رئيس جمعية الفلك بجدة: تعامد الشمس على الكعبة أبرز ظواهر هذا العام (حوار)
شهدت المملكة العربية السعودية ظاهرة فلكية نادرة، يوم أمس الأحد، تتمثل في التعامد الثاني للشمس على الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، وهي الظاهرة المعروفة باسم «التسامت»، وتحدث مرتين في كل عام، الأولى في شهر مايو، والثانية في يوليو.
وفي هذا الصدد، تحدث رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، في حوار خاص مع «الوطن»، عن كل ما يتعلق بظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المشرفة.. وفيما يلي نص الحوار:
حدث فلكي يتكرر مرتين بتوقيت ثابت
– هل تتكرر ظاهرة تعامد الشمس على مكة المكرمة، وما هو سبب حدوثها؟
ظاهرة تعامد الشمس، أو ما يعرف بـ«التسامت»، هي حدث فلكي يتكرر مرتين في السنة، في مايو ويوليو، وتقريباً يكون توقيت حدوثها ثابت نسبياً، إذ يختفي ظل الكعبة المشرفة.
ويعود السبب في ظاهرة تعامد الشمس فوق الكعبة المشرفة، إلى ميل محور دوران الأرض بزاوية قدرها 23.5 درجة، مما يؤدي إلى انتقال الشمس ظاهرياً بين مداري السرطان شمالاً والجدي جنوباً، مروراً بخط الاستواء، أثناء دوران الأرض حول الشمس مرة كل سنة.
– ما فوائد تعامد الشمس على الكعبة المشرفة؟
أبرز استخدام لهذه الظاهرة الفلكية يتمثل في تحديد اتجاه القبلة، خاصةً في المناطق البعيدة عن مكة المكرمة، بدقة توازي دقة التطبيقات الرقمية للهواتف الذكية، وتستخدم كذلك في حساب محيط الأرض، باستخدام بعض الطرق البسيطة في علم الهندسة، كما أن هذه الظاهرة تدل أيضاً على كروية كوكب الأرض.
– وما هو تعليق جمعية الفلك بجدة على الحديث الدائر حول احتمال سقوط أحد الأقمار الصناعية على الأرض قريباً؟
حسب المعطيات المدارية المتوفرة، من المتوقع أن يسقط القمر الصناعي «أيولوس» (Aeolus) على الأرض في الفترة ما بين أواخر يوليو وأوائل أغسطس 2023، إلا أن وكالة الفضاء الأوروبية تعمل بكل جهدها لضمان احتراقه في الغلاف الجوي، دون أن يتسبب في أي ضرر، كما يعتمد التاريخ والتوقيت الدقيق لدخول القمر الصناعي إلى مدار الأرض، على عدد من العوامل، بما في ذلك الطقس، وكمية النشاط الشمسي، ومن المتوقع أن يحترق القمر الصناعي على ارتفاع حوالي 80 كيلومتراً في صورة كرة نارية، في ظاهرة يمكن مشاهدتها لعدة دقائق.
هذا العام يشهد العديد من الظواهر الفلكية النادرة
– هل هناك أي ظواهر فلكية نادرة ستحدث في العالم العربي حتى نهاية عام 2023؟
نعم، عام 2023 يشهد الكثير من الأحداث السماوية المرئية، فيمكن أن تفاجئنا زخات الشهب، مع عدم وجود القمر، بالتزامن مع ذروة نشاطها، حيث سيتمكن أهم اثنين من أبرز الشهب البرشاويات والتوأميات من تقديم عرض رائع هذا العام، وهناك أيضاً إمكانية لحدوث تساقط شهابي، علماً بأن التنبؤ بنشاط الشهب أمر صعب للغاية، لذلك لا يمكن تحديد الشهب كمياً من حيث المعدلات بالساعة، فهذا شيء يجب مراعاته.
إضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تواجه الأرض بقايا غبارية قديمة من المذنب (سويفت توتال) في 14 أغسطس، تعود إلى سنة 68 قبل الميلاد، لذلك قد نشهد ذروة مزدوجة للبرشاويات هذا العام ، ويتوقع أن تُظهر شهب الأسديات في 21 نوفمبر، موجة ثانية من النشاط بعد أيام قليلة من ذروتها في 17 و18 نوفمبر، مع ما يصل إلى 15 شهاباً إضافياً بالساعة في المتوسط.
وقبل نهاية العام، قد يحدث تساقط لشهب الدبيات يوم 22 ديسمبر، بمعدل محتمل يزيد على 20 شهاباً في الساعة، في ظل ظروف مثالية، لذلك من المتوقع أن يشهد العالم العربي ثاني خسوف للقمر هذا العام في 28 أكتوبر، وهو خسوف جزئي، وهذا النوع من الخسوف يحدث عندما يمر جزء من القمر خلال ظل الأرض، وسوف يشاهد حدوث ظلمة في ذلك الجزء من القمر، وسيكون الخسوف مرئياً في المملكة العربية السعودية.
– ما هو الفرق بين ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المشرفة والتي تحدث في مصر كل عام في المعابد الفرعونية؟
الظاهرتان مختلفتان، فظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المشرفة، المعروفة باسم «التسامت»، تحدث في وقت الزوال، حيث تكون الشمس عالياً في كبد السماء في مكة المكرمة، بالتزامن مع وقت أذان الظهر في المسجد الحرام، في حين أن ظاهرة تعامد الشمس في المعابد الفرعونية، تحدث عادةً في الصباح مع شروق الشمس.
– هل هناك مناطق في بلدان أخرى غير مصر والسعودية، تحدث فيها ظاهرة تعامد للشمس؟
ظاهرة تعامد الشمس أو «التسامت»، التي تحدث في مكة المكرمة، تحدث أيضاً في المناطق الواقعة في خطوط العرض التي تكون أقل من 23.5 درجة شمالاً أو جنوباً، حيث تشهد الحدث مرتين في السنة، ولكن في أوقات مختلفة، تعتمد على خط عرض المكان، وتحدث في مناطق بين خط الاستواء ومداري السرطان والجدي.
– وما هي الفوائد التي تعود على الأشخاص من متابعة الظواهر الفلكية؟
هناك العديد من الفوائد لمتابعة الظواهر الفلكية، أولها يمكن أن يساعدنا ذلك في فهم مكانتنا في الكون، وعلاقتنا بالكون، ويمكن أن يكون أيضاً مصدر إلهام، يؤدي إلى إحساس أعمق بالروحانية، وعقل أكثر صفاءً.
وغالباً ما تكون الظواهر الفلكية مذهلة، ويمكن أن تساعدنا في تقدير جمال الكون واتساعه، ويمكننا معرفة المزيد عن الكون ومكاننا فيه، مما يساعد في تطوير شعور أكبر بالفهم والتقدير للكون، كما يساهم قضاء الوقت في مشاهدة النجوم، أو مراقبة الظواهر الفلكية الأخرى، في تقليل التوتر والقلق، فيعمل على الشعور بالاسترخاء والابتعاد عن مخاوفنا اليومية، ويمكن أن تكون الظواهر الفلكية مصدراً للإبداع والإلهام، هذا لأنه يمكن غالباً اعتبارها رموزاً أو استعارات لجوانب مختلفة من الحياة، وتؤدي الظواهر الفلكية إلى الشعور بمزيد من الارتباط بالكون والأشخاص الآخرين، لأنها شيء نتشاركه جميعاً، بغض النظر عن ثقافتنا أو خلفيتنا.