أمريكا إمبراطورية الدم والدمار .. ترفض حق الشعوب في الحياة

- أمريكا وداعش وجهان لـ عملة واحدة .. راعية الإرهاب الناعم تحت غطاء حقوق الإنسان
- دولة ترتدي أقنعة زائفة وتغتال الشعوب باسم الحرية .. ديمقراطيتها سلاح يبتلع الثروات ويحطم الأوطان
- من أبو غريب إلى غزة .. واشنطن عرّابة الفوضى العالمية وخصم الشعوب في معارك تقرير المصير
- متى يحاكم الأمريكان على جرائمهم ضد الإنسانية ؟ .. سجون وقنابل وفوضى وإحتلال وازدواجية قاتلة
يمثّل رفض الولايات المتحدة الاعتراف بقرار حلّ الدولتين مؤشرًا واضحًا على انتهاكها لحقوق الإنسان، لأنه يضرب في أساس مبدأ تقرير المصير، الذي يُعدّ من الحقوق الأساسية المعترف بها في القانون الدولي.
الشعب الفلسطيني، ككل شعوب العالم، له حق أصيل في إقامة دولته المستقلة. وهو حق أقرّته الأمم المتحدة، وتجاوزه أو إنكاره من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية يعكس ازدواجية في معاييرها، إذ تدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنها ترفض هذا الحق لشعب يعيش تحت الاحتلال.
حلّ الدولتين هو تجسيد لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذا يجعل موقف الولايات المتحدة غير متوافق مع القيم التي تزعم الدفاع عنها. فهل يمكن لدولة تدّعي الحرية والاستقلال أن تكون مرجعًا عالميًا في حقوق الإنسان؟
لقد قررت الحكومة الأمريكية الجديدة أن تنشر “الديمقراطية” وفق معاييرها ومصالحها، متجاهلة حقوق الشعوب في اختيار أنظمتها. فأين العدالة في الديمقراطية الأمريكية؟ ماذا عن حقوق السكان الأصليين في أمريكا، والسود الذين عانوا من التمييز والعبودية؟
أين مفهوم العدالة من المآسي التي لحقت بشعبي هيروشيما وناجازاكي؟ وما موقف الديمقراطية وحقوق الإنسان من المجازر التي ارتكبتها أمريكا في فيتنام؟ حين سُئل الرئيس الأمريكي ليندون جونسون: “هل بينكم وبين الفيتناميين صراع مصالح؟ وهل يشكلون خطورة على أمن الحكومة الأمريكية؟” كانت الإجابة أقبح من الفعل، إذ قال إن السبب هو الخوف من إغلاق مصانع السلاح الأمريكية، التي ستتوقف دون وجود حرب… دون أي احترام لحقوق الإنسان.
فأين حقوق الإنسان عندما تتولى وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) إسقاط أنظمة الحكم في الكثير من دول العالم، وتعريضها لحروب أهلية وفوضى كما حدث في ليبيا وتونس؟ بأيّ حق قامت أمريكا بغزو العراق، واستباحت أرضه، وأعدمت قياداته، لتُرسل رسالة للقادة العرب مفادها: “من لم يسر في ركبنا، فمصيره سيكون كهذا”؟
ماذا عن حقوق الإنسان في العراق؟ ماذا عن عمليات التعذيب التي نُفّذت انتقامًا من الشعب العراقي، وسرقة ثرواته، وتدمير مؤسساته، والجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين؟ كيف تعاملوا مع الأسرى في غوانتنامو، حيث حوّلوهم إلى “كائنات بلا كرامة”، وجردوهم من إنسانيتهم؟ وكيف استخدموا أبشع وسائل التعذيب في سجن أبو غريب ضد أبناء العراق، من إهانة وتعذيب وقهر واستباحة لحق الحياة؟
لقد ارتكبت أمريكا جرائم ضد الإنسانية تحت غطاء الدفاع عن “حقوق الإنسان”، وغطّت على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وشاركت في حماية من يستولي على الأراضي العربية. ألا تشابه الجرائم الأمريكية ممارسات “داعش”؟ ألا تستخدم أمريكا كل فرق الإجرام لنشر الفوضى والفتنة في الوطن العربي، ليتسنّى لها نهب ثرواته واستباحة حقوق شعوبه، مستبدلة بذلك الديمقراطية بالاستبداد؟
هذه هي الديمقراطية التي تسعى الإدارة الأمريكية إلى تصديرها عالميًا: “ديمقراطية الاستبداد”، التي تُعاقِب كل من يخالفها، بالعقوبات الاقتصادية أو بمحاولات إسقاط أنظمة الحكم، كما حدث في فنزويلا. كم من الأبرياء سقطوا تحت وطأة أسلحتهم الفتاكة؟ وكم من الأرواح أُزهقت؟ ثم يتحدثون عن حقوق الإنسان!
إن الدولة الوحيدة في العالم التي لا يحق لها التحدث عن حقوق الإنسان هي الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها تتعامل مع دول العالم كأنها عبيد وخدم، لا دور لهم سوى السمع والطاعة.
فلسفة “الكاوبوي” والمجرمين هي ما تنفّذه أمريكا تحت شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان. انظروا ماذا فعلت بحليفها الأوحد في الشرق الأوسط، “شاه إيران”، حين احتاج إلى العلاج؛ رفضوا حتى استقباله! وكم من مرّة نقضوا عهودهم مع حلفائهم؟ وكم مرّة هدّدوا بعض الدول العربية باستباحة ثرواتهم؟
إنها دولة لا تُحترم بين دول العالم، لأنها تمثّل القدر، وعدم الوفاء، والإخلال بالاتفاقيات.
- أمريكا في عيون العرب
ماذا تتوقّع الدول العربية من دولة دمّرت دولًا عربية، وجعلت مدنها ركامًا وخرابًا؟ حتى الدول التي تتقرب من أمريكا اليوم، قد لا تجد منها إلا الغدر يومًا، كما فعلت بأشقائهم، حين حرّضت على الفوضى لإسقاط أنظمتهم.
إن التاريخ يشهد على جرائم أمريكا، وعلى ما تقوم به أجهزتها الأمنية، التي لا تنام، وهي تخطّط للانقضاض على دول بعينها، أو لإثارة الفتن فيها، تحت شعار “حقوق الإنسان”.
وكأنّ شعوب العالم فقدت البصر والبصيرة، ولم تكتشف ما قامت به الحكومات الأمريكية المتعاقبة من جرائم ضد الإنسانية. إن رفض أمريكا بالأمس لقرار “حلّ الدولتين” في الجمعية العامة لحقوق الإنسان، يُعتبر عمليًا دعمًا لاستمرار الاحتلال العسكري، وما يرتبط به من حصار وتمييز ممنهج.
إن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذا السياق يُعدّ شراكة في استمرار هذه الانتهاكات.
أما الذين سقطوا تحت طغيان الأمريكان وجبروتهم، فإن صرخاتهم تملأ السماء، وكأنهم يخاطبونهم قائلين: إن الله لن يغفر لكم ما ارتكبتموه من الجرائم ضد الإنسان. وسيصيبكم ما أصاب أممًا قبلكم سادت ثم بادت، وظُلمت فتلاشت، وحذّرهم سبحانه في قوله تعالى:
“وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدًا” (الكهف – 59).
كاتب المقال : رئيس ديوان رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة سابقاً