علي الشرفاء الحمادي يكتب : من هم المسلمون ؟

لقد وضع اللّٰه سبحانه في القرآن الكريم صفات المسلمين في قوله سبحانه : يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ،الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ” (الزخرف: 68-69).
فاليوم يقف المسلمون بين منعطف طريق، عليهم أن يختاروا أن يكونوا مسلمين بأن يؤمنوا بالآيات القرآنية أو يعرضوا عنها ويكونوا من الكافرين. فقد ترك اللّٰه للناس حرية الاختيار: إما أن يكونوا مسلمين ويؤمنوا بآيات اللّٰه، أو لا يؤمنون بها، فقد اختاروا طريق الكافرين. وعلى الإنسان أن يتحمل مسؤولية قراره المستقل دون إكراه أو تهديد.
حيث تؤكد الآية التالية قول اللّٰه سبحانه بأهمية الإيمان بالآيات القرآنية: ” وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَافُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا، قَالُوا بَلَىٰ وَلَكِنْحَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ” (الزمر: 71).
ما يعني أن الذين أُدخلوا النار هم الذين كفروا بالآيات القرآنية، تأكيدًا للآية السابقة التي تحدد بوضوح: لا يكون الإنسان مسلمًا ما لم يؤمن بكتاب اللّٰه وآياته.
إضافة إلى ما سبق في الآية الثانية، التي تبين للناس جزاء الذين لم يؤمنوا بآيات اللّٰه: أصبحوا كافرين، وسِيقوا إلى جهنم، حيث يواجهون كلمة العذاب على الكافرين.
لذلك، فليحذر الناس من الذين خدعوهم من الفقهاء والمفتين بأن لا يدخل الإنسان في دين الإسلام إلا بشهادة أن لا إله إلا اللّٰه وأن محمدًا رسول اللّٰه. وتلك أكبر خدعة أصابت من انتسبوا إلى الإسلام ولم يتدبروا آيات القرآن الكريم ومعرفة مقاصدها.
- التشريع الإلهي : أكثر من خمسمئة آية
لقد حوت آيات القرآن الكريم أكثر من خمسمئة آية متضمنة للتشريعات والمنهاج الإلهي، من أحكام العبادات وتشريع المحرمات والنواهي، واتباع المنهاج الذي يرتقي بالإنسان في معاملاته وسلوكياته إلى مصافّ الأنبياء والصالحين.
فلم يتفكر فيها الذين تم خداعهم، ولم يعرفوا واجباتهم ومسؤولياتهم. فالدخول في الإسلام مشروط بالإيمان بالآيات القرآنية وتطبيق شرع اللّٰه ومنهاجه، لا بالشهادتين فقط.
- المعركة المقدسة مع الشيطان
الأمر الذي يجعل الإنسان طوال حياته في معركة مقدسة مع الشيطان، بمجاهدة النفس وتحصينها بالآيات القرآنية، والتحكم في الغرائز والسلوكيات، ليقبله اللّٰه مسلمًا صادقًا في عهده.
فلو تحقق للإنسان النجاح في معرفة واجبات العبادات والابتعاد عن المحرمات، لما نشبت حروب دامية، ولا معارك كلامية، ولا ظلم، ولا سفك للدماء، ولا ضياع للحقوق.
ولكن للأسف، تم خداعهم بالروايات المنسوبة للنبي عليه السلام، فاستدرجوا الناس إلى طريق الشرك والكفر، ونجح الشيطان في وعده.
- مصير من أعرض عن الآيات
قال تعالى: ” قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ” (ص: 82) .. ” وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ” (الأعراف: 17) ، وهكذا أغوى الشيطان الناس بمساعدة أوليائه من شيوخ الدين والفقهاء والمفسرين، فحرفوا مراد اللّٰه، فآمن المليارات من الناس بدعوة الشيطان، وتحققت أهدافه.
- الندم لا يُجدي
وسوف يستنجدون برب العالمين حين يتم قيادتهم للجحيم، مطالبين ربهم أن يعيدهم، لكن: ” وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَاأَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا، فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِننَّصِيرٍ” (فاطر: 37) ، وهكذا سيكون موقف الذين لم يؤمنوا بآيات ربهم: خسروا الدنيا والآخرة، فما لهم من معين.
- الختام: النور لمن شاء
لقد جفّت الأقلام وطُويت الصحف. ولن يبقى غير كتاب اللّٰه وآياته يشعّ نورًا للعالمين.
فمن أراد النور، فشعاعه يملأ الكون، ومن أراد أن يعيش كالخفافيش في الظلام فله ما أراد، وليعلم أنه سيقف يوم القيامة وحيدًا وحسابه عسير.
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد أنك أنت السميع العليم .