اخر الاخبار

قلق ليبي من تصاعد «العنف الأسري» وسط تحذيرات من فوضى السلاح

عقب واقعة «انتحار» أب بعد أن «قتل أبناءه السبعة»

عبّر ليبيون عن قلقهم من «تصاعد العنف الأسري» في ظل ظاهرة انتشار السلاح بيد المواطنين، وذلك على خلفية واقعة تخلّص أب من أبنائه السبعة، وإنهاء حياته في مدينة بنغازي شرق البلاد.

وبينما تواصل الجهات الأمنية المختصّة، تحقيقاتها حالياً لتحديد ما إذا كان الأب، حسن الزوي، هو من أقدم على قتل أبنائه ثم انتحر، مثلما رجّحت مديرية أمن بنغازي وبعض المقرّبين من الأسرة، يواصل عدد من روّاد مواقع التواصل ومنظمات حقوقية نشر صور ومقاطع من موقع الجريمة، مقرونة بتشكيك في الرواية الرسمية، واحتمال وجود «شبهة جنائية».

وتباينت آراء الخبراء والمختصّين، حيال قراءة الحادث، فمع اتفاقهم على أنها واقعة فردية، رأى بعضهم أنها تعكس أزمات المجتمع الليبي في ظل الانقسام السياسي، وغياب منظومة أمنية موحّدة، واستمرار انتشار السلاح، وتأثير سنوات الصراع على السلوك العام، في المقابل عدّها آخرون جرس إنذار يستدعي مواجهة جرائم العنف الأسري، وسنَّ قوانين تحمي النساء والأطفال.

وقال مستشار الأمن القومي الليبي السابق، إبراهيم بوشناف، إن «جرائم العنف المجتمعي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما شهدته البلاد من فوضى عقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011». وأضاف بوشناف لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن فصل تلك الجرائم عن البيئة الاجتماعية المتوترة، والتراكمات النفسية الناشئة عن الصراعات، ولا عن غياب مؤسسة موحّدة للأمن في عموم البلاد».

ورغم وصف بوشناف الحادثة بأنها «سلوكٌ فرديّ قد يقف خلفه اضطراب نفسي»، دعا إلى «تغليظ العقوبة على حمل السلاح دون ترخيص، والمسارعة في تبنّي مشروع وطني لتوحيد مؤسسات الأمن».

بدوره، ورغم تأكيده أن «جرائم العنف الأسري موجودة في كل المجتمعات»، رأى عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن «عوامل عدّة في البلاد غذّت هذه الظاهرة، وتحديداً انتشار السلاح، مما زاد من معدلات الجريمة». وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن «ضعف تطبيق القوانين وتكرار الإفلات من العقاب، سواء بالهرب بين شرق ليبيا وغربها أو إلى خارجها، أو بسبب نفوذ بعض الجناة، زاد الأمر سوءاً». وحذّر من أن «تداعيات الانقسام السياسي لا تقتصر على غياب مؤسسة أمنية موحّدة تعمل على تقنين السلاح، بل تمتد إلى غياب الاهتمام بدراسة تأثير الأزمات المعيشية والخدمية على الاستقرار النفسي للمواطن»، متسائلاً عن «غياب الدراسات الاجتماعية التي ترصد نسب الطلاق أو أسباب السلوك العنيف داخل الأسر».

وأشار التكبالي إلى أن «عناصر الأجهزة الأمنية في بعض المناطق تفتقر إلى الخبرات اللازمة للتعامل مع جرائم العنف الأسري، وغالباً لا تتحرك إلا بعد وقوع الجريمة».

وكانت قبيلة الزوي قد عززت رواية مديرية أمن بنغازي، مؤكّدة أن الأب «كان يمرّ بحالة اكتئاب حادة بعد انفصاله عن زوجته، ما دفعه إلى اللجوء للعلاج بالسحر».

ورغم تأكيد بعض المنظمات الحقوقية رصد «ارتفاع معدلات الجرائم الأسرية»، فإن السلطات الرسمية تشير إلى انخفاض نسب الجرائم عموماً؛ إذ أعلن عصام أبو زريبة وزير الداخلية في حكومة أسامة حماد المكلّفة من مجلس النواب، مطلع العام الحالي، أن معدل الجريمة انخفض بنسبة 44 في المائة عن العامين الماضيين.

ويرى الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، الدكتور عبد المنعم الحر، أن «مأساة بنغازي شكّلت صدمة كبيرة للمجتمع، وسلّطت الضوء على خطورة السلاح الفردي المنفلت، وأيضاً على تداعيات ما شهدته البلاد على السلوك العام». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «رصدنا قبل حادث بنغازي سقوط 18 ضحية في اشتباكات بمدينة الزاوية جراء استهدافهم بالسلاح الفردي»، داعياً إلى «وضع حلولٍ عاجلة للحدّ من فوضى هذا السلاح، وتأسيس شبكةٍ إلكترونية تدعم تركيب كاميرات المراقبة في الشوارع للحدّ من الجريمة».

أما عضوة ملتقى الحوار السياسي، آمال بوقعيقيص، فرأت أن الحادثة «تعيد تسليط الضوء على ما تتعرض له الشرائح الضعيفة في المجتمع من عنف، خصوصاً المرأة والأطفال»، داعيةً إلى «مراجعة القوانين وتشديد العقوبات».

ووفق رؤيتها، فإن «القوانين المتعلقة بالمرأة تقتصر على حماية حق العمل، بينما تغيب التشريعات التي تحميها من العنف الأسري، وكذلك الأطفال الذين لا يملكون خطاً ساخناً للنجدة من تعرّضهم لأيّ تعذيب نفسي أو بدني».

وانتقدت بوقعيقيص في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود قانون لمكافحة العنف ضد المرأة، وغياب مراكز الدعم النفسي والاجتماعي، ودور الأخصائيين في المدارس الذين يكتفون بمراقبة زيّ الفتيات بدل ملاحظة آثار العنف، مشيرة إلى أن «القبيلة كثيراً ما تصطف إلى جانب الزوج مهما اشتدّ عنفه، فيما تُقنع أسر الزوجات بالتنازل عن الشكوى خشية الطلاق، وتحمل أعباء المعيشة وتربية الأبناء».

أما عضوة مجلس النواب الليبي، عائشة الطبلقي، فرأت أن الجريمة دقّت «ناقوس الخطر من تحوّل الخلافات الأسرية إلى مآسٍ يدفع ثمنها الأبرياء». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة الشؤون الاجتماعية بمجلسها «دعت إلى إعادة النظر في القوانين وتشديد العقوبات، ودراسة الأسباب لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث، سواء كانت خلافات أسرية متعمّقة أو نزوعاً للانتقام من الأم بقتل الأطفال أو نتيجة إدمان المخدرات».

“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}