بَعْثُ جديد | رسالة السلام تهز افريقيا بـ صحوة تمشي علي قدمين .. تكلّم القرآن وسكت الزور

ليست كل الطرق تؤدي إلى النور .. ففي بعض الأحيان لا بد وأن يُولد الضوء من تحت الحطام ومن أنين الصامتين .. و .. و من أسئلة مرة ظلت معلقة في هواء الذاكرة قرون وقرون : لماذا تخلّفنا ؟ .. ولماذا أصبح الدين حائطاً يُحبس خلفه حرية الإنسان ؟ .
وأحسب أن ما حدث و يحدث في الأيام القليلة الماضية من تحركات لـ رُسل مؤسسة رسالة السلام كان شيئاً مختلفاً .. شيء يستحق أن يُروى وأن يكتب عنه بـ عين العقل وروح البصيرة .. لاننا لسنا أمام مجرد خبر صحفي .. إنما أمام أخبار وأحداث تلامس الروح وتخطف الوجدان .
في موريتانيا وفوق أرض السنغال، لم تكن ” رسالة السلام ” مؤسسة تزور .. ثم .. ثم تغادر .. إنها كانت صوت للحق يمشي على الأرض .. صوت يُعيد للقرآن معناه .. وللزكاة رسالتها .. وللإنسان كرامته الضائعة .
وهنا كان الاثر .. الاثر الذي تركته المؤسسة بـ تحركاتها الفاعلة ورسالتها الصادقة وسط جموع الناس .. ما جرى هناك كان بعثاً جديداً ورسالة تلبث ثوب الحق .. ثم .. ثم تخلع عن الناس رداء الباطل .. الذي أنهك الجسد وأعيا الامة ودمر أجيال وأجيال .. تركت هناك عقل يبكي من طول ما غيب .. وقلب يبتسم لأنة أخيراً وجد طريق النور .. ووضع أياديه علي جوهر الإسلام ” القرآن الكريم .
نعم سجّلت مؤسسة ” رسالة السلام ” خلال الايام القليلة الماضية .. فصولاً جديدة في مسيرتها الفكرية .. وصنعت بـ تحركات قادتها لحظات فارقة عبرت من خلالها الي جماهير القارة السمراء المتعطشة للتنوير .. والتحرر من قيود التقليد والتغرير .. نفذت المؤسسة جولات إفريقية مزدوجة شملت دولتي ” موريتانيا والسنغال ” .. جولات حمل فيها ” رُسل مؤسسة رسالة السلام ” مشعل النور .. الذي أوقد جذوته المفكر العربي الكبير علي الشرفاء الحمادي .
زيارات وفعاليات وندوات ومؤتمرات وحملات لـ طرق الأبواب صنعت الفارق .. جميعها تحركات كانت أشبه بـ ثورة فكرية مكتملة الأركان .. ثورة علي كل رموز الجمود والتطرف .. ثورة علي ميراث طويل من الخرافات والخزعبلات .. ثورة استهدفت تجديد الوعي وتصحيح المفاهيم .. وإحياء قيم القرآن الكريم .. وإقرار كتاب الله مرجعية أولى ووحيدة .. ثورة تبني خطاب ديني عقلاني يعيد الإنسان إلى موقعه الحقيقي كما خلفه الله ” مكرماً .. عاقلاً .. حراً .. شريكًا في صناعة مصيره ومصير أمته ” .
في نواكشوط .. كانت قاعات قاعات العلم والنور .. تضج بـ روعة الحوار وجلال النقاش .. برز خلالها مشروع علي الشرفاء الفكري .. كـ رسالة نور وضياء .. وتحوّلت الزكاة من مفهومها التقليدي ومن ” عبادة فردية ” إلى ” مشروع تنموي شامل ” .. مشروع يُعيد توزيع الثروة .. ويؤسس لـ عدالة اجتماعية تُبني علي آيات الذكر الحكيم .
ندوتان كبريان شهدتهما العاصمة الموريتانية نواكشوط .. كانتا بمثابة منصتين لـ إطلاق مفاهيم جديدة تقودها مؤسسة النور ” رسالة السلام ” .. وعلى رأسها كان موضوع ” الزكاة ” بـ وصفه ” حق مجتمعي ” وليس مجرد منحة تُعطي من الغني للفقير .. فريضة جليلة تنبثق أهميتها من روح القرآن وآياته البينات .. فريضة ترسخ قيم عليا ومبادئ سامية .. كفيلة بـ أن تزيل الفقر .. وتجفف منابع التطرف .. وتعيد لـ نسيج المجتمع تماسكه وترابطه المفقود .
من نواكشوط أطلقت مؤسسة ” رسالة السلام ” أكبر حملة انتساب فكرية في العالم .. حملة عنوانها ” 10 ملايين صوت للزكاة والسلام ” .. كان المشهد مهيباً والحضور لافتاُ .. والتفاعل الشعبي والنخبوي يحمل برهاناً جديداً علي صدق الرسالة وتجرد الهدف وعظمة المبتغي .
لـ يبقي مشروع علي الشرفاء الفكري ” رسالة سلام ” لـ ” أمة الإسلام ” .. مشروع يجمع بين الإيمان والعدالة .. بين العبادة والتنمية .. و .. و يجمع بين النص والواقع .
إذ جاءت الندوات والفاعليات مدعومة بـ أوراق بحثية ومداخلات نوعية من مفكرين وأكاديميين .. أبرزهم الكاتب الصحفي مجدي طنطاوي المدير العام للمؤسسة والذي ترأس الوفد الرسمي للمؤسسة .. والدكتور جرجس عوض الامين العام للمؤسسة بالقاهرة .. والدكتور محمد الرباني .. والكاتب الولي سيد هيبة .. والكاتب حي معاوية .. والحاج محمد الامين .. إضافة إلى مداخلات اخري من قيادات وكوادر مؤسسة رسالة السلام من إسبانيا ومصر وموريتانيا .
المحصلة كانت واضحة : ” الزكاة ليست مسألة مالية فحسب .. إنما هي ركن حضاري يُعيد بناء المجتمعات .. ويسهم في القضاء على الفقر شريطة التحرر من قبضة الخطاب التقليدي .. والمورثات البالية .. التي زيفت الوعي وغيبت فينا العقل قرون وقرون .
.. وفي داكار التي لطالما كانت حاضنة للعلم والفكر .. انطلقت الفعاليات بـ ندوة جماهيرية كبرى .. إذ غصّت القاعة بمئات الحضور من علماء الدين وأساتذة الجامعات وقيادات المجتمع المدني .. الجميع حضر كي يشهد عرساً قرآنياً بعيداً عن التنظير ورغبة في التغيير . عنوان الندوة كان : ” الزكاة بوابة النهضة ” .. لكنها لم تكن مجرد ندوة إنما لحظة إيمانية وفكرية هزّت القلوب .. فخرج منها المئات ببطاقات انتساب ورسائل اقتناع .. معلنين ولاءهم ومبايعتهم لـ فكر قرآني يعيد الإنسان إلى جوهر الإسلام الحنيف .
وفي كلمته المؤثرة .. تحدث المدير العام للمؤسسة الكاتب الصحفي مجدي طنطاوي .. مستشهداً بـ الآية القرآنية : ” ولقد كرّمنا بني آدم ” .. لـ يؤسس من هذا التكريم الإلهي فلسفة متكاملة لـ رسالة السلام .. رسالة قوامها : ” العدل والحرية والتسامح ورفض كل أشكال الاستبداد بـ اسم الدين ” .
أكد طنطاوي علي أن كرامة الإنسان هي غاية الدين .. وأن الدعوة إلى السلام لا تُفهم إلا في سياق حماية هذا الكائن المكرم .. فـ الرسالة الإلهية لم تأتي لـ تقيد الإنسان بل لـ تحرره من الوصاية .. وتنقله من الخضوع للبشر إلى الخضوع لله رب البشر .
ثم جاء لقاء وفد المؤسسة مع نائب رئيس جامعة ” أنْتا جوب ” الأستاذ ببكر فاتي .. والذي كان محطة لافتة .. حيث وصف الرجل فكر علي الشرفاء حول الزكاة .. بـ أنه ” مشروع حضاري يخاطب وجع إفريقيا ” .. ويطرح حلولاً عملية لـ قضايا مثل الفقر والبطالة .. عبر منظومة قرآنية متكاملة .. وقد أبدت الجامعة انفتاحاً على التعاون الأكاديمي مع مؤسسة رسالة السلام .. انطلاقاً من إيمانها بـ أن تجديد الفكر الإسلامي ضرورة لـ إنقاذ الشعوب من براثن الجهل والزور .
ولم تقتصر الزيارة على القاعات المغلقة .. إنما شملت تحركاً ميدانياً لـ طرق أبواب المدارس والمجالس المحلية .. ولعل أبرزها زيارة مدرسة ” الصديق “ في داكار .. حيث تلا الطلاب آيات من القرآن .. واستمعوا إلى كلمات تعيد الإسلام إلى نوره الحقيقي .. وتحرره من ميراث من التقاليد والخرافات .. وفي هذه المحطة اجتمع القس الدكتور جرجس عوض مع مدير المدرسة والأهالي .. في مشهد يجسّد التعايش العملي .. حيث يتعانق الإسلام والمسيحية على أرضية إنسانية واحدة .. أرضية تؤمن بـ أن السلام ليس مرتبط بـ دين .. وأن الكرامة لا لون لها .
و في مدينة ” شنقيط “ التاريخية .. وعبر لقاءات مع شخصيات رفيعة من المجتمع المدني وحقوق الإنسان .. أكدت مؤسسة رسالة السلام أن مشروعها ليس لحظة عابرة .. انما منهج مستمر يسعى لـ تغيير الفكر لا تغييب العقل .. وقد التقى الوفد بـ الدكتورة زينب محمد لمين والدكتور عالي ولد ابنو وغيرهم .. حيث جرى استعراض سبل التعاون لـ نشر خطاب ديني إنساني معتدل .. يحمي الأجيال من التطرف .. ويعيد الإسلام إلى نوره الأول .
أحسب أن ما جرى في نواكشوط وداكار .. ليس مجرد حملة فكرية أو مؤتمرات عابرة .. إنما هو تحول جذري في شكل الدعوة والرسالة .. وانتقال حقيقي من مرحلة الانفعال إلى مرحلة الفعل .. ومن التلقين إلى التحرير .. ومن الوصاية إلى الاختيار .. لقد قدمت مؤسسة ” رسالة السلام ” بـ رؤية المفكر الكبير علي الشرفاء الحمادي .. نموذجاً عملياً لما يمكن أن يكون عليه الإسلام حين يُفهم في ضوء القرآن .. لا في ظلال الموروثات .
وإذا كان الإسلام قد بدأ بـ رسالة .. فـ إن تجديده اليوم يحتاج إلى رسالة .. ” رسالة السلام ” .
اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد