ترحيب سوداني بجهود الرئيس ترمب وولي العهد السعودي لوقف الحرب

رحَّب السودانيون باحتفاء لافت بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي أعلن فيها استجابته لطلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بإلقاء ثقله الرئاسي لوقف الحرب في السودان، وتأكيده على الانخراط «شخصياً» في جهود وقف القتال وإحلال السلام في البلاد، وعدُّوها تعزيزاً للمبادرات الدولية، ومبادرة الآلية الرباعية لوقف الحرب. وجاء الترحيب من مجلس السيادة الانتقالي ورئاسة الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقراً مؤقتاً لها، وقيادة «الدعم السريع»، وحكومة «تأسيس» الموالية لها وتتخذ من نيالا عاصمة، إلى جانب القوى السودانية المختلفة بما فيها التي كانت تنادي باستمرار الحرب.
تصريحات ترمب
جاءت هذه المواقف إثر تصريحات الرئيس دونالد ترمب، الأربعاء، التي كشف فيها عن أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، طلب منه «الانخراط بقوة في ملف السودان»، وقوله إنه لم يكن يخطط مسبقاً للتدخل في هذه الأزمة، قبل لقائه ولي العهد. وأشار ترمب إلى أن ولي العهد «يود أن أقوم بشيء قوي جداً له علاقة بالسودان». رغم أن السودان لم يكن مدرجاً في حساباته، وقال: «كنت أظنه مجرد أمر مجنون وخارج عن السيطرة».
وأوضح ترمب أن الأمير محمد بن سلمان ذكَّره باهتماماته بوقف الحروب في العالم وبالأزمة السودانية خصوصاً بصفتها واحدة من هذه الحروب المروعة، بقوله: «أنت تتحدث عن الكثير من الحروب، لكن هناك مكاناً على الأرض يسمى السودان، وما يحدث هناك فظيع». وتابع: «كنت أنظر للوضع في السودان بأنه عشوائي، بلا حكومة، لكن ولي العهد السعودي شرح له عمق ثقافة وتاريخ السودان».
وأكد ترمب في خطابه أمام منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي، الأربعاء، شروعه الفوري في تولي الملف شخصياً، موجهاً الحديث للأمير محمد بن سلمان: «لقد بدأنا بعد نحو 30 دقيقة من شرحك لنا، إيلاء الأهمية الكبرى لهذا الموضوع»، وأضاف أنه بدأ ينظر للسودان بطريقة مختلفة، بعد وصف ولي العهد المهمة له بأنها «أعظم شيء يمكن أن تفعله… سيكون أعظم مما قمت به حتى الآن».
وعاد الرئيس الأميركي بتأكيد اهتمامه بالوضع السوداني على منصة «تروث سوشيال» وكتب قائلاً: «إن السودان، أصبح أكثر الأماكن عنفاً على وجه الأرض، ويعاني من أكبر أزمة إنسانية». وأضاف: «طلب مني قادة عرب ومن أنحاء العالم، خاصة الأمير محمد بن سلمان، أن أستخدم قوة ونفوذ الرئاسة لوضع حد فوري لما يحدث في السودان». وأشار ترمب إلى أن «السودان حضارة وثقافة عظيمة، لكنها للأسف ساءت، ومع ذلك يمكن إصلاحها من خلال تعاون وتنسيق الدول… سنعمل مع السعودية والإمارات ومصر وشركاء آخرين في الشرق الأوسط لإنهاء هذه الفظائع».
البرهان يرحب
وفور انتهاء خطاب ترمب أبدى رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ترحيبه السريع بتصريحات الرئيس ترمب، وكتب على منصة «إكس»: «شكراً سمو الأمير محمد بن سلمان، شكراً الـرئيس دونالد ترمب». وبعدها بساعات أصدر مجلس السيادة الذي يترأسه البرهان، بياناً صحافياً، أعلن فيه ترحيب الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة بـ«جهود المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، من أجل إحلال السلام العادل والمنصف في السودان».
وشكر البيان للبلدين «اهتمامهما وجهودهما المستمرة من أجل إيقاف نزيف الدم السوداني»، وأعلن استعداد الحكومة للانخراط الجاد معهما من أجل تحقيق السلام الذي ينتظره شعب السودان. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، أن رئيس الوزراء كامل إدريس، أبدى هو الآخر ترحيبه بجهود المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة لإحلال السلام المستدام في السودان، وتأكيده الاستعداد التام للانخراط الجاد معهما من أجل السلام والأمن والاستقرار.
«الدعم السريع» تؤيد
أما معسكر «قوات الدعم السريع»، فقد أبدى ترحيبه بتصريحات الرئيس الأميركي، حسب ما جاء في منشور رسمي على قناة «واتساب» بتوقيع وزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة «تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع». وأبدى إبراهيم الميرغني، ترحيبه بما جاء في خطاب ترمب، «وإلقاء ثقله الرئاسي لوقف الحرب، والعمل مع دول الرباعية، وفق مبادرتها التي أكدت على استبعاد الحركة الإسلامية، والمؤتمر الوطني، (أنصار النظام السابق) والمجموعات المتطرفة، من أي عملية سياسية تحدد مستقبل السودان، ووجه شكره لولي العهد لوضعه الأزمة السودانية ضمن أجندة المباحثات السعودية – الأميركية».
أما مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، فقد رحب هو الآخر بالتصريحات الأميركية. وقال في حسابه على منصة «إكس»: «لا يرفض السلام إلا تجار الحروب ومصاصو دماء الشعوب»، وأضاف متحفظاً: «أي سلام لا يذهب إلى تشخيص جذور الأزمة السودانية، ويضع لها حلولاً جذرية، ولا يؤسس لدولة تقوم على حقوق المواطنة والعدالة والمساواة، ولا يضع أساساً لجيش مهني جديد، بعيد عن الهيمنة السياسية، ويتولى حماية حدود البلاد، لن يكون إلا امتداداً لدائرة الحروب ودوامة الصراع».
ويأتي موقف «الدعم السريع» متسقاً مع ما أعلنته في وقت سابق بترحيبها بمبادرة الرباعية ومقترح الهدنة الإنسانية، في مقابل تحفظ الجيش وحلفائه لذلك وإعلانهم الاستمرار في القتال، وفق تصريحات رسمية.
زخم جديد
أما القوى المدنية المناهضة للحرب، فقد أبدت تفاؤلها بأن يؤدي الموقف الأميركي الجديد لوقف القتال في البلاد. وأبدى التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك ترحيبه بالتصريحات الأميركية، وعدّ في بيان فوري، تولي الرئيس ترمب شخصياً متابعة ملف وقف الحرب في السودان، استجابة لطلب ولي العهد السعودي «مؤشراً على عودة الاهتمام الدولي الجادّ الذي يمكن أن ينهي المأساة بإيقاف وإنهاء الحرب عبر ترتيبات ذات مصداقية».
ورأى التحالف أن التطور الجديد يمكن أن «يضيف زخماً لمسار الرباعية»، وأنه يمكن أن يدفع بقوة نحو هدنة إنسانية عاجلة، «توقف استهداف المدنيين وتتيح وصول الإغاثة، وتعيد فتح الطريق أمام عملية سياسية جادة تضع البلاد على مسار سلام شامل ومستدام». بيد أن 1«صمود» رهن أي تقدم في ملف إيقاف الحرب، بمواجهة مباشرة مع القوى التي تعمل على إطالة أمد الحرب، وفي مقدمتها «الحركة الإسلامية، وبقايا النظام السابق»، الذين وصفهم بأنهم «يحرضون على استمرار القتال.. لإعادة إنتاج سلطتهم على حساب حياة السودانيين والسودانيات». ودعا التحالف المدني الشعب السوداني وقواه المدنية لمواصلة الضغط على أطراف الحرب، من أجل الانخراط في «تفاوض مسؤول يقدم مصلحة المواطنين على الحسابات العسكرية الضيقة».
وضع حد لمسار العنف
أما «حزب الأمة القومي»، أحد أكبر الأحزاب السياسية، فقد وصف التصريحات بأنها «خطوة إيجابية، تعزز المساعي الدولية لإنهاء معاناة شعبنا، ووضع حد لمسار العنف والدمار الذي يهدد وحدة البلاد ومستقبلها». وفي بيان رسمي صادر عنه، أشاد الحزب عالياً بالجهود الصادقة والمقدرة التي يبذلها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ودول المبادرة الرباعية الدولية، وجميع «الدول الشقيقة والصديقة التي تعمل بإخلاص من أجل وقف الحرب واستعادة السلام». وأكد «أهمية التنفيذ الكامل لبيان الرباعية الدولية»، بصفته «خريطة طريق بناءة وشاملة» تمهد الطريق لتوافق وطني شامل، «ينتج منه مشروع وطني يعيد تأسيس الدولة السودانية على مبادئ ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة».
وسار حزب المؤتمر السوداني في الاتجاه ذاته، عادَّاً تولي الرئيس ترمب ملف وقف الحرب في السودان، خطوة إيجابية لتكثيف الاهتمام الدولي بملف السودان ودعم الجهود المبذولة لوقف القتال. وأشاد بجهود ولي العهد السعودي، وتأكيد الرئيس الأميركي، بمواصلة العمل في إطار دول الرباعية الدولية، معلناً دعمه الكامل لخريطة الطريق الصادرة عنها في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، وقال مؤكداً: «لن نألو جهداً، لتسريع الجهود، لإقرار هدنة إنسانية عاجلة، توقف استهداف المدنيين وتسمح بوصول الإغاثة، وتهيئ لعملية سياسية ذات مصداقية تؤسس لسلام مستدام وتحول مدني وديمقراطي». وجدد الحزب دعوته لأطراف الحرب بـ«التجاوب مع مبادرات وقف الحرب، وتحكيم صوت العقل، والانخراط في تفاوض جاد ينهي الصراع ويعيد الاستقرار للسودان». أما التجمع الاتحادي، وهو أحد الأحزاب الرئيسة المكونة لتحالف «صمود»، فقد أشار إلى أن الولايات المتحدة والسعودية بصفتهما «طرفين أصيلين في الرباعية»، سيسهم في دعم جهودها من أجل هدنة إنسانية تفتح الباب لوقف إطلاق النار في السودان.
شروط للإسلاميين
ومن جانبها، عبرت «الحركة الإسلامية السودانية» عن ترحيبها في موقف التقت فيه مع الآخرين، مشيدة بدور ولي العهد السعودي، لكنها وضعت شروطاً لنجاح المهمة الجديدة.
وقالت في بيان موقَّع باسم أمينها العام علي أحمد كرتي: «نثمن ونشكر المسعى الحميد المبارك لولي العهد» بكونه قد اتخذ «موقف القائد المسؤول في أرض الحرمين، ليُوصل صوت الحق، ويجلو الحقائق». وقالت إنها «تمد إليه أيديها بيضاء في المضي قدماً نحو حفظ كرامة أهل السودان، وتحقيق قيم العدالة والسلام والأمن والأمان»، بيد أنها اشترطت كف أيدي خصومها، الذين أطلقت عليهم «العابثين والمتطفلين، والمتطلعين إلى النيل من السودان وتقسيم أرضه وسرقة موارده وإذلال شعبه».
وتعهد كرتي بالوقوف في صف الحق والعدل، لـ«تحقيق تطلعات الشعب وصيانة كرامته والحفاظ على أمنه وسلامته».
إقليمية ودولية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
ولي العهد السعودي يؤكد رغبة بلاده في تحقيق سلام مع إسرائيل وفلسطين والمنطقة
ترمب يطّلع على خيارات محدّثة حيال حملته في الكاريبي
