شعبة الأدوية: الشركات الأجنبية تقلص حجم إنتاجها في السوق المحلية.. وبعضها تستعد للتخارج

محمد فوزي
نشر في:
الأحد 20 يوليه 2025 – 3:40 م
| آخر تحديث:
الأحد 20 يوليه 2025 – 3:40 م
• عوف: هيئة الدواء تحولت من مؤسسة خدمية إلى ربحية.. والرسوم زادت 1000%
• «الصيادلة»: الشركات تضغط على الحكومة لرفع الأسعار وهذا أمر مرفوض
اتجهت بعض الشركات الأجنبية العاملة بقطاع الأدوية بالسوق المحلية، وعلى رأسها «جونسون آند جونسون» إلى تقليص حجم إنتاجها في مصر بنسبة تتجاوز الـ50%، وهو ما أدى إلى نقص عدد كبير من الأدوية الحيوية في الصيدليات، وبيعها بالسوق السوداء بأسعار تزيد بنحو 300% مقارنة بالسعر الرسمي، وفق ما كشف عنه علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التُجارية.
وأضاف عوف خلال تصريحاته لـ«الشروق» أن أغلب الشركات الأجنبية تُفكر في التخارج من السوق المصرية خلال الفترة المقبلة، مرجعا ذلك إلى الخسائر المالية الفادحة التي يتعرضون لها بسبب تدني أسعار بيع منتجاتهم، على حد وصفه.
وأشار إلى أن الشعبة طالبت هيئة الدواء في مطلع الشهر الجاري، بالسماح للشركات برفع أسعار الأدوية 10%، ولكن لم يتم الموافقة على الطلب حتى الآن، وهو ما تسبب في استمرار أزمة نقص بعض الأصناف الحيوية، المخصصة لعلاج الأورام، والأمراض المستعصية.
ويُسعّر الدواء في مصر بطريقة جبرية، حيث تُلزم هيئة الدواء الشركات المصنعة بسعر محدد، بحسب تكلفة الإنتاج، مع وضع هامش ربح مناسب، وذلك للحفاظ على حق المريض في الحصول على العلاج بأسعار مناسبة.
وكانت هيئة الدواء قد سمحت، في يونيو 2024 بزيادة أسعار عدد كبير من أصناف الأدوية بنسبة تتراوح بين 20 و25% لأدوية الأمراض المزمنة، وبنسبة تصل إلى 50% لأدوية الفيتامينات والمكملات الغذائية، وذلك بعد ارتفاع سعر صرف الدولار في البنوك من مستويات الـ30 جنيه إلى حدود الـ50 جنيه.
ورغم استقرار سعر صرف الدولار منذ تحريره في مارس 2024 وحتى الآن، بين مستويات الـ48 والـ50 جنيه، إلا أن رئيس شعبة الأدوية يقول: « إن تكلفة الإنتاج ارتفعت بنسبة كبيرة بسبب زيادة أسعار المحروقات، وخدمات النقل، وأجور العمال، وهو ما دفع الشركات للمطالبة بزيادة أخرى خلال الشهر الجاري».
ولفت عوف إلى أن زيادة الأسعار في العام الماضي، لم تكن مُرضية لبعض الشركات التي تنتج أدوية الأورام والهرمونات، وهو ما يُفسر سبب استمرار السوق السوداء لبيع هذه الأصناف.
ويرى رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن ارتفاع أسعار الأدوية سيكون في مصلحة المريض، مبررا ذلك بأن الزيادة السعرية ستتيح للشركات زيادة إنتاج الأصناف المنتقصة من السوق مرة أخرى، وهو ما سيقضي على السوق السوداء بشكل نهائي.
وأوضح أن رسوم الخدمات التي تُحصلها هيئة الدواء من الشركات ارتفعت بنسبة تجاوزت الـ 1000% خلال الـ4 سنوات الماضية، متابعا: «هيئة الدواء تحولت من مؤسسة خدمية غير هادفة إلى الربح إلى مؤسسة ربحية من الدرجة الأولى».
وتابع أن الشركات لديها رغبة في التنازل عن طلبها الأخير في زيادة الأسعار، بشرط تخفيض رسوم الخدمات من هيئة الدواء بنسبة لن تقل عن 75%، مشيرا إلى أن تخفيض الرسوم يُحافظ على استقرار أسعار الأدوية بالسوق المحلية، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف عوف: «هيئة الدواء كانت سبب رئيسي في اختلاق سوق سوداء لعديد من الأصناف الحيوية»، مشيرا إلى ضرورة وجود مرونة في التعامل مع الشركات حتى لا تعزف عن الإنتاج نهائيا.
وفي بداية العام الماضي، عانت السوق المحلية من نقص حاد في جميع أصناف الأدوية تقريبا، بسبب توقف الشركات عن الإنتاج لحين السماح لهم برفع الأسعار، لتتناسب مع زيادة سعر الصرف التي حدثت في مارس 2024.
وبعد السماح للشركات بزيادة أسعار الدواء في يونيو 2024، بدأت المشكلة تتلاشى تتدريجيا، مع توفر أغلب الأصناف بشكل طبيعي في الصيدليات، ولكن ظلت أدوية الأورام، وبعض الأمراض الأخرى، تعاني من نقص حتى الآن.
وذكر رئيس الشعبة بعض الأصناف التي تُباع حاليا سوق سوداء بسبب عدم توافرها، مثل «ثرومبونورم»، لعلاج ارتفاع مستوى الصفائح الدموية بسبب مشاكل نخاع العظم، و«ريميكاد» حقن وريدي، و«سولو ميدرول حقن»، و «مينالاكس» لعلاج القولون، و«هوليو» لعلاج المفاصل، و«لوجيماكس» لعلاج ضغط الدم، والقائمة تطول، على حد وصف عوف.
ولكن على الجانب الآخر، يرى محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة، إن الشركات تمارس ضغوطا غير مبررة على هيئة الدواء للسماح لها بتحريك الأسعار، وهو أمر مرفوض تماما.
وأضاف رمزي خلال تصريحاته لـ«الشروق» أن عددا قليل جدا من أصناف الدواء تحتاج إلى تحريك الأسعار، بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج هذه الأصناف فقط، والتي تحتاج إلى تكنولوجيا عالية في عمليات التصنيع، ولكن دون ذلك فالأسعار الحالية مُرضية جدا.
وأشار إلى أن القانون يسمح لشركات الأدوية بالمطالبة بزيادة الأسعار في حالة زيادة سعر صرف الدولار 15% كحد أدنى، وهو ما لم يحدث منذ مارس 2024، لذلك لن توافق هيئة الدواء على الطلب الأخير للشركات بالزيادة 10% للأسعار.
ويرى أنه يجب أن يكون هناك مرونة من هيئة الدواء للتحريك العادل لبعض الأصناف فقط، والتي تمثل خسائر مالية للشركات المنتجة، مشيرا إلى أن هذا التحريك الطفيف لعدد محدود جدا من الأصناف سيحافظ على توافرها بالسوق المحلية.
ولفت إلى أن الشركات قد تخسر من إنتاج بعض الأصناف، ولكنها تعوضها من أصناف أخرى يتم بيعها بسعر مرتفع مقارنة بتكلفة الإنتاج، كما أن تواجد هذه الشركات بالسوق المصري يُعد مكسب كبير لهم، بسبب السوق الاستهلاكي الكبير والذي يتجاوز الـ100 مليون مواطن، فضلا عن سهولة تصدير المنتجات لعدد كبير جدا من الدول.