“إسرائيل” نحو استراتيجية “دفاع” ثلاثية تقوم على احتلال أراضٍ في سورية ولبنان وغزة

تتجه إسرائيل نحو ترسيخ استراتيجية جديدة لـ”الدفاع” على الحدود، تقوم على احتلال أراضٍ في سورية ولبنان وغزة، من خلال منظومة دفاعية ثلاثية المستويات، فضلاً عن تشديدها الإجراءات الأمنية على الحدود مع مصر والأردن، اللذين تربطها بهما اتفاقيات سلام.
وتعتمد الخطة على ثلاثة أنظمة دفاعية على حدود غزة ولبنان وسورية، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الثلاثاء، أنها تقوم على قواعد وحواجز في “الأراضي الإسرائيلية”، ونظام دفاع متقدّم “في أراضي العدو”، والمطالبة بنزع سلاح المناطق التي يعتبر الاحتلال أنها تشكّل تهديداً له، في إشارة إلى المناطق العازلة التي تقيمها إسرائيل بعد احتلالها، وتأمل أن تحظى مخططاتها بدعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
خلال حفل تخريج دورة ضباط أول من أمس الأحد، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه يطالب بـ”نزع كامل للسلاح من جنوب سورية من قوات النظام الجديد”، ليكشف فعلياً بهذا عن استراتيجية إسرائيل الجديدة للدفاع الحدودي. وتبلورت هذه الاستراتيجية، وفقاً للصحيفة العبرية، في نهاية العام الماضي، بعد التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، فيما كشف نتنياهو الجزء الناقص من “اللغز”، عندما أعلن أنه سيطالب بأن يكون جنوب غرب سورية، من دمشق جنوباً، منطقة منزوعة السلاح.
وتبلورت هذه الاستراتيجية أساساً، في إطار استخلاص الدروس من إخفاق السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يوم تنفيذ حركة حماس عملية طوفان الأقصى. وتهدف أولاً وقبل كل شيء، على حد تعبير الصحيفة، إلى توفير الأمان لسكان المناطق الحدودية في الجنوب والشمال، وعلى حدود سورية.
المستوى الأول
في الحدود التي لا تزال تشهد حرباً نشطة أو شبه نشطة، مثل حدود قطاع غزة، وحدود لبنان، وهضبة الجولان السوري المحتل، سيكون هناك نظام دفاع أرضي ثلاثي المستويات. المستوى الأول من نظام الدفاع، الذي سيكون داخل الخط الأخضر، سيشمل مواقع عسكرية ثابتة، وعائقاً أرضياً يتضمن سياجاً و/أو حائطاً ومستشعرات مختلفة لمراقبة الحدود، ونظام محاور طرق سريعة، وقوات، وعناصر دفاع جوي ومدفعية. وفي حالة لبنان، يهدف نظام المواقع العسكرية والعائق إلى خلق حاجز مادي بين المستوطنات والبلدات الحدودية والقرى اللبنانية القريبة من الحدود، ومواقع التجمّع المحتملة لحزب الله في جنوب لبنان.
في قطاع غزة، سيكون هناك نظام دفاعي بخصائص مشابهة، يفصل بين أراضي القطاع ومستوطنات غلاف غزة. وستكون هناك مواقع عسكرية فعلية جاهزة للدفاع عن محيطها ومحاربة أي شخص يحاول التسلل، حتى من دون وجود إنذار استخباري مسبق. أما على الحدود السورية، وتحديداً في هضبة الجولان السوري المحتل، فهناك بالفعل حاجز ومواقع دفاعية مأهولة، في المناطق التي يعتبر الاحتلال انها تحت سيادته.
المستوى الثاني
المستوى الثاني من “نظام الدفاع” في كل من هذه الجبهات الثلاث، سيكون “داخل أراضي العدو”. وسيكون ذلك بمثابة جزء من “الدفاع” الأمامي المتقدّم، الذي كان قائماً في فترة الشريط الأمني في لبنان من عام 1984 حتى انسحاب الجيش الإسرائيلي ومليشيا لحد في مايو/ أيار 2000. وفي قطاع غزة، من المخطط أن يكون هناك وجود لجيش الاحتلال بطريقة ما في المنطقة العازلة التي تقع داخل أراضي القطاع.
أمّا عمق المنطقة العازلة، وطريقة وجود الجيش الإسرائيلي فيها، بهدف منع اقتراب الفلسطينيين من السياج، فلم يتضحا بعد، وهذه مسألة متروكة للمفاوضات في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وخصوصاً المفاوضات حول الترتيبات الأمنية في المنطقة، فيما أوضحت إسرائيل أنها ستطالب “بحق العمل” في المحيط الأمني هذا، سواء كان ذلك في شكل وجود دائم، أو من خلال دوريات أرضية، ودوريات جوية وغيرها.
وفي لبنان، ينفّذ الاحتلال حالياً ما يعتبره دفاعاً متقدّماً بواسطة خمسة مواقع عسكرية على طول الحدود تقع في مناطق مرتفعة داخل الأراضي اللبنانية. وتضم هذه المواقع قوات سرية، وتقول إسرائيل إنها ستنسحب منها عندما يتوقف جنوب لبنان عن كونه مصدر تهديد لها. وفي هضبة الجولان، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي المنطقة العازلة، واستعدت للبقاء فيها لفترة طويلة. ويدور الحديث عن المنطقة العازلة التي نص اتفاق فض الاشتباك مع سورية عام 1974 على أن تكون خالية من أي وجود عسكري، سواء كان إسرائيلياً أو سورياً، وسارعت إسرائيل إلى احتلالها مع سقوط نظام بشار الأسد وتولّي السلطات السورية الجديدة زمام الحكم، بحجة أنّها قد تشكل خطراً عليها. وكما في لبنان، يعتمد الاحتلال في هذه المناطق على مواقع مراقبة، ومواقع عسكرية في المناطق المرتفعة ودوريات.
المستوى الثالث
المستوى الثالث للدفاع المتقدّم، الذي جدده الاحتلال، يتمثل بنزع السلاح من المناطق التي تشكّل تهديداً لإسرائيل. فقد أعلن نتنياهو أن أي ترتيب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، يجب ألا يتضمّن فقط إعادة المحتجزين الإسرائيليين، وتفكيك حكم حركة حماس، وسيطرتها المدنية والعسكرية، بل أيضاً نزع سلاح القطاع. وينطبق الأمر نفسه على حزب الله وجنوب لبنان. وتطالب إسرائيل بأن يكون جنوب لبنان، من نهر الليطاني جنوباً وشرقاً، منطقة منزوعة من الصواريخ والقذائف بجميع أنواعها، وعدم السماح لعناصر حزب الله بالتجول مسلّحين جنوب الليطاني، حتى بأسلحة خفيفة. وتهدد بأنها ستفعل ذلك بنفسها إذا لم يتمكّن الجيش اللبناني من تأدية المهمة.
وعلى مستوى سورية، أوضح نتنياهو أنه يطالب بنزع السلاح من منطقة الجولان السوري حتى الحدود مع الأردن، جنوباً وشرقاً حتى منطقة السويداء. ويطالب نتنياهو بألا يكون هناك وجود للجيش السوري الجديد، معتبراً أنه يتكوّن من التحالف نفسه من التنظيمات الإسلامية المسلّحة التي انضمت إلى هيئة تحرير الشام والرئيس السوري الذي تزعّمها، أحمد الشرع.