اخر الاخبار

استهداف الأونروا.. أحد شواهد الإبادة الجماعية في العام 2024 ..علي هويدي

كان العام 2024 امتدادا للعملية الممنهجة لاستهداف الوكالة الأممية، بدأت بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 بمزاعم واتهامات بحق عدد من الموظفين العاملين في الوكالة بالمشاركة في عملية طوفان الأقصى جرى بطلانها، وانتهت بقيام الاحتلال بحملة عالمية في دول الغرب عموما، ودفع مبالغ طائلة مقابل حملات أخرى إعلامية وبمشاركة محركات بحث الكترونية بهدف الاستمرار في عملية الشيطنة والتضليل لعمل الوكالة والتي كانت آخر نتائجها اصدار قانون من الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 28/10/2024 بحظر عمل الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة يدخل حيز التنفيذ بعد 90 يوما من صدور القانون أي صباح 28/1/2025، ووقف دولة السويد لتبرعاتها المالية للوكالة.

شهد العام 2024 احداث تعبر عن ذروة السادية والدونية لجيش محتل في التعاطي مع المدنيين العزل المحتلة أرضهم في مشاهد كانت على عين وسمع القاصي والداني لتمثل واحدة من اعمال الإبادة الجماعية بلا منازع ومها حاولت الإدارة الامريكية وللأسف كذلك منظمات تابعة للأمم المتحدة أن تعترف بذلك، واقصى ما قالته الأمم المتحدة ممثلة بالمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في الصحة تلالينغ موفوكينغ بان ما يجري في قطاع غزة من هجمات وجرائم إسرائيلية هو “إرهاب نفسي وجزء من خطة إبادة جماعية”.

للسنة الثانية يُحرم جيل بأكمله من التعليم في غزة، حوالي 600 ألف طالب وطالبة منهم 300 ألف في 200 مدرسة تابعة للأونروا أصبحوا مجهولي المصير. جرائم الاحتلال واستهدافاته تسببت بتهجير 7 الاف من الموظفين العاملين في الاونروا من أصل 13 موظف، كما استهداف 190 منشئة للأونروا وهي التي لديها حصانة من الأمم المتحدة وحوّل مراكز الأمم المتحدة الى ثكنات عسكرية ومراكز للاعتقال والتحقيق وقتل أكثر من 160 موظف يعمل في الاونروا، مع بقاء 7 عيادات تابعة للوكالة فقط تعمل من أصل 27 عيادة، بالإضافة الى دمار كامل لثمانية مخيمات تديرها الاونروا واجبار أكثر من 90% من الفلسطينيين على النزوح لمرات ومرات (حوالي 2 مليون فلسطيني)، حتى وصل عدد مرات نزوح بعض العائلات الى أكثر من 12 مرة، وتجويع الأهالي ومنع الاونروا ادخال وتوزيع الغذاء والدواء والحاجات الضرورية للاهالي واجبارهم على الشرب من الماء الملوثة واستهداف الآبار والمستشفيات وقتل المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وحرق وقتل المدنيين في خيامهم.. وغيرها من الشواهد وبعد ذلك يأتي أحدهم وينكر ان هذه إبادة جماعية فان لم تكن كذلك فما هي الإبادة الجماعية إذن…؟!

أما غوتيريش فيعرب فقط عن حزنه وصدمته وقلقه ومخاوفه وشجبه واستنكاره ودعواته الاحتلال بالتوقف عما يقوم به وبان ما يقوم به مخالف لمعايير الأمم المتحدة دون اتخاذ أي إجراءات فعلية.

للأسف هي موازين القوى والمعايير المزدوجة وسيطرة القوة على الحق، إذ لا تستطيع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة استخدام ما لديها من قوة لإجبار الاحتلال على توقف ممارساته السادية، لا بل هو النفاق الدولي فخلال سنة 2024 حصدت الاونروا أكثر من 5 جوائز تقديرا لعملها الإنساني في المنطقة، و165 دولة ايدت ولايتها وتلقت دعم من جامعة الدول العربية ومن الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي واللجنة الاستشارية للأونروا ومنظمات دولية عديدة وغوتيريش قال لا بديل عنها، وحصلت على تأييد 159 دولة عضو في الجمعية العامة ترفض قانون الكنيست الاسرائيلي وفي المقابل لا يزال الاستهداف مستمر والعجز المالي للوكالة أيضا مستمر، وها نحن نرى الأونروا تنهار كما هي حجارة الدومينو.. وبناء على ما تقدم فإن العام 2025 سيكون أعظم وأخطر على الوكالة وقضية اللاجئين على المستوى السياسي والقانوني والانساني.

هذا يتطلب المزيد الحراك على المستوى السياسي والإعلامي والدبلوماسي والشعبي الفلسطيني أولا ضمن خطة كاملة متكاملة لا تنتقص من المبادرات الفردية، ومن ثم حراك العالم الحر المتمثل بمنظمات المجتمع المدني على مستوى العالم. 

اعتقد جازما أننا أصبحنا بحاجة الى إعادة تموضع للنظام العالمي الجديد القائم على القهر والظلم والمعايير المزدوجة والذي تقوده وللأسف الأمم المتحدة التي تتنكر لتطبيق وحماية القرارات والمواثيق الدولية التي أصدرتها وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي ينتهك الاحتلال -يومياً- أكثر من نصف مواده الثلاثين، عدا عن عدم تطبيقها للقرارات التي يكسوها الغبار في الادراج منذ ما يزيد عن 76 سنة. 

نحتاج الى نظام عالمي جديد يكون فيه العدل والمساواة والسلام والامن والاستقرار لا وجود للاحتلال فيه.

*مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين والخبير في شؤون الاونروا