فنون

حالة من النوستالجيا وحب الموسيقى.. لماذا نجح مسلسل ريفو في الوصول للجمهور؟

انتهى عرض الجزء الثاني من مسلسل ريفو، الذي حقق نجاحًا كبيرًا انعكس من خلال ردود الأفعال على منصات التواصل الاجتماعي، التي ظهرت بشكل واضح في نسب المشاهدة العالية لأغاني المسلسل، بالإضافة لتصدره التريند بعد أكثر من حلقة، خصيصًا قبل الحلقة الأخيرة عندما تصدر هاشتاج “شادي مات إزاي” منصة تويتر.

وتنوعت الأسباب التي جذبت المشاهدين للعمل، فيما اختلفت التعليقات أيضاً حول أسباب نجاحه وتعلق كثير من الجمهور به.

ونستعرض في التقرير التالي بعض هذه الأسباب على النحو التالي:

أمير عيد والربط بين كايروكي ورفيو
يشارك في بطولة المسلسل المغني أمير عيد “لأول مرة كممثل، وتامر هاشم، أعضاء فرقة كايروكي، حيث تدور أحداث العمل بشكل أساسي حول باند يحاول أن يقدم موسيقى مختلفة ومعبرة عنهم في فترة التسعينيات.

كما يواجه كثير من الصعوبات لكي يصل إلى الجمهور، وهذه التفاصيل جعلت المشاهد يربط بين ريفو وكايروكي بشكل كبير، حتى بعد ظهور أمير عيد، ومؤلف المسلسل محمد ناير في أكثر من لقاء، ونفيهم تقديم قصة نجاح فرقة كايروكي.

فيما رصد المشاهدون التشابه الكبير بين شخصية أمير عيد، وشادي أشرف، الشخصية التي يقدمها في المسلسل، من خلال أداءه وطريقة تفكيره في الموسيقى وإصراره على النجاح وعدم القبول بسيطرة منتجين أو شركاء على الفرقة، بالإضافة لأسلوب الملابس، الذي يميل إلى اللون الأسود أغلب الوقت، و”الجاكيت” الجلد الأسود وهو في الأساس يكاد يكون مطابقاً لجميع إطلالات أمير في حفلاته.

ومن الأمور المتشابهة الأخرى بين شادي وأمير قصة والدته التي أصيبت بمرض الزهايمر مبكرًا، وقد حكى أمير عن علاقته بوالدته ومدى التأثير الذي وقع عليه بعد إصابتها، خصيصًا وأنها كانت شخص داعم له وللفرقة.

كما قدم أغنية “كنت فاكر” تعبيراً عن مشاعره تجاه هذه التجربة القاسية، وقد لعبت الممثلة إيفا شخصية والدة شادي المصابة بمرض الزهايمر في العمل.

*الموسيقى آلة الزمن
في بداية الجزء الأول من المسلسل جزء من مونولوج للفنان محسن محيي الدين، يلعب شخصية حسن فخر الدين المؤلف، ووالد شادي ومريم الشخصيات الرئيسية، حيث يقول: “المزيكا هي آلة الزمن اللي كلنا بنعيش جواها”، حيث تعد هذه الجملة من أكثر المقتطفات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي من المسلسل، خصيصًا أن المؤلف والمخرج يحيى إسماعيل لم يجعلوا منها مجرد جملة عابرة، بل حاولوا التعبير عن هذه الحالة على امتداد الحلقات.

وركز العمل على توضيح حالة التماهي مع الموسيقى والتي تخلقها أغنية مع ذكريات الإنسان، وبرز ذلك جيداً في الحلقات الأخيرة من الجزء الثاني، حينما ظهرت شخصية الفتاة التي تعلقت بشاب وربطتها به قصة حب وزواج بعد إحدى حفلات ريفو في العجمي بالإسكندرية.

واستمر حضورهم لحفلات ريفو، ورغم رحيل الحبيب إلا أن الزوجة استمرت في نشر صور ومقاطع مصورة من حفلات ريفو التي سجلها زوجها أثناء حضورهما سوياً، لأن هذه الحفلات هي أكثر شيء يعبر عن ارتباطهما وحبهما، وفي الحلقة الأخيرة أثناء إعادة تقديم حفلة ريفو بعد مرور سنوات.

وركز المخرج على خلق سلسلة لقطات متتالية للتعبير عن هذه الحالة، من خلال شعور الزوجة بوجود حبيبها معها في نفس الحفل وكأن السنوات لم تمر.

*ريفو وإتقان التفاصيل
تنقسم الأحداث في مسلسل ريفو بين زمنين مختلفين، الأول التسعينيات، والثاني الوقت الحالي، حيث يحكي بالتوازي قصة باند ريفو بقيادة شادي أشرف، وعلاقته المعقدة مع زوج ووالدته حسن فخر الدين والذي يعامله كأب، وعلاقاته العاطفية المتأرجحة بين ياسمين ونور، وعلاقته بأصدقائه في الباند، بينما الحاضر يحكي عن مريم أخت شادي الصغرى وصدمتها بعد اكتشاف حقيقة مرض والدتها وموت شادي شقيقها، وتأثير رحيل شادي على باقي أعضاء الفرقة، لذلك تختلف الأزياء والإضاءة والديكورات في كلا الجزئين.

وقدم العمل درساً في إتقان تفاصيل المراحل الزمنية بقوة، مما حقق نجاحًا آخر للمسلسل لأنه استهدف جيل التسعينيات بذكرياته، التي رآها متجسدة في العمل، بالإضافة إلى الأجيال الجديدة من جمهور فرقة كايروكي، وبناء المعادل البصري للمرحلة الزمنية بشكل صحيح خلق حالة من الحنين للماضي من المشاهدين وزاد تعلقهم به.

ولكن من العيوب التي علق عليها البعض فيما يتعلق بالسيناريو، أن هناك بعض التفاصيل كان من المنتظر تفسيرها وخاصة أنه تم التأسيس لها في الجزء الأول، مثل إصابة ماجد جورج –أحد أعضاء الباند- بحادث تسبب في قطع ذراعه.

فلم تؤثر هذه التفصيلة الدرامية في الحدث سواء في الجزء الأول أو الثاني، رغم التمهيد لكون هذه الإصابة ترتبط بحادث موت شادي، وإذا تم تغيير هذه التفصيلة فإنها لن تحدث أي تأثير في السياق الدرامي، بالإضافة إلى علاقة مروان –صدقي صخر- وشقيقة ياسمين كان ينتظر الجمهور معرفة كيف فشلت هذه العلاقة وتزوج نعمان أحد أعضاء الباند منها رغم علمه بحب صديقه لها.

وعلى الرغم من ذلك فقد نجح السيناريو بشكل كبير في العمل على نقطة البناء الدرامي الجيد، التي وصفها علي أبو شادي في كتابه “سحر السينما”: “البناء الدرامي من أهم وظائفه تزويد المتلقي بالمعرفة وكلما كثرت المعرفة التي تصل إليه كان العمل أكثر قيمة وكلما كثرت اكتشفاته التي يحققها سواء على مستوى النفس البشرية أو العلاقات كان ذلك جيداً، وإذا كان الإنسان هو موضوع العمل الفني فإن الدراما بمفهومها الواسع هي تصادم الطباع المعبر عنه من خلال الفعل وينشأ الصراع نتيجة هذا التصادم، تصادم الشخصيات والإرادات، وإذا استند تطور الصراع على الشخصيات المرسومة بوضوح فإن ذلك يعد عملا فنياً جيداً”.

حاول المسلسل على مدار الحلقات تزويد المتفرج بمعلومات عن الشخصيات بشكل لا يصيبه بالملل أو يجعله يعلم كل الحقيقة مرة واحدة مما ساعد على جذب الانتباه، بالإضافة إلى تطور الشخصيات وتعقيدها.

فقد يبدو شادي شخصاً مثالياً يريد مصلحة الفريق وتحقيق النجاح وتقديم موسيقى مختلفة وجديدة بعيداً عن حسابات المال، وقد يراه آخرون شخصًا مذبذبًا ومترددًا وغير حاسم خاصة في علاقاته العاطفية.

فيما أن شخصية ياسمين، سارة عبد الرحمن، المسيطرة القوية تنذر بتصرفاتها فيما بعد وتجعل خطواتها غير غريبة ومبررة للمشاهد فهي ترسم كل شيء وفق رؤيتها الشخصية وتتصرف بناء ذلك بعيداً عن آراء الآخرين، فهي من أحد الجوانب تضحي من أجل مصلحة شادي ولكن من جانب آخر فهي شخصية دكتاتورية مسيطرة، اختلاف الإرادات والتعقيد ساهم في خلق حالة جيدة من الصراع وتصاعد الأحداث وفق لما ذكره أبو شادي.