اخبار الكويت

الكويت: إعداد استراتيجية خليجية موحدة لمكافحة غسل الأموال

قال ‏وكيل وزارة الداخلية بالتكليف، اللواء علي العدواني، إن دول مجلس التعاون تؤكد التزامها الراسخ بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب باعتبارها من الجرائم الخطيرة التي تهدد أمن واستقرار المجمعات، وتنعكس سلباً على اقتصاداتنا الوطنية والإقليمية قائلاً: «إننا قطعنا شوطاً مهماً في بناء التشريعات والأنظمة الرقابية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.

‏جاء ذلك في كلمة العدواني، صباح أمس، خلال افتتاح ورشة إعداد الاستراتيجية الخليجية لمكافحة غسل الأموال التي تستضيفها الكويت برعاية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ فهد اليوسف، وبحضور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، والنائب العام سعد الصفران، ومشاركة عدد من الجهات الحكومية.

وأشار إلى أن الكويت تولي هذه القضية اهتماماً خاصاً، وعملت الحكومة على تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، وتعزيز قدرات مؤسساتنا الوطنية والتعاون الوثيق مع المنظمات الدولية لضمان التزامنا بالمعايير الدولية ومواكبة توصيات المبادرات العالمية.

‏وأوضح أن عقد هذه الورشة في الكويت يعكس حرصنا على أن تكون في بلادنا منصة لتعزيز الحوار والتنسيق بين دول الخليج وشركائنا الدوليين، وصولاً إلى استراتيجية خليجية شاملة وموحدة تركّز على الوقاية والكشف والتحقيق والمصادرة والتدريب وبناء القدرات.

علي: الاقتصاد الخليجي مستهدف من عصابات منظمة بأعمال غسل أموال

‏وذكر العدواني أن مسؤوليتنا جميعاً حكومات ومؤسسات هي العمل بروح الفريق الواحد من أجل تعزيز منظومة العدالة المالية وحماية اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من هذه الجرائم العابرة للحدود.

وقال: يسعدنا أن نستضيف هذه الورشة المهمة التي تأتي في إطار الجهود المشتركة لإعداد الاستراتيجية الخليجية لمكافحة غسل الأموال، بالتعاون مع المكتب الإقليمي للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.

دعم أميري

من جانبه، رفع البديوي آيات الشكر والتقدير والامتنان، لمقام سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، لاستضافة الكويت لهذا المنتدى المبارك، ولما قدّمته الكويت وتُقدمه من تسهيلات ومساندة لإنجاح أعمال المجلس، ولما يلقاه العمل الخليجي المشترك من دعم واهتمام من سموه وإخوانه قادة دول المجلس في الميادين كافة.

وأكد البديوي أن العالم أضحى اليوم يشهد تحديات غير مسبوقة في مواجهة غسل الأموال، التي لا تقتصر آثارها على الاستقرار الاقتصادي فحسب، إنما تمتد لتغذي الإرهاب والجريمة المنظمة، وتهدد الأمن والسّلم الدوليين، حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن حجم غسل الأموال يتراوح بين 2 و5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما يتراوح بين 800 مليار وتريليوني دولار.

وبيّن البديوي أن دول المجلس، بحُكم موقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية وانفتاحها على العالم، فإنها ليست بمنأى عن هذه المخاطر، بل إنها تدرك أن أي ثغرة في أنظمتها المالية أو الرقابية قد تُستغل لتمرير أموال غير مشروعة، أو لتمويل أنشطة تهدد أمنها وأمن المنطقة والعالم، وعليه فقد تبنّت دول المجلس قوانين وسنّت تشريعات لضمان ردع هذه المخاطر، لا سيما أن هذه القوانين والتشريعات تتماشى مع متطلبات المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال.

وأشار الى أنه في ضوء السياسات الوطنية الخليجية، فإن هنالك حاجة إلى تبنّي استراتيجية خليجية أمنية متكاملة لمكافحة غسل الأموال، تنطلق من مبدأ الأمن الجماعي، وتُترجم إلى خطط عملية رادعة وفعّالة، حيث أكدت دول مجلس التعاون، عندما أطلقت رؤيتها للأمن الإقليمي عام 2024، أهمية تطوير المنظومات التشريعية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

وقال البديوي إن هذه الورشة تمثّل محطة مهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك، لمواجهة واحدة من أخطر الجرائم العابرة للحدود، التي لا تهدد فقط أمننا الاقتصادي والمالي وحسب، بل تمتد آثارها إلى استقرار مجتمعاتنا وسمعة أنظمتنا التجارية والمالية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأشار إلى أن تبنّي هذه الاستراتيجية سيُرسّخ التعاون الأمني الخليجي، ويعزز التنسيق مع شركائنا الدوليين، ويضمن بناء منظومة أمنية ومالية أكثر صلابة وفاعلية في مواجهة هذه الجريمة المعقّدة.

5 محاور

وأكد البديوي حرص الأمانة العامة على أن تكون استراتيجية مكافحة غسل الأموال شاملة ومتكاملة، تستند إلى 5 محاور رئيسية مقترحة، تتمثل في تطوير التشريعات والسياسات الأمنية الداعمة، بما يعزز دور وزارات الداخلية في سد الثغرات التي قد يستغلها المجرمون، وضمان التنسيق الفعّال مع الجهات المالية والرقابية.

وبيّن أن المحور الثاني يقوم على العمليات والتحريات والتنسيق الأمني المشترك، عبر تشكيل فرق عمل خليجية، وتنفيذ عمليات ميدانية متكاملة لتعقّب الشبكات الإجرامية، وتفعيل قنوات اتصال آمنة لتبادل المعلومات الحساسة.

وأشار إلى أن المحور الثالث يختص بالتكنولوجيا والتحليل الأمني، من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات المالية، وربط إلكتروني آمن لتبادل المعلومات عن الجرائم المالية بين وزارات الداخلية والجهات المعنية.

وأوضح أن المحور الرابع يتمثل في التتبّع والمصادرة، بإيجاد آليات لتعقب الأموال غير المشروعة المرتبطة بجرائم المخدرات والفساد والإرهاب والاتجار بالبشر، وتنفيذ عمليات ضبط وتجميد ومصادرة مشتركة، مع تعزيز التعاون الدولي في استرداد الأصول.

وفيما يخص المحور الخامس، أشار إلى أنه يعتمد على التدريب والتوعية الأمنية، عبر إعداد برامج تدريب متخصصة لضباط وزارات الداخلية، وتطوير أدلة تشغيلية موحدة، وتنفيذ حملات توعية للقطاعات المعرّضة للمخاطر.

سياسة موحدة

من جانبه، قال المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بدول الخليج العربي، القاضي حاتم علي، إن مكتب الأمم المتحدة يتشرف بالعمل مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون بضيافة كريمة من النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، بالعمل على وضع أول سياسة واستراتيجية خليجية موحدة لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال علي: لا يغفل أحد المخاطر التي تواجهها دول الخليج، باعتبارها مركزاً اقتصادياً وتجارياً، ومركزاً سياحياً أيضاً وقبلة لكل المعاملات الاقتصادية والتجارية العالمية لتحقيق الربح، أو الاستفادة من المميزات الاقتصادية بمنطقة الخليج باقتصادها القوي.

وأضاف أنه مع هذه العناصر المتعددة للتميز تصاحبها مخاطر ممثلة في استهدافها من قبل عصابات إجرامية منظمة بغية الاستفادة من هذا الاقتصاد المزدهر والمتميز، ومن التجارة الكبيرة، ومن المؤسسات المصرفية الاقتصادية الفاعلة في المنظمة للقيام بأعمال غسل أموال المتحصلة من الاتجار غير المشروع، سواء في المواد المخدرة أو الأسلحة أو الاتجار في البشر.

حوائط صد

وقال إنه إدراكاً من قادة دول مجلس التعاون، تم تكليف الامانة العامة المجلس بالعمل مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لوضع حوائط صد تمثّل استراتيجيات خليجية، مستدركاً: بدأنا بالاستراتيجية الخليجية الأولى لمكافحة المخدرات والمؤثرات العام الماضي، وهذا العام نعمل على استخدام واستغلال الخبرات الخليجية المشتركة لمواجهة تمويل الإرهاب وربطها بالمعايير الدولية واستخدامها كنموذج توحد فيه التجارب الخليجية، بهدف مواجهة تحديات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ونصنع منها نسيجاً استراتيجياً وتشريعياً موحداً للمنطقة الخليجية لمواجهة هذا الخطر الذي يهددها ويهدد دول العالم.

استغلال التطور التكنولوجي والانفتاح الاقتصادي

قال الأمين العام للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة بدولة الإمارات، حامد الزعابي، إن جريمة غسل الأموال ليست مجرد نشاط إجرامي تقليدي، بل هي جريمة منظمة ذات امتدادات عابرة للحدود، تتشابك مع شبكات الجريمة المنظمة والإرهاب، وتؤثر بشكل مباشر على نزاهة الأنظمة المالية وسمعة الدول واقتصاداتها.

وأضاف أنها جريمة تستغل التطور التكنولوجي والانفتاح الاقتصادي، وتزداد تعقيداً مع توسُّع الأسواق المالية وظهور أدوات جديدة كالأصول الافتراضية والعملات الرقمية، لذا، فإن التصدي لها يتطلب جهداً جماعياً، ورؤية واضحة، وأدوات عملية فعّالة.

وبيّن أن الإمارات قطعت شوطاً مهماً في هذا المجال من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح 2024 – 2027، وهي استراتيجية استندت إلى تقييم وطني شامل للمخاطر، والدروس المستفادة من عمليات التقييم المتبادل السابقة، والالتزامات الدولية المنبثقة عن المعايير العالمية لمجموعة العمل المالي (FATF).