خطط التوظيف لدى الشركات هي الأضعف منذ 2020

جدل بشأن موازنة ألمانيا 2025: تحويل استثمارات البنية التحتية للإنفاق اليومي
تستثمر ألمانيا جزءاً من القوة المالية الضخمة، الناتجة عن إصلاحاتها المالية، التي كسرت المحظورات التقليدية، في الإنفاق اليومي بدلاً من توجيهها بالكامل نحو مشروعات البنية التحتية الإضافية لتعزيز جاهزية البلاد للمستقبل.
ووُصف إصلاح المستشار فريدريش ميرتس لكبح الديون وإنشاء صندوق ضخم للبنية التحتية خارج الموازنة بأنه خطوة لإطلاق مئات المليارات من اليوروات في استثمارات تهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتعزيز القوة العسكرية.
وينص قانون الإنفاق الألماني على تخصيص 10 في المائة من الموازنة الأساسية للاستثمارات طويلة الأجل، وكان من المفترض أن تُضاف إلى ذلك أي مشروعات يمولها صندوق البنية التحتية.
مع ذلك، يكشف التدقيق في موازنة 2025، الذي أجرته مراكز الأبحاث وأحزاب المعارضة، وأكدته «رويترز»، عن أن الأمر مختلف عن موازنة الحكومة السابقة، فقد جرى تحويل جزء من الاستثمارات المخصصة مسبقاً من الموازنة الأساسية إلى صندوق البنية التحتية؛ مما يتيح مساحة مالية أكبر لتغطية الالتزامات الإنفاقية لاتفاق الائتلاف بين حزب ميرتس (يمين الوسط) و«الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (يسار الوسط)، لكنه قد يبطئ إصلاح البنية التحتية المتهالكة.
وبالتالي، بينما سيخصص صندوق البنية التحتية 27.2 مليار يورو (31.97 مليار دولار) للاستثمارات الجديدة، تنخفض الاستثمارات من الموازنة الأساسية إلى 62.7 مليار يورو (73.70 مليار دولار) مقارنة بـ81 مليار يورو (95.21 مليار دولار) في موازنة 2025 السابقة. كما يقل التمويل الإضافي من «صندوق التحول المناخي» بمقدار 1.2 مليار يورو (1.41 مليار دولار)، ليصبح صافي الاستثمار الإضافي 7.7 مليار يورو فقط (9.05 مليار دولار).
وقال كريستيان غوركي، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب اليسار في الشؤون المالية: «هذا العام، لن يُستثمر سوى جزء ضئيل مما خطط له وزير المالية السابق كريستيان ليندنر دون صندوق خاص».
وأكدت وزارة المالية أن الموازنة الأساسية لعام 2025 تلتزم بنسبة استثمار 10 في المائة، وأن إجمالي الاستثمار سيبلغ مستوى قياسياً قدره 115 مليار يورو (135.18 مليار دولار) في 2025، و126.7 مليار يورو (148.93 مليار دولار) في 2026، بارتفاع واضح عن 102.1 مليار يورو (120.01 مليار دولار) في 2024.
وأشار تحليل حزب «الخضر» إلى أن حصة الاستثمار قد تضخمت بسبب طريقة الحكومة في احتساب نفقات الدفاع، ولم تعلّق وزارة المالية على الانتقادات المتعلقة بأن تحويل الأموال يتيح توجيهها نحو الإنفاق اليومي بدلاً من تعزيز الاقتصاد طويل الأجل، وهو الهدف الأصلي لإنشاء «الصندوق». ومن بين البنود غير الاستثمارية المستفيدة من هذه المساحة المالية، توسيع معاشات النساء اللاتي أخذن إجازة لرعاية الأطفال، وخفض ضريبة القيمة المضافة في قطاع المطاعم.
وقد سبق أن واجهت الحكومات الألمانية السابقة صعوبة في استخدام المحاسبة خارج الموازنة؛ إذ اضطرت إلى سد فجوة مالية قدرها 60 مليار يورو (70.53 مليار دولار) بعد أن ألغت المحكمة أسلوب التمويل الخاص.
وحذر كارستن برزيسكي، «الرئيس العالمي للاقتصاد الكلي» في بنك «آي إن جي»، بأن «المحاسبة الإبداعية ذات الصبغة المشبوهة تعود إلى الظهور في السياسات المالية الألمانية»، مشيراً إلى أنها قد تعوق الأسر والشركات عن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنفاق.
وبالنسبة إلى المجالات الاستثمارية الحيوية، فإن السكك الحديدية المتهالكة تحصل على تمويل محدود: 12.4 مليار يورو (14.58 مليار دولار) في الموازنة الأساسية لعام 2025، ينخفض إلى 2.5 مليار يورو (2.94 مليار دولار) في 2026، بينما يرتفع إنفاق صندوق البنية التحتية على السكك الحديدية من 9.2 مليار يورو (10.81 مليار دولار) هذا العام، إلى 18.7 مليار يورو (21.98 مليار دولار) في العام التالي. ومع إضافة نحو نصف مليار يورو من موازنة الدفاع، يظل إجمالي الاستثمار في السكك الحديدية ثابتاً عند نحو 22 مليار يورو (25.86 مليار دولار) لكل من العامين.
ويخصص صندوق البنية التحتية 2.5 مليار يورو (2.94 مليار دولار) في 2026 لتجديد جسور الطرق السريعة، بينما تنخفض استثمارات الطرق الرئيسية الفيدرالية في الموازنة الأساسية بمقدار 1.7 مليار يورو (مليارا دولار) مقارنة بعام 2024، العام الذي سبق إنشاء الصندوق الخاص.
ووفقاً لتحليل حزب «الخضر»، فقد وفرت الحكومة نحو 10 مليارات يورو (11.75 مليار دولار) من المساحة المالية لعام 2026 من خلال قطاع النقل وحده، بما في ذلك الاستثمار في الطرق والسكك الحديدية، بينما يخصص الاستثمار في «النطاق العريض»، وهو حاجة ملحة لألمانيا المتخلفة في الإنترنت مقارنة بالدول الغنية، نحو 2.3 مليار يورو (2.70 مليار دولار) في 2026.
وعلق خبير الموازنة في «معهد واشنطن»، توبياس هينتزي: «تُبدد الحكومة مصداقيتها بهذا النهج».