حاميات التراث 2.0 || ذاكرة الوطن خيوط تُنسج بـ أيادي الفتيات .. وحُلم يُضيء المستقبل

في مشهد وطني يمزج بين الأصالة والمستقبل، وبين الحرفية والإلهام، أطلق المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، النسخة الثانية من البرنامج الوطني الرائد “حاميات التراث 2.0”، لتبدأ رحلة جديدة في تشكيل جيل ناشئ من الفتيات، يحملن شعلة التراث الإماراتي ويُتقنّ فنونه، كما لو كنّ امتدادًا حيًا لذاكرة الوطن.
البرنامج، الذي يستهدف الفتيات من سن 8 إلى 15 عامًا، لا يُعد فقط مشروعًا تدريبيًا على الحرف التقليدية، بل هو استثمار وطني طويل الأمد في الثقافة والهوية والانتماء، يسعى إلى نسج علاقة وجدانية وعملية بين الجيل الصاعد وكنوز الموروث الإماراتي.
- نساء اليوم حارسات الأمس ورواد الغد
في كل خيط “تلي”، وفي كل قطرة عطر، وفي كل زخرفة حناء، ينبض في “حاميات التراث 2.0” صوت الجدات، وإرث الأمهات، ونبض البنات الصاعدات. وما يجعل هذا البرنامج استثنائيًا هو اعتماده على نقل الحرف يدًا بيد، قلبًا لقلب، من نساء ذوات خبرة عريقة في الصناعات اليدوية إلى فتيات يُحتفى فيهن بأن يكنّ حافظات للهوية، لا متلقيات عابرات فقط.
هذا الربط بين الأجيال، تجسيد فعلي لشعار يوم الطفل الإماراتي لعام 2025: “الحق في الثقافة والهوية الوطنية”، حيث لا يكون التراث مجرد سرد للحكايات، بل ممارسة يومية، وفنّ متقن، وهوية مُعاشة.
- التراث لا يُحفظ بالكلمات بل بالأيادي التي تصنعه
في أروقة مشاغل مركز الصناعات التراثية والحرفية، وبين المجالس الشعبية المنتشرة من أبوظبي إلى الفجيرة، تنبعث رائحة القهوة الأصيلة، وتخيط الفتيات بإبر الإبداع حكايات جديدة.
من “الفروخة” إلى “الدخون والعطور”، ومن فنون الطهي إلى الأزياء التراثية، تتعدد المهارات، لكن يبقى الهدف واحدًا: ألا تندثر ملامح هويتنا في زحام الحداثة.
واللافت أن البرنامج لا يقتصر على التوعية، بل يعزز أيضًا تمكين المرأة اقتصاديًا، عبر تحويل الحرف إلى مصدر دخل، وفرص تدريب، ومشاريع مبتكرة تجمع بين الأصالة وروح العصر.
- قرى الإمارات منبع الهوية والذاكرة
النسخة الثانية من البرنامج تتجاوز حدود العاصمة، لتصل إلى قرى مثل “قدفع” في الفجيرة، و”العين”، ما يعكس رؤية شمولية حقيقية تهدف إلى إيصال التراث إلى كل بيت، وكل قلب. فليست المدن وحدها من تصنع المستقبل، بل تبدأ النهضة من القرى، من حيث تنبض الذاكرة وتُولد الحكاية.
- رسالة من “أم الإمارات” وإرث لا يذبل
ليس مستغربًا أن تقف خلف هذا المشروع، سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، بما تمثّله من رمز للمرأة الإماراتية، والقيادة الرشيدة، والحفاظ على النسيج الثقافي والإنساني للدولة.
فهي من أطلقت المبادرة الأولى في 1978، وها هي تعيد تجديد عهدها للتراث، من خلال دعم برنامج “حاميات التراث 2.0”، وتوجيهاته الاستراتيجية للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة.
- الهوية جسر إلى العالم لا جدار يُغلقه
كما أكدت سعادة الريم بنت عبدالله الفلاسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، فإن انخراط الأطفال واليافعين في الحرف والفنون التراثية لا يعزز فقط انتماءهم للوطن، بل يُكسبهم مرونة حضارية وقدرة على فهم الآخر والتفاعل معه، ويجعلهم سفراء ثقافة، وقادة وعي، في عالم يتغيّر بسرعة لكن لا ينسى من أين بدأ.
- مشروع في قلب كل فتاه
“حاميات التراث 2.0” ليس مجرد برنامج تدريبي، بل هو وصية وطنية تُكتب بالإبرة، وتُعطّر بالدخون، وتُنسج من قصص الجدات وأحلام الفتيات.
هو مشروع يزرع في قلب كل فتاة إماراتية أن التراث ليس في المتاحف فقط، بل في نبض اليد التي تصنع، والقلب الذي يحفظ، والعقل الذي يُبدع.