علي الشرفاء الحمادي يكتب : العودة للقرآن

علي الشرفاء الحمادي
في خضم الصراعات المذهبية والفرق المتناحرة من المتصوفة إلى السلفية ومن الخوارج إلى الشيعة وما بين دول أمنية قمعية وأخرى تتستر بالعباءة أو الإرث العثماني ضاع جوهر الدين وسُرقت رسالته من بين أيدينا .
تحوّل الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين إلى أداة تكفير وذبح وتشريع للعنف تحت غطاء أحاديث مشكوك في صحتها نُسبت زورًا إلى رسول الله ﷺ وهو منها براء فلو تدبّر الناس القرآن لعلموا أن دين الله لا يُؤخذ من أفواه الرواة، بل من الكتاب الذي نزله الله على نبيه كتابٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
لقد جاء محمد ﷺ رسولًا للرحمة لا رسولًا للسيف حين قال تعالى
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]
كان يصف مهمة خاتم الأنبياء، لا كمحاربٍ سياسي أو زعيم طائفي بل كمُبلّغ لكلمة ربه لينير بها دروب الإنسانية
لكن تجار الدين عبثوا بتلك الرسالة ألبسوا النبي ﷺ ثوبًا غير ثوبه ونسبوا إليه ما لم يقله، وروّجوا لأحاديث تعارض صريح القرآن وأسسوا عليها مئات الفتاوى، حتى باتت عند الناس تشريعًا يعلو على كلام الله ، فمن أذن لهم أن يشرّعوا باسم السنة دينًا آخر؟ ، من منحهم سلطة أن يجعلوا الموروث المختلط بالهوى والافتراء، مرجعية تنازع كتاب الله؟ ، إنه انحراف خطير عن أمر الله الواضح في قوله :
{اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3]
لقد تم تزوير صورة الرسول وتغييب معالم الرحمة القرآنية لصالح إسلام مشوّه يزرع الحيرة والريبة في نفوس المسلمين. حتى بات الإنسان يجهل أن الحقيقة بين يديه محفوظة في كتابٍ ناطقٍ بالحق لا يحتاج وسيطًا بينه وبين خالقه
العودة إلى القرآن ليست ترفًا فكريًا ولا خيارًا فلسفيًا، بل ضرورة وجودية لإنقاذ الدين من فخاخ الموروث المظلم علينا أن نعيد للقرآن مكانته كمرجعية أولى وأخيرة فهو وحده الذي قال الله فيه
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]
إن تحرير الإسلام من أيدي من حرفوه وتبرئة ساحة النبي ﷺ من الأكاذيب المنسوبة إليه ليس فقط واجبًا دينيًا بل هو بداية نهضة روحية وفكرية تعيد للدين صفاءه وللناس فطرتهم