اخر الاخبار

العراق… الدين الخارجي والداخلي يدخل باب الاستثمار الانتخابي

الحكومة ترى أوضاع البلاد المالية والاقتصادية بـ«أفضل حالاتها»

مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في العراق المقررة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تتصاعد وتيرة المناكفات السياسية بين القوى والأحزاب المتنافسة المشاركة في الانتخابات، وخلال الأيام الأخيرة الماضية تحولت الديون المالية الداخلية والخارجية المترتبة على البلاد إلى ساحة لتبادل الانتقادات والاتهامات بين رئيس الحكومة محمد السوداني والمؤيدين له من جهة، والمنتقدين لسياساته المالية من جهة أخرى.

وتتزايد الخشية المحلية من تزايد العجز المالي وصعوبة تغطيته عبر أدوات الدين التقليدية، وهناك مخاوف حقيقية من عجز الحكومة عن تغطية نفقاتها التشغيلية في حال تراجع أسعار النفط عن معدلاتها الحالية التي حكمت مشروع الموازنة المالية.

وتفجرت أزمة الديون الداخلية والخارجية العراقية حين كشف محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، السبت الماضي، عن أن إجمالي الديون الداخلية والخارجية المترتبة على العراق تبلغ نحو 150 مليار دولار، وذكر أن الدين الداخلي العراقي ارتفع في يوليو (تموز) 2025 إلى 90.3 تريليون دينار، فيما بلغت الديون الخارجية 43 مليار دولار.

وأكد العلاق أن عجز الموازنة «كبير جداً ولا يمكن تغطيته عن طريق القروض والسندات وحدها»، الأمر الذي أثار الكثير من المخاوف حيال السياسات المالية التي تنتهجها الحكومة.

لكن البنك المركزي عاد في اليوم التالي ليعلن أن نسبة الدَّين العام لا تتجاوز 43 في المائة، وأشار إلى أنها «ضمن الحدود الآمنة».

وذكر البنك في بيان، رداً على الضجة التي أثارتها تصريحات محافظه العلاق، بأن «العجز المخطط في قانون الموازنة العامة الثلاثية التي أقرها مجلس النواب للسنوات (2023، 2024، 2025) بلغ مقداره 91.5 تريليون دينار، في حين بلغ العجز الفعلي للسنوات الثلاث المذكورة مبلغ 35 تريليون دينار، تمت تغطيتها داخلياً بسندات وحوالات ووفقاً للأبواب الواردة في قانون الموازنة».

وأشار إلى أن «الاقتراض الفعلي بلغ نسبة 18.2 في المائة من العجز المخطط الوارد في قانون الموازنة، وبما يعكس مستوى التنسيق العالي بين الحكومة والبنك المركزي العراقي في السيطرة على الدين العام وعدم بلوغه المستويات العالية التي وردت في قانون الموازنة».

وأضاف أن «الديون الخارجية الواجبة السداد لا تتجاوز 13 مليار دولار بعد استبعاد (ديون النظام السابق المعلقة وغير المطالب بها)، وأن الدين الداخلي البالغ 91 تريليون دينار، يمثل 56 تريليون دينار المتراكم حتى نهاية عام 2022، والمبالغ المضافة هي 35 تريليون دینار ديون السنوات (2023، 2024، 2025)، ومعظم الدين الداخلي ضمن الجهاز المصرفي الحكومي».

وأكد أن «نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لم تتجاوز 43 في المائة، وتعد هذه النسبة – وفق التصنيف المتعارف عليه دولياً – معتدلة وضمن الحدود الآمنة ولا تشكل عبئاً على الاقتصاد».

لكن مراقبين ومعارضين للحكومة وجدوا في تراجع البنك عن تصريحات محافظه الأولى، محاولة لإرضاء الحكومة وعدم إحراجها أمام خصومها والرأي العام، خاصة في ظل التنافس الانتخابي المحموم.

وبينما ينتقد خصوم رئيس الوزراء محمد السوداني ومنافسوه طريقته في «عدم ترشيد الإنفاق المالي لكسب ود الناخبين» ما أدى إلى زيادة الدين الداخلي بشكل غير مسبوق، تقول أستاذة الاقتصاد سهام يوسف إن خلف الأرقام التي يذكرها البنك المركزي «حقيقة مقلقة» تكمن في أن «أكثر من نصف الدين الداخلي هو لصالح البنك المركزي، وأغلب النصف الآخر للمصارف الحكومية؛ أي أن الدولة تُقرض نفسها بنفسها، وتدور الأموال داخل المؤسسات الرسمية فيما يشبه الطباعة النقدية المقنّعة».

وتضيف سهام يوسف أن «الأخطر من ذلك هو أن القروض تُنفق على الإنفاق التشغيلي لا الاستثماري: رواتب ومخصصات ودعم سلعي ونفقات استهلاكية؛ أي أن الدين لا يُنتج شيئاً، بل يُستهلك بالكامل في إدارة يوميات الدولة، لا في خلق فرص عمل أو مشاريع إنتاجية».

عراقيون يمرون أمام ملصقات انتخابية في بغداد (أ.ف.ب)

ويحذر كثير من المختصين بالشأن الاقتصادي من أن الحكومة المقبلة ستواجه تحديات مالية واقتصادية عسيرة نتيجة ارتفاع منسوب الدين الداخلي، وستكون ملزمة بخفض سعر صرف الدينار أمام الدولار الأميركي، إضافة إلى إجراءات تقشفية أخرى لتغطية نفقاتها المالية التي تشكل مرتبات الموظفين نحو 65 في المائة منها.

السوداني يطمئن المواطنين

وتركت بيانات البنك المركزي والمماحكات السياسية التي أعقبتها انطباعاً سلبياً بشأن مجمل الأوضاع المالية والاقتصادية للبلاد، ما دفع رئيس الوزراء محمد السوداني إلى الحديث عن ذلك والتقليل من شأن ما يُثار حول الموضوع.

وقال السوداني خلال لقائه بمجموعة من الإعلاميين العرب والأجانب، مساء الاثنين، إن «الوضع المالي والاقتصادي للعراق في أفضل حالاته، والعجز المؤشّر هو بسبب السياسات الخاطئة التي ورثتها الحكومة من الفترة السابقة».

ولفت إلى أن «تخفيض العجز المالي في الموازنة إلى 34 تريليون دينار، والمحافظة على الاستقرار المالي».

وأضاف أن «ديون العراق لنادي باريس البالغة 41 مليار دولار هي تركة من النظام البائد، وحكومتنا ليست مسؤولة عن ديون تلك الحقبة، والنواب الذين اعترضوا على الديون صوتوا على الموازنة، ويعلمون بتفاصيلها التي تتضمن مبالغ العجز والاقتراض لسد العجز».

“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}