من كل فج عميق (6).. عيون القصب محطة استراحة قصيرة قبل الدخول لأرض الحجاز

كما أنه لا يمكن قضائها بأي من بقاع الأرض إلا بمكة المكرمة في بيت الله الحرام، ما يجعلها أكبر اجتماع للمسلمين من الأعراق والأجناس المختلفة، في مشهد يؤكد الوحدة والمساواة.

والحج ركن من أركان الإسلام، وفُرض على النبي إبراهيم -عليه السلام- كما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ”، وبعد إقامة القواعد وتطهير البيت الحرام، كان الأمر الرباني لنبيه إبراهيم، بأن يدعو البشر من كل البقاع لحج بيت الله، منذ ذلك النداء ومكة المكرمة مجتمع العرب للحج في كل عام.

ومع ظهور الإسلام وتمدده في مشارق الأرض ومغاربها، تطلب الأمر عناية واهتمام من القائمين على حكم الدولة الإسلامية، في التيسير على هؤلاء الحجيج طريقهم لأداء الفريضة، ويتحقق مراد الله، بقوله في سورة الحج: “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ”.

وانطلاقا من نص الآية الكريمة، تستعرض “الشروق” في حلقات مسلسلة بالأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، رحلة تاريخية لتطور الحج ودروبه ومسالكه، والطقوس المرتبطة على امتداد التاريخ الإسلامي.

الحلقة السادسة:
تحدثنا في حلقة سابقة عن نقطة بداية مسالك دروب الحجيج المصريين، وهي منطقة بركة الحاج والتي كانت على بعد كيلومترات قليلة القاهرة، وعرفت بالبركة بسبب انخفاض أرضها عن منسوب الأراضي الزراعية، كما كان بها سوق، والإقامة بها 5 أيام استعدادا لرحيل الوفود لمكة المكرمة.

ونواصل في حلقة اليوم مع منطقة “عيون القصيب”، وهي مسار متقدم برحلة الحج، بمحطة من المحطات الأخيرة وقرب الوصول لمكة.

– عينونة
تعد عيون القصب من منازل الحاج المصري، وتسمى أيضا عينونة، والبحر المالح قريب منها، ماؤها المورود خارج من واد جارٍ على نخيل أخضر، وقصب فارسي، وشجر من المقل، ولذلك هو سريع التغير إلى العفونة، لكنه يصلح للغسل والاستحمام، ما قاله الجزيري بكتابه درر الفرائد المنتظمة.

– آثارها
ومن أبرز آثار طريق الحج المصرية آثار عينونة بمنطقة تبوك، التي تضم مواقع أثرية كثيرة بعضها يعود تاريخه إلى عصور ما قبل الإسلام، وبعضها الآخر إلى العصور الإسلامية، وتقتصر آثار العصور الإسلامية المتأخرة بها على موقعين، هما: مناخ قافلة الحجاج في رحلة الذهاب، ويقع على أرض واسعة مرتفعة عن بطن الوادي، وأطلال قرية صغيرة قريبة من مجرى العين تعرف في المصادر بحدرة عيون القصب، وفقا لتقرير نشرته الشرق الأوسط اللندنية.