اقتصاد

قانون الإيجار القديم.. الملاك والمستأجرون في انتظار حسم مصير التصديق على التعديلات




شريف حربي



نشر في:
السبت 2 أغسطس 2025 – 5:57 م
| آخر تحديث:
السبت 2 أغسطس 2025 – 5:57 م

مستأجر: نوافق على زيادة القيمة الإيجارية بشرط عدم الطرد.. وسنتقدم بدعاوى قضائية لإلغاء القانون حال تطبيقه
أحد الملاك: التعديلات ثورة تشريعية واقتصادية ستغير وجه مصر.. والقانون به انتقالية كافية تحافظ على السلم الاجتماعى
«اتحاد مستأجرى الإيجار القديم»: يجب التعامل بروح القانون لا بنصوصه الجامدة
رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة: جهات أجنبية تحاول بث الفتنة بين المواطنين وتحرّض المستأجرين
مصدر حكومى: التعديلات راعت تحقيق التوازن بين مصالح المالك والمستأجر دون الإضرار بأى طرف

يترقب الملايين من الملاك والمستأجرين قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن التصديق على التعديلات التى أقرها مجلس النواب على قانون الإيجار القديم، يوم 2 يوليو الماضى، فى حين لم يتم الكشف عن توقيت إرسال القانون الجديد إلى الرئيس للتصديق عليه خلال الفترة الدستورية المقررة لذلك وهى 30 يومًا من تاريخ إرساله إلى الرئيس بغض النظر عن موعد إقراره فى مجلس النواب.

وفى الوقت الذى تسود فيه حالة من القلق والتخوف بين المستأجرين خشية فقدان وحداتهم السكنية الخاضعة للقانون، تعم أجواء من الفرحة صفوف الملاك ترقبًا لاستعادة ممتلكاتهم بعد عقود طويلة من التجميد، فيما تتعهد الحكومة بعدم طرد أو تشريد أى مواطن، من خلال توفير وحدات سكنية بديلة للمستحقين.

وقال حمادة الملا، أحد المستأجرين بمنطقة جسر السويس بالقاهرة: «لن نقبل بهذا القانون حال تصديق رئيس الجمهورية عليه، لأنه غير قانونى وغير دستورى، وأمتلك عقدًا قانونيًا مع المالك وُقّع برضاه دون أى إجبار، فلماذا تتدخل الحكومة الآن لإخراجنا من وحداتنا عبر قانون جديد؟».
وأضاف الملا، فى تصريحات لـ«الشروق»، أنه على مشارف التقاعد خلال أشهر قليلة، متسائلًا: «كيف لى أن أوفر مبلغًا ماليًا للحصول على وحدة سكنية بديلة؟ الحكومة لم تطرح وحدات بديلة دون مقابل، ومن المؤكد أننا سندفع مبالغ لا تتناسب مع دخولنا المحدودة».
وأوضح أنه حصل على الوحدة السكنية التى يقطن بها حاليًا بدون تشطيب قبل عام 1992، وقام بتشطيبها فى ذلك الوقت بتكلفة بلغت 35 ألف جنيه، كما طالبه اتحاد الملاك لاحقًا بدفع 7 آلاف جنيه للمساهمة فى تركيب مصعد للعمارة، مضيفًا: «دفعت ما مجموعه 47 ألف جنيه فى التسعينات، وهو مبلغ كبير وقتها، وفى النهاية يُطلب منى أن أترك هذه الوحدة مقابل الحصول على أخرى بديلة، حتى وإن كانت مدعومة، وفى مكان مختلف».
وتابع: «نوافق على زيادة القيمة الإيجارية الشهرية، شرط عدم إنهاء العلاقة الإيجارية التى تعد مخالفة للقانون والدستور»، موضحًا أنه فى حال تطبيق القانون سنتقدم بدعاوى قضائية لإلغائه.

وقال أحمد مجدى، أحد المستأجرين بنظام الإيجار القديم فى منطقة المهندسين، إن تطبيق القانون الجديد سيمثل ظلمًا كبيرًا للمستأجرين، مؤكدًا أن الدولة تغافلت عن أن كثيرًا من المستأجرين دفعوا «خلوًا» يُعادل نصف قيمة الوحدة السكنية وقت تحرير العقد.
وأضاف مجدى، فى تصريحات لـ«الشروق»، أن التصديق على القانون وتطبيقه يُعد من وجهة نظره «إهدارًا لأموال المستأجرين»، متسائلًا: «هل ستوفر الحكومة بدائل للمستأجرين مجانًا أم سيدفعون ثمنها فى ظل موجة التضخم التى ضربت سوق العقارات، وارتفاع أسعار مواد البناء؟».
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من المستأجرين من كبار السن وأصحاب المعاشات والأمراض المزمنة، ولا يمكنهم العيش فى أماكن بعيدة عن مناطق نشأتهم التى يرتبطون بها اجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا، مشيرًا إلى أن والده حصل على الشقة الحالية منذ التسعينيات، وكانت حينها سطحًا فوق العقار، وقام ببنائها بالكامل على نفقته الخاصة، فى وقت كانت فيه قيمة الجنيه المصرى مرتفعة مقارنة بوضعه الحالى.
وتساءل: «لماذا لم يتم تعويض الملاك بوحدات بديلة بدلًا من إخراج المستأجرين من مساكنهم التى عاشوا فيها لعقود؟»، مشددًا على أنه من غير المنصف التمييز بين المستأجرين على أساس الدخل، وأن من حق الجميع غنيًا كان أو فقيرًا، الحصول على وحدة سكنية بديلة دون تفرقة أو تصنيف.

من جانبه، وصف شريف الجعار، رئيس اتحاد مستأجرى عقارات الإيجار القديم، مشروع القانون بأنه «ذبح للمستأجر»، مؤكدًا، فى تصريحات لـ«الشروق»، «ألا توجد لدينا أحوزة عمرانية كافية داخل المدن، فلماذا يتم نقل المستأجرون قسرًا إلى مجتمعات عمرانية مترامية الأطراف؟ وماذا عن كبار السن والمطلقات والأرامل، أو من وُلد وتربى فى حى بعينه، ثم يُفاجأ بنقله قسرًا إلى منطقة أخرى؟».
وطالب الجعار رئيس الجمهورية بإعادة النظر فى مشروع القانون قبل التصديق عليه، قائلًا: «يجب أن نتعامل بروح القانون لا بنصوصه الجامدة، وعلى الرئيس رفض القانون وإعادته إلى البرلمان لإجراء تعديلات تضمن توازنًا بين حقوق المالك والمستأجر».
وأشار إلى أنه رغم صدور 36 حكمًا من المحكمة الدستورية العليا فى قضايا تتعلق بالإيجار القديم، فإن أيًا منها لم يتطرق إلى تحديد مدة العلاقة الإيجارية.

أما من جانب ملاك العقارات القديمة، فقالت جوليا محمد، أدمن رابطة ملاك محافظة الإسكندرية، إنها تمتلك شقة مؤجرة ومغلقة منذ 25 عامًا، مضيفة: «لا أنا استفدت منها ولا المستأجر»، ووصفت هذا الوضع بـ«الكارثة»، مؤكدة أن بعض الجهات والجماعات حاولت «ركوب موجة قضيتنا» والتواصل معنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى لخدمة أجندات خاصة، إلا أننا كنا يقظين ورفضنا الانسياق وراء تلك المحاولات.

وفى السياق ذاته، قالت سحر على عبدالمعطى، عضو هيئة التدريس بقسم الاجتماع فى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وتمتلك عمارة وحداتها مؤجرة وفقا لقانون الإيجار القديم، إن هناك حالة من الفرحة العارمة بين الملاك عقب إقرار تعديلات قانون الإيجار القديم، مضيفة: «منذ أكثر من 80 عامًا لم يحصل الملاك على أى مكتسبات حقيقية، وحتى أبناؤنا لم يكن لهم حق فى مشروعات الإسكان الاجتماعى، ما خلق شعورًا دائمًا بالمرارة».
وأشارت إلى أن الإصلاح التشريعى كان ضروريًا ليس فقط لإنصاف الملاك، بل أيضًا من أجل دعم الاقتصاد المصرى، موضحة أن استمرار الإيجار القديم حرم الدولة من تحصيل الضرائب العقارية المستحقة، فضلًا عن حرمان المواطنين من ترميم وتحسين العقارات القديمة، مما كان يُهدد المظهر الحضارى وسلامة السكان.
وأضافت عبدالمعطى لـ«الشروق»: «إن القانون ثورة تشريعية واقتصادية ستغير وجه مصر، فلم تعد هناك دولة بالعالم تعمل بنظام الإيجار القديم».

وقالت منى راتب، إحدى ملاك العقارات القديمة بمنطقة شبرا فى القاهرة: «أمتلك ثلاثة عقارات وخمسة محال تجارية، ومع ذلك لا أتلقى منهم جميعًا أكثر من ألف جنيه شهريًا، إذ إن بعض المستأجرين يسددون الإيجارات عن طريق المحكمة».
وأضافت لـ«الشروق»: «إن عددًا من الملاك اضطروا إلى دراسة القانون للدفاع عن حقوقهم، مؤكدة أن القانون بفترته الانتقالية، يحافظ على السلم الاجتماعى»، قائلة: «المستأجرون استفادوا من الوحدات لسنوات طويلة، لكن آن الأوان لعودة الحق إلى أصحابه، بعد أن ظلمنا قانون الإيجار القديم المنتهى».

من جانبه، قال رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة مصطفى عبدالرحمن، لـ«الشروق»: «إن هناك جهات أجنبية تحاول فى الوقت الراهن بث الفتنة بين المواطنين من خلال نشر فيديوهات تحرّض المستأجرين على التظاهر؛ بهدف تكدير السلم العام وزعزعة الاستقرار»، مؤكدًا ثقته فى وعى المستأجرين ورفضهم الانسياق وراء «دعوات الخونة»، على حد وصفه.

فى المقابل، أكد مصدر حكومى لـ«الشروق»، أن التعديلات راعت إقامة علاقة متوازنة بين المالك والمستأجر دون الإضرار بأى طرف، موضحًا أن أحدًا من المواطنين المستحقين للسكن لن يُطرد أو يُشرد بعد تطبيق القانون.