهمةً إياها بتسهيل تواصل البالغين مع القُصّر واستدراجهم.

وتتزايد الضغوط على تيك توك في الولايات المتحدة، في ظل تهديدات بفرض حظر وطني على التطبيق بسبب مخاوف من إمكانية استغلاله من قبل الحكومة الصينية، لا سيما وأن الشركة المالكة “بايت دانس” مقرها الرئيسي في بكين.