القنبلة المصرية أم الإسرائيلية.. اعلان مصر امتلاكها سلاحا خارقا يثير جدلاً متصاعدًا في الأوساط العسكرية والتحليلية حول مستقبل الذخائر الذكية في المنطقة

أعلنت مصر لأول مرة عن تصدير قنابل خارقة للتحصينات من عائلة “حافظ”، بعد اعتمادها ضمن ترسانة القوات الجوية المصرية.
تُثير المقارنة المباشرة بين القنبلة المُوجَّهة الإسرائيلية “سبايس” (SPICE) والقنبلة الانزلاقية المصرية “حافظ” (Hafez) جدلاً متصاعدًا في الأوساط العسكرية والتحليلية حول مستقبل الذخائر الذكية ونظم التوجيه الدقيقة في منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي هذا النقاش على خلفية إعلان الهيئة العربية للتصنيع دخول منظومة “حافظ” الخدمة الفعلية ضمن ترسانة القوات الجوية المصرية، وبدء تصديرها إلى عدد من الدول الصديقة — خطوة تُعدّ مؤشرًا على تحوُّل استراتيجي في سياسة القاهرة الدفاعية.
هذا التطور يطرح تساؤلاً عسكريًّا محوريًّا: هل سيحسم السباق لصالح التكنولوجيا الإسرائيلية الراسخة، والمدعومة بعلاقات عالمية واسعة؟ أم سيميل الميزان نحو الرؤية التصنيعية المصرية الطموحة، التي تستهدف تحقيق الاستقلالية السيادية في مجال الدفاع؟
تعتمد القنابل الإسرائيلية من عائلة “سبايس” على نظام توجيه بصري متقدم مدعوم بخوارزميات ذكاء اصطناعي (AI)، تتيح لها التعرّف على الهدف والتعامل معه بدقة فائقة حتى في حال انعدام إشارة نظام تحديد المواقع (GPS).
وتصل نسخة المدى الموسع منها إلى مدى اشتباك يتراوح بين 100 و150 كيلومترًا، مع نسبة خطأ دائرية احتمالية (CEP) تكاد تكون معدومة (Near-Zero CEP)، ما يجعلها واحدة من أكثر الذخائر الدقيقة فعالية في العالم.
كما تتميّز بقدرتها على التكامل السلس مع مقاتلات الجيل الخامس مثل F-35، مما يعزز كفاءتها ضمن العمليات الجوية المُعقّدة.
من جانبها، تمثّل القنبلة “حافظ” نموذجًا وطنيًّا للقنابل الانزلاقية المُوجَّهة، مصممة لتكون منخفضة التكلفة التشغيلية، وتشبه في فلسفتها منظومة JDAM-ER الأمريكية. ويتراوح مداها العملياتي بين 70 و120 كيلومترًا، حسب النسخة المستخدمة.
لكن الأهمية الاستراتيجية لـ”حافظ” لا تكمن فقط في أدائها، بل في كونها مصنوعة ومحليّة بنسبة 10ـ0%، ما يمنح مصر استقلالية كاملة في الإنتاج والصيانة، ويقلل بشكل جذري من الاعتماد على سلاسل الإمداد الأجنبية — وهو عامل حاسم في زمن تزايد المخاطر الجيوسياسية وقيود التصدير.
أيهما يمتلك اليد العليا؟
من زاوية التفوّق التقني والعملياتي: تتفوق منظومة “سبايس” بلا منازع في دقة التوجيه، جودة التصنيع، وسهولة الدمج مع أحدث أنظمة القتال الجوي.
من زاوية المصلحة الاستراتيجية والسيادة الوطنية: تتفوق منظومة “حافظ” في التكاليف التشغيلية، القدرة على الإنتاج المحلي، وإمكانات التصدير، مما يفتح أمام مصر آفاقًا جديدة في السوق الدفاعي الإقليمي.
تعكس “سبايس” قمة الابتكار التكنولوجي الإسرائيلي، المدعوم بعقود من الخبرة في تطوير الذخائر الذكية.
في المقابل، تمثّل “حافظ” نقلة نوعية في مسيرة الصناعة العسكرية المصرية، تهدف إلى تحويل مصر من مستورد للسلاح إلى مركز إقليمي للتصنيع الدفاعي.
ويقود هذا التقابل إلى سؤال جوهري في عقيدة الحرب الحديثة: هل يُقاس التفوّق اليوم فقط بالتقنية الأكثر تطورًا؟ أم أن القدرة على إنتاج هذه التقنية محليًّا — وتطويرها دون وصاية خارجية — باتت المعيار الأهم للقوة الاستراتيجية طويلة المدى؟
الإجابة قد لا تكون في اختيار أحدهما على الآخر، بل في فهم أن التوازن بين الابتكار والتسيّد هو ما يصنع القوة الحقيقية في عالم يتسارع تعقيدًا.
وتشمل عائلة قنابل “حافظ” ثلاثة طرازات — “حافظ 1″ و”حافظ 2″ و”حافظ 3” — بأوزان تتراوح بين 500 و2000 رطل، ومصممة خصيصًا لاختراق التحصينات والملاجئ المحصّنة.
كما أعلن المعرض الدولي للصناعات العسكرية “إيدكس 2025″، المنعقد في القاهرة، عن مراحل متقدمة من تطوير طرازين جديدين هما “حافظ 4” و”حافظ 5″، وهما قنابل حرارية وفراغية متطورة، ما يعكس تقدمًا ملحوظًا في قدرات الصناعة العسكرية المصرية في مجال الأسلحة التخصصية.
واختتمت فعاليات معرض “إيدكس 2025″، الخميس، في القاهرة، بمشاركة وفود من نحو 100 دولة، حيث شكّل منصة دولية لاستعراض التطور المتسارع في الصناعات الدفاعية المصرية، وعرض أحدث الابتكارات في مجال الأسلحة المتطورة.
