اخبار مصر

بعد 50 عاما من إلغائه.. هل يعود العالم إلى «بريتون وودز» لإنقاذ الاقتصاد؟



مع ارتفاع الدولار الأمريكي عالميا، بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم الأكبر منذ 41 عاما، ما تسبب في تفاقم ديون الدول الناشئة، تجدّد الحديث عن «بريتون وودز» مرة أخرى، باعتباره النظام الذي مهد لسطوة الدولار الأمريكي، فما هو؟.

ما هو «بريتون وودز»؟

قبل 78 عاما، استضاف فندق «بريتون وودز» في ولاية نيوهامبشاير بالولايات المتحدة الأمريكية، في يوليو 1944، اجتماعا استثنائيا غيّر مصير الاقتصاد العالمي إلى الأبد، وعُرف فيما بعد باسم «مؤتمر الأمم المتحدة النقدي والمالي»، حيث شهد اعتماد نظام نقدي لمساعدة العالم على التعامل مع اقتصاد ما بعد الحرب العالمية الثانية، بحضور ممثلون عن الولايات المتحدة و43 دولة أخرى، لتوفير الاستقرار للاقتصاد العالمي في أعقاب الحرب، وإقرار نظام سعر صرف ثابت ربط الدولار الأمريكي بسعر الذهب.

معلومات عن نظام «بريتون»

منذ عام 1941، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تصيغان خطة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول، والتعلم من تجارب الكساد الكبير، التي طبقت خلالها بعض الدول تعريفات جمركية عالية، تسبّبت في خفض قيمة عملات معينة.

مهدت الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في بريتون وودز الطريق، لإنشاء منظمات مهّدت الطريق للتعاون المالي والاقتصادي العالمي، حيث تأسس صندوق النقد الدولي IMF، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير IBRD – الذي أصبح فيما بعد البنك الدولي – في عام 1945، وبعد فترة وجيزة بدأ عملياته في أنشطة ما بعد الحرب، وأُنشئت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة «جات»، والتي مهدت الطريق لاحقًا لإنشاء منظمة التجارة العالمية WTO في العام 1947، لتقليل التعريفات الجمركية والحواجز التجارية، وساعد صندوق النقد الدولي في الإشراف على نظام سعر الصرف الثابت ودعم احتياطيات البلدان إذا واجهت عجزًا.

كيف غير نظام بريتون وودز العالم؟

كانت إحدى مبادرات الاجتماع تحديد أسعار الصرف الثابتة كطريقة لتجنب الفوارق والاضطرابات في التجارة العالمية، وكان الدولار الأمريكي مرتبط بالذهب – قابل للتحويل بسعر 35 دولارًا للأونصة – وأثبتت الدول الأخرى أسعار الصرف للدولار، لكنها قابلة للتعديل. وأعاد هذا ما يعرف بـ«معيار الذهب»، حيث يتم دعم العملة وتحويلها إلى ذهب، وتوقف معيار الذهب مع بدء الكساد العظيم.

أدى «بريتون» إلى نظام اقتصادي عالمي جديد، حيث تقود الدول الغربية الطريق وأصبح الدولار الأمريكي العملة الاحتياطية في العالم. وفي أوائل الستينيات، كانت معدلات التضخم والبطالة في الولايات المتحدة أقل من مستويات ما بعد الحرب، لكم الاقتصاد العالمي تكيّف مع النظام النقدي الجديد، الذي قيّد قدرة الدولة على توسيع سياساتها النقدية، بما في ذلك زيادة المعروض النقدي، ما قد يؤدي إلى مزيد من النمو في اقتصادها.

كيف انتهى نظام بريتون وودز؟

كانت الفكرة وراء بريتون وودز هي تعزيز الرخاء الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، وبينما استقر الاقتصاد العالمي في أوائل الستينيات، بدأ النظام في الانهيار أواخر الستينيات مع بدء ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع تكاليف برامج الرعاية الاجتماعية والحرب في فيتنام، وبدأت الحكومة الأمريكية الانزلاق إلى عجز مالي وتجاري، وأدى ذلك إلى الرأي القائل بأنّ قيمة الدولار كانت أقل من سعره الثابت وأنّ الأمة لم يكن لديها ما يكفي من الذهب لدعم العملة.

في عام 1971، علق الرئيس نيكسون ربط الدولار بالذهب (وهي خطوة ستصبح لاحقًا دائمة)، وسرعان ما انخفضت قيمة العملة، ومهد ذلك الطريق فعليًا إلى نهاية نظام بريتون وودز، وسمح للدولار والعملات الأخرى بالتداول بحرية ضد بعضها البعض، وتم اعتماد نظام سعر الصرف العائم في عام 1973، واعترف صندوق النقد الدولي رسميا بأسعار الصرف العائمة في عام 1976، منهيا نظام بريتون وودز.

ما هو إرث بريتون وودز؟

جلبت نهاية نظام بريتون وودز نظامًا نقديًا جديدًا تكون فيه السوق الحرة العائمة هي القاعدة، وتعمل الولايات المتحدة والدول الأخرى على العملات الورقية، ومع إلغاء معيار الذهب، أصبح الدولار هو العملة المفضلة للاحتياطيات الدولية في العديد من البنوك المركزية.

بعد سنوات من تأسيسه، كان صندوق النقد الدولي بمثابة الملاذ الأخير للدول التي تحتاج إلى المساعدة بعد تعثر اقتصاداتها، وعمل البنك الدولي للإنشاء والتعمير في البداية في إعادة بناء الاقتصادات في أوروبا ما بعد الحرب، وفي السنوات اللاحقة، بصفته البنك الدولي، ساعد الدول النامية في اقتصاداتها.