اخر الاخبار

أسقط عن لبنان حجة «الدفاع عن النفس»

تحالف بارزاني – طالباني الأقرب لحكم إقليم كردستان

بعد أن نجح إقليم كردستان وقواه السياسية في اجتياز عتبة انتخابات برلمان الإقليم من دون اعتراضات وعمليات «تشكيك» كبيرة على نتائجها الأولية، تقف القوى السياسية في الإقليم، أمام استحقاق لتشكيل الحكومة الجديدة.

ومع أن المفاوضات الحزبية، سواء على مستوى الحكومة الاتحادية في بغداد، أو الإقليمية في كردستان، غالباً ما تواجه صعوبات وتعقيدات بالغة الشدة نتيجة الصراعات السياسية بين الأحزاب المتنافسة وتساهم عادة في تأخير الاتفاق عليها لأشهر طويلة، فإن الآمال في تشكيل حكومة للإقليم خلال وقت قياسي قابلة للتحقق، بالنظر لـ«الحاجة السياسية والاقتصادية والأمنية الماسة لحكومة فاعلة»، بحسب مراقبين كرد.

التحالف الأقرب

ورغم وجود سيناريوهات متعددة للتحالفات، فإن الترجيح الأكثر وضوحاً يتمحور حول إعادة التحالف التقليدي بين الحزبين الرئيسين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني» بزعامة بافل طالباني رغم التنافس والخصومات الشديدة بينهما خلال السنوات الأخيرة الماضية.

ويستند هذا الترجيح إلى النتائج المعلنة التي حقق فيها الحزبان تفوقاً واضحاً على بقية الأحزاب، ما يحقق لهما نوعاً من الأريحية في تشكيل الحكومة بعيداً عن الكتل الصغيرة التي «يصعب إرضاؤها» في أحيان كثيرة، بحسب مصدر كردي.

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

وبحسب النتائج الأولية للدورة السادسة لبرلمان الإقليم المؤلف من 100 مقعد، سيحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعداً، والاتحاد الوطني الكردستاني على 23 مقعداً، ومن الواضح أن حاصل جمع مقاعدهما يشكل نحو ثلثي البرلمان، ما يمكنهما من تشكيل الحكومة بسهولة.

وعلاوة على الأسباب الداخلية الكثيرة التي تساهم بالإسراع في تشكيل حكومة الإقليم واتفاق الحزبين، تأتي النصائح الأميركية لتعطي زخماً جديداً في هذا الاتجاه.

وحثت وزارة الخارجية الأميركية الأحزاب السياسية في إقليم كردستان على الانخراط في «حوار سريع ومستدام» لتشكيل «حكومة مستقرة وتمثيلية بسرعة ودون تأخير».

وقال نائب المتحدث باسم الوزارة، فيدانت باتيل، بحسب «شبكة رووداو» الكردية، إن «تعزيز القيم الديمقراطية يشكل أولوية رئيسية للحكومة الأميركية، لأنه يعزز الاستقرار العالمي ويقوي التحالفات، وإن ذلك يشكل جزءاً لا يتجزأ من مصالح الولايات المتحدة في إقليم كردستان وخارجه».

وأشار باتيل إلى أن الولايات المتحدة تحث بقوة الأحزاب السياسية الآن «على الانخراط في حوار سريع ومستدام، لتشكيل حكومة مستقرة وتمثيلية بسرعة ودون تأخير، وعلى الكرد إيجاد طريقة لتجاوز خلافاتهم وتشكيل حكومة».

مفاوضات شاقة

تشير تكهنات إلى رغبة «الاتحاد الوطني» في الحصول على منصب رئاسة وزراء الإقليم في الحكومة الجديدة، وينفي سياسي كردي رفيع ذلك، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صيغة للتحالف بين الديمقراطي والاتحاد شبه مؤكدة بالنظر لفوزهما وللتجارب السابقة، لكنهما بلا شك سيخوضان مفاوضات عسيرة».

وأضاف السياسي: «من شبه المؤكد أن الاتحاديين لا يرغبون بمنصبي رئيس الإقليم أو رئيس الوزراء، لكنهم سيخوضون مفاوضات عسيرة مع الديمقراطي على هذين المنصبين بهدف الحصول على أكبر قدر من المناصب دونهما في الحكومة وقضايا أخرى تتعلق بامتيازات مالية واقتصادية وسياسية».

ويستبعد المصدر أن تكون لجماعة «الجيل الجديد» رغبة في المشاركة بالحكومة، لأنها تعارض الحزبين، وهي لا تريد تكرار تجربة «حركة التغيير» التي شاركت في الحكومة السابقة وخسرت كل شيء تقريباً.

أنصار بافل طالباني يحتفلون في السليمانية بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

ويتفق الباحث في الشأن الكردي كفاح محمود على إمكانية شراكة حكومية بين الحزبين الرئيسين.

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ 2006 والحزبان الديمقراطي والاتحاد يأتلفان بحكومة واحدة رغم كل خلافاتهما السياسية وتنافسهما في الحكم، لكنهما يدركان أن أي واحد منهما لا يستطيع تشكيل حكومة بمفرده أو حتى مع الآخرين».

ويعتقد محمود أن ذلك الإدراك متأت من «سبب جوهري، هو أنهما يمتدان تاريخياً إلى أكثر من نصف قرن في نضالهما رغم خلافاتهما السياسية، لكنهما نجحا في تأسيس جبهة سياسية بقيادة الحزبين والرئيسين بارزاني وطالباني، حررا بها إقليم كردستان في انتفاضة الربيع عام 1991 وبها أيضا، تفاوضا مع صدام حسين ثم مع القوى العراقية بعد سقوط النظام».

وبسبب امتلاك الحزبين قوى عسكرية في مناطق نفوذهما وثقلهما الاجتماعي، والكلام لمحمود: «فمن الصعوبة تفرد أحدهما بتشكيل حكومة وحده، فلا مفرّ من حكومة قوية من الحزبين الرئيسيين».

ويعتقد محمود أن «الوقت قد حان لبلورة معارضة وطنية في البرلمان من الأحزاب الصغيرة لمراقبة أداء حكومة الحزبين دون المشاركة معهما وبذلك يتحقق شعار لا حكومة قوية إلا بوجود معارضة برلمانية وطنية أقوى!».

ويضيف أن «الحزبين اليوم أمام تحدٍ كبير في ترجمة النجاحات التي تحققت في الانتخابات إلى فعل وطني بتشكيل حكومة وطنية تتفرغ لخدمة المواطنين وحل الإشكاليات المعقدة مع بغداد ومع كل من تركيا وإيران».

موظفون حكوميون خلال إغلاق صناديق الاقتراع في أربيل 20 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

برلمان سادس

كان لافتاً، في الانتخابات الأخيرة في الإقليم، الإقبال على التصويت؛ إذ بلغت النسبة 72 في المائة، بعدما كانت معطيات تشير إلى تراجعها عن نسبة انتخابات الدورة الخامسة عام 2018، التي لم تتجاوز سقف الـ40 في المائة.

ويعتقد خبراء، أن إقليم كردستان يسبق العراقَ في نموذجه البرلماني، إذ أجريت أول انتخابات في هذا الكيان الكردي عام 1991.

قبل ذلك، كانت المفاوضات قد فشلت بين نظام صدام حسين، والأحزاب الكردية، في تطوير صيغة الحكم الذاتي، ليقرر حزب البعث سحب جميع مؤسساته، وواجه الإقليم فراغاً إدارياً وقانونياً.

واضطر هذا الوضع القوى الكردية إلى مواجهة الفراغ، عبر إجراء أول نظام برلماني بانتخابات تهدف إلى إدارة الإقليم وتثبيت سلطاته. ومنذ ذلك العام، فشلت القوى الكردية في إجراء الانتخابات بسبب خوض فصائلها المسلحة حروباً داخلية دامية.

وكانت المعارك تدور بين أبرز فصيلين؛ الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني. سقط فيها آلاف من القتلى والجرحى. وكانت منطقة الفاصلة بين مدينتي أربيل والسليمانية عند منطقة «ديكلة» خط تماس، وشاهداً على الصراع الدموي.

وشهدت المعارك تدخل فصائل كردية من إيران وتركيا، كما لعبت القوات الإيرانية والعراقية دوراً في إذكاء الصراع، كما تدخلت القوات الأميركية.

عام 2005، أقرّ دستور العراق صيغة فيدرالية لإقليم كردستان في شمال البلاد، تديره حكومة من برلمان منتخب. وللإقليم موقع جيوسياسي حساس، إذ تحاذيه سوريا في الغرب، وتركيا في الشمال، وإيران في الشرق، ويقطن فيه العرب والتركمان والسريان والكلدان والآشوريون، ومعظم السكان من المسلمين، وهناك أقليات دينية كالإيزيدية والشبك والكاكائيين والمسيحيين.

وكان من المفترض أن تجري الانتخابات الحالية قبل عامين، لكنها تأجلت 4 مرات بسبب تعقيدات داخلية، وأزمات سياسية عراقية وإقليمية.

ويقول نواب كرد إن برلمان كردستان أقرّ منذ تشكيله جملة قوانين، أبرزها «الاستثمار، والنفط والغاز، ومكافحة الإرهاب، ومناهضة العنف الأسري، ومجلس أمن كردستان، وحماية وتحسين البيئة».