اخبار الكويت

خالد الصالح وجاسم الصقر ويوسف الغانم ويعقوب الحمد ممثلو القطاع الخاص في أول مجلس للتخطيط عام 1962

لم يكن الكتاب مجرد سرد لذكريات شخصية، بل شهادة تاريخية توثق حقبة من تاريخ الكويت، كما جاء في «التصدير» للدكتور خالد الشطي، في إطار الدور الذي يقوم به «مركز فنار» لحفظ الذاكرة الوطنية وتوثيقها.
جاء ثمرة «هواية القنص» التي يمارسها في حياته وفق وصف الدكتور عبدالمحسن الجارالله الخرافي، وتعني اغتنام الفرص السانحة لتحقيق الإنجاز المطلوب، فقد كان من المبادرين لتأسيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية، وكان إلى جانبه نائباً لرئيس الاتحاد، ثم كرت سبحة المساهمات بالتأسيس، منها إنشاء شركة الصناعات الوطنية (1959)، وجمعية الشامية التعاونية (1962)، وجمعية الوفرة الزراعية (1967)، واتحاد الجمعيات التعاونية (1975)، وجمعية العبدلي الزراعية، ومربي الثروة الحيوانية (1981)، والجمعية المشتركة للإنشاء والتسويق (1984)، وبيت عبدالله (2003)، ومبرة العمل الصالح (2009)، والتبرع بإنشاء مسجد خالد العيسى الصالح (1992)، ومركز الوفرة الصحي (2001).
وكتب العم خالد العيسى الصالح في مقدمة كتابه «أروي قصتي لأني أدرك أن للأجيال القادمة حقاً علينا أن ننقل لهم التجارب بصدقها، لا بزخرف القول، فيعرفوا كيف بني هذا الوطن، وكيف صمد أهله في وجه التحديات، وكيف تسلّحت النفوس بالقيم والأخلاق قبل أن تتزين المدن بالمباني والطرقات.
هدفي أن يجد القارئ في صفحات هذه القصة دروساً وعبراً.
إن النجاح لا يولد من الفراغ، بل يصنعه الصبر والإصرار والعزيمة والبذل والعطاء».
وفيما يلي الحلقة الثانية مروية ومنقولة على لسانه:

نقطة تحول كبرى 

لم يكن صيف عام 1949م مجرد إجازة عادية، بل كان نقطة التحول الكبرى في حياتي، فقد عدت من الإسكندرية بعد عام دراسي أنهكني فعدت أحمل شوقاً لرؤية الأهل، ورغبة في قضاء وقت أطول مع زوجتي التي لم أرها إلا أياماً معدودة بعد زواجنا.

لكن الفرحة ذهبت سريعاً إذ وجدت والدي عيسى الصالح، طريح الفراش في المستشفى الأمريكاني، كان ذلك المستشفى آنذاك من أقدم وأهم المراكز الطبية في الكويت، قائماً منذ عام 1911م، ويخدم الناس بإمكانات محدودة، لكنها غالية القيمة في أعينهم.

كنت أبيت بجوار والدي على الأرض، أرقب أنفاسه، وأدعو الله أن يمد في عمره، وفي الليلة الثالثة، وبعد استفراغ شديد، أسلم والدي الروح إلى بارئها في 19 أغسطس 1949م، شعرت حينها كأن العالم توقف، وأن كل ما حولي قد صمت فجأة.



القرار الذي لم يكن خياراً

في ذلك الصباح الحزين، أدركت أن حياتي الدراسية في مصر قد انتهت دون عودة، لم يكن القرار بحاجة إلى تفكير أو موازنة كنت أكبر إخوتي، والمسؤولية الآن فوق كتفي، وكان عليَّ أن أكون الأب والأخ الحامي والمدبر للبيت الذي يضم أمي وتسعة إخوة وزوجتي الشابة.

أغلق حلم الطب أبوابه، وفتحت أبواب الحياة العملية على مصراعيها… لم يكن الأمر سهلاً، لكنني تذكرت قول الله تعالى: (أَلَمْ يَجِدكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائلاً فَأَغْنى) سورة الضحى.

رحيل والده غيّر مجرى حياته… والبداية من مصنع «الكاشي»

إرث من الطموح – مصنع الكاشي

كان والدي ــ رحمه الله ــ قد بدأ مشروعاً صناعياً قبل وفاته: مصنع لإنتاج الكاشي (البلاط الأسمنتي)، وكان مشروعاً جريئاً في زمن لم تعرف فيه الكويت صناعة بهذا الشكل.

اشترى معدات المصنع المستعملة من إيران، واستورد حجر الرخام من إيطاليا، والأسمنت الأبيض من بريطانيا، وجهز المواد الخام في «حوطة» مؤجرة قرب الموقع الذي أصبح لاحقاً «فندق الشيراتون» بإيجار شهري قدره 50 روبية.

وقفت في الحوطة أنظر إلى المعدات، وأتذكر كيف كان والدي يتحدث عنها بفخر، وعن حلمه أن يجعل الكويت تُصنِّع بدلاً من أن تستورد فأحسست أن من واجبي أن أكمل ما بدأه.

انتقل من «البلاط» إلى الحرف وتولى رئاسة تحرير «الهدف»

البداية من الصفر

لم أكن أعرف الكثير عن تشغيل مصنع بلاط، لكنني كنت أعرف كيف أتعلم… استعنت بالعمال الذين عملوا مع والدي، وجلست معهم أراقب خطواتهم، وكانت كالتالي:

– خلط الأسمنت الأبيض بالرمل والحصى.

– صب الخليط في قوالب معدنية.

– ضغط القوالب وإخراج البلاط.

– تركها لتجف قبل النقل.

كان العمل يدوياً شاقاً، والحرارة في الصيف لا ترحم، لكنني كنت أول من يحضر وآخر من يغادر، ولم يكن في ذهني سوى هدف واحد هو: أن ينجح المصنع، لأنه مصدر رزق العائلة الوحيد.

وكنت أزور السيد عبدالحميد الصانع مدير بلدية الكويت للتنسيق معه على بيع الإنتاج على البلدية.

نقل المصنع إلى الشويخ

بحلول عام 1953م، قررت الحكومة الكويتية إنشاء منطقة الشويخ الصناعية، ومنحت قسائم للشركات وأصحاب الحرف، فحصلنا على قسيمة هناك، ونقلت المصنع من موقعه المؤقت إلى مبنى جديد أكثر تنظيماً.

كان الموقع في المكان الذي أصبح لاحقاً معرض البشر والكاظمي في الشويخ بشارع البيبسي، ووجود المصنع في هذه المنطقة الصناعية الناشئة أعطانا دفعة قوية، وسهّل وصول المواد الخام، وتوزيع الإنتاج.

بين الصناعة والتجارة والزراعة

لم أكتف بالصناعة، فقد كنت أذهب إلى الوفرة في مواسم الربيع منذ عام 1967م، أشتري الأغنام وأرعاها، ثم أبيعها في الصيف، وقد وفرت لي هذه التجارة الموسمية رأسمالاً إضافياً ساعدني على تطوير المصنع.

كما بدأت أتعامل مع مواد البناء الأخرى، وأدخلت منتجات جديدة مما جعل نشاطي يتوسع شيئاً فشيئاً، وكان مزيج الصناعة والتجارة والزراعة يمنحني مرونة في مواجهة تقلبات السوق، ويحافظ على رأس المال، وكما قيل: لا تجعل بيضك في سلة واحدة.

من البلاط إلى الحروف

بعد سنوات من العمل في مصنع الكاشي، وتثبيت أقدامي في عالم الصناعة والتجارة بدأت أبحث عن مجالات أخرى يمكن أن أستثمر فيها وقتي وجهدي، ولم يكن الدافع مجرد الربح، بل رغبة في خوض تجارب جديدة، وفهم قطاعات لم أتعامل معها من قبل.

في منتصف الخمسينيات، كانت المطبعة العصرية قائمة في الكويت وهي شراكة بين مجموعة من الفلسطينيين وحاجي تقي الصفار، وكنت أتعامل معهم أحياناً في طباعة دفاتر الفواتير أو مستندات المصنع، فلاحظت أن المطبعة تمتلك إمكانيات جيدة لكنها بحاجة إلى إدارة أكثر تنظيماً، واستثمار أوسع.

وفي يوم من الأيام، عُرضت عليَّ فرصة شراء حصة حاجي تقي الصفار في المطبعة، فدرست الأمر، ووجدت أن قطاع الطباعة له مستقبل في بلد مثل الكويت الذي كان مقبلاً على نهضة تعليمية وثقافية، فقررت الدخول في شراء أسهم المطبعة العصرية.

جريدة «الهدف» – مشروع الكلمة

بعد تملكي الحصة في المطبعة العصرية، بدأنا نفكر في توسيع نشاط المطبعة ليشمل إصدار صحيفة، وهكذا ولدت فكرة جريدة «الهدف»، وكانت صحيفة أسبوعية تهتم بالشأن المحلي، وتواكب الأحداث العربية والدولية، وتفتح صفحاتها للأدب والفكر.

وترأس تحريرها في البداية ابن عمي المرحوم محمد مساعد الصالح، وهو صديق قديم ورفيق درب، واستمر في هذا المنصب ست سنوات، وكان الرجل مثقفاً واسع الاطلاع، يمتلك أسلوباً صحافياً رشيقاً يجذب القارئ.

مقعد رئيس التحرير 1961

في عام 1961م، قرر محمد مساعد الصالح الاستقالة من رئاسة تحرير مجلة «الهدف»، ليتفرغ لأعمال أخرى، وعرض عليَّ أن أتولى المنصب، وترددت في البداية، فأنا رجل صناعة وتجارة، ولم أكن أرى نفسي صحافياً محترفاً، لكنني أدركت أن الصحافة ليست مجرد مهنة بل منبر للتعبير عن الرأي والمشاركة في صياغة الوعي العام.

تسلمت رئاسة تحرير مجلة «الهدف» قبل أيام من بدء أعمال المجلس التأسيسي الذي شكل عام 1962م لوضع دستور الكويت وذلك بعد استقلال الكويت عام 1961م في مرحلة سياسية جديدة، فالكويت عقدت معاهدة حماية مع بريطانيا عام 1899 م، لمساعدتها في درء الأخطار والمطامع التي كانت تهدد أمن الكويت وسيادتها في ذلك الزمان، وفي 19 يونيو 1961م أعلنت الكويت استقلالها عن بريطانيا وأصبحت عضواً في جامعة الدول العربية في 20 يوليو 1961م، ثم عضواً في منظمة الأمم المتحدة في 14 مايو 1963م، وهنا وجدت نفسي في قلب المشهد السياسي والفكري للبلاد.

بدأ مشواره الحكومي في مجلس التخطيط ثم وزارة الأشغال

سوالف الأيام

كانت جلسات المجلس التأسيسي تعقد ثلاثة أيام في الأسبوع، أما جريدة «الهدف» فكانت تصدر يوم الأربعاء، فرأيتها فرصة ذهبية لربط ما يحدث في المجلس بقرّائي، وبالتالي بدأت أكتب عموداً أسبوعياً بعنوان «سوالف الأيام»، أعلق فيه على ما دار في الجلسات، وأحلله بأسلوب قريب من الناس كان الشيخ عبد الله السالم الصباح – أمير البلاد – يتابع ما أكتب ويعلّق عليه أحياناً، وقد منحتني هذه المتابعة من رأس الدولة إحساساً بالمسؤولية، وجعلتني أكثر حرصاً على دقة الكلمة وصدق المعلومة.

في عام 1962 وجّه الأمير الشيخ عبدالله السالم الصباح إلى تأسيس مجلس التخطيط بإشراف ورعاية الشيخ صباح السالم، في حين باشر رئاسته الفعلية أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد، وتكوّن المجلس من أربعة أعضاء من الوزراء، وهم:

1 – الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – وزير المالية والاقتصاد.

2 – الشيخ سالم العلي السالم الصباح – وزير الأشغال العامة.

3 – الشيخ عبد الله الجابر الصباح – وزير المعارف.

4 – الأخ محمد يوسف النصف – وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.

ومن الأهالي من الرجال الذين يمثلون القطاع الخاص، كان لي شرف عضويته (كأصغر الأعضاء سناً)، بجانب كل من:

1 – جاسم حمد الصقر، ويُعد أول محامٍ متخرج من البصرة، ولم يمارس عمل المحاماة.

2 – يوسف إبراهيم الغانم، أول متخرج من كلية التجارة في القاهرة.

3 – يعقوب يوسف الحمد، متخرج من كلية التجارة في القاهرة.

وكان المجلس يجتمع بمعدل أسبوعي كل يوم خميس.

كما صادف أيضاً أني توليت رئاسة تحرير مجلة «الهدف» التي كنت شريكاً مع بقية الشركاء الآخرين فيها، مما أتاح لي فرصة حضور جلسات المجلس التأسيسي بصفتي الإعلامية، ومتابعة سير الحوار فيها باعتباري رجل إعلام.

وكانت أهم قرارات المجلس الأول للتخطيط ما يلي:

1 – إنشاء إدارة مركزية للإحصاء، إذ لا تقوم دعائم التخطيط بدون إحصاء.

2 – إنشاء لجنة المناقصات المركزية، وذلك حين لاحظ المجلس أن كل دائرة حكومية تتصرف بمفردها، فرأى المجلس توحيد العمل والتنسيق بين الإدارات، من خلال إيجاد مكتب رسمي، سمي بلجنة المناقصات المركزية.

3 – توحيد جميع طلبات الاستشارة بجهة مركزية واحدة بإشراف مجلس التخطيط، حتى لا تتضارب القرارات أو تتناقض، وجاء القرار تلافياً لما كان موجوداً في الوزارات من اختيار كل وزارة لمستشاريها على هواها.

4 – إعادة هيكلة الإدارات في الدولة، وكان هذا من أولويات أعمال مجلس التخطيط، وكان أيامها الخبير من الأمم المتحدة (مستر كار الذي أعطى توصيات، لكنها لم ترَ طريقها إلى النور، واستمر المجلس في مزاولة عمله حتى حصلت الأزمة الوزارية نهاية عام 1964م ومطلع عام 1965م.

قرار التعيين وبداية مرحلة جديدة

في ربيع عام 1964م، وبعد لقائي مع رئيس الوزراء الشيخ صباح السالم الصباح، جاء المرسوم الأميري بتعييني وزيراً للأشغال العامة عام 1965م، وكنت أعلم أن الوزارة ليست مجرد إدارة طرق أو مبانٍ بل هي القلب النابض للبنية التحتية في بلد يستعد لمرحلة ازدهار اقتصادي غير مسبوقة بعد استقلاله عام 1961م.

استقبلت القرار بمزيج من الفخر والحذر، فالمسؤولية جسيمة والعيون كلها على المشاريع التي ستحدد ملامح الكويت لعقود قادمة.

شارع الخليج العربي شاهد على إنجازات «الأشغال» عندما تولاها

قصة شارع الخليج العربي

قبل أن تصبح الكويت كما ترونها اليوم بواجهتها البحرية الممتدة وممراتها الجميلة، كان الساحل مكاناً طبيعياً يلتقي فيه أهل البحر وأهل البر، وكانت بيوت الكويتيين تمتد حتى مشارف المياه، ولم يكن هناك شارع اسمه «الخليج العربي»، بل كانت المسافة بين المدينة والبحر لا تفصلها إلا أزقة ترابية ضيقة، بالإضافة إلى مراسي السفن الشراعية.

في الستينيات من القرن العشرين، ومع بداية الطفرة العمرانية طرحت فكرة إنشاء طريق ساحلي يربط شرق المدينة بغربها، ويكون واجهة حضارية تعكس هوية الكويت البحرية، فالكويت تستحق شارعاً بحرياً يليق بمكانتها، وأوكلت المهمة لوزارة الأشغال التي كنت وزيرها آنذاك، وبدأنا بوضع التصاميم الأولية للطريق.

مكاتب الوزارة – قلب التخطيط

كانت وزارة الأشغال، آنذاك، تضم قطاعات الطرق، والمباني الحكومية والصرف الصحي، والأشغال الميكانيكية، وفي مكتبي كان يمر أمامي كل يوم ملف لمشروع جديد أو تطوير لمشروع قائم، فأدركت، سريعاً، أن النجاح في هذه المهمة يتطلب أمرين:

1 – كفاءة الفريق، لذلك عززت التعاون مع المهندسين الكويتيين والعرب، وأعطيت الفرصة للشباب.

2 – التخطيط الطويل الأمد: إذ لا يكفي إنجاز المشاريع بسرعة، بل يجب أن تظل صالحة لعشرات السنين.

الدعم الحكومي للبدء في التنفيذ

ذهبت إلى الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، قاضي ومفتي الكويت، وسألته عن حد البيوت المطلة على البحر، فأجابني بأن شاطئ البحر هو حق وملك للدولة، ثم ذهبت إلى الشيخ صباح السالم والشيخ جابر الأحمد، وأخبرتهما بأن البدء في مشروع شارع الخليج العربي يحتاج إلى دعم حكومي، لأنّ الكثير من بيوت الشيوخ من أسرة الصباح والتجار تطل على البحر، وقد نتعرّض لرفض أصحابها السماح لنا بمزاولة العمل أمام بيوتهم، فقالا لي: ابدأوا ببيوت الشيوخ من أسرة الصباح المطلة على البحر، وفعلاً بدأنا ببيت الشيخ صباح السالم وقصر دسمان الذي يقيم فيه الشيخ جابر الأحمد – رحمهما الله – وبعدها لم يعترض علينا أحد من المواطنين لعمل الشارع مقابل بيوتهم.

مرحلة التخطيط والتنفيذ

بدأت فرق المساحة، والمهندسون بدراسة طبيعة الساحل، حيث كان معظم الامتداد عبارة عن مياه ضحلة ورمال طينية.

ثم انطلقت أعمال الرّدم باستخدام الحصى، بينما جلبت كميات ضخمة من الأتربة من مناطق البر، وكانت المعدات بسيطة مقارنة بما لدينا اليوم: شاحنات بدائية، وجرافات صغيرة، ورافعات تعمل بجهد عال.

اللمسات الجمالية

لم يكن المشروع مجرد طريق، بل أراده المخططون تحفة معمارية طبيعية، فزرعت أشجار النخيل والسدر على جانبي الشارع، وأنشئت الأرصفة العريضة المخصصة للمشي، إضافة إلى أول مسطحات خضراء منظمة في الكويت، وقد جلبت أنواعاً من النباتات تتحمل حرارة الصيف ورطوبة الساحل.

الافتتاح والتحول الحضاري

افتتح شارع الخليج العربي رسمياً، وأصبح منذ ذلك الحين أحد معالم الكويت البارزة، وكان أهل الكويت يأتون في المساء للتنزه على جانبيه، وظهرت على امتداده أول المقاهي والمطاعم المطلة على البحر.

وشهد الشارع مواكب احتفالات الاستقلال واستعراضات العيد الوطني، وأصبح رمزاً للمناسبات الوطنية والتجمعات الشعبية.

التحديات والقرارات الصعبة

لم تخلُ مهمتي من العقبات، وتمثلت في مثل ما يلي:

– تأخير بعض المقاولين، مما استدعى اتخاذ إجراءات صارمة بحقهم.

– الظروف الجوية القاسية التي كانت تؤثر على جداول التنفيذ.

– التوازن بين الجماليات والوظائف العملية في المشاريع الكبرى.

وكنت دائماً أقول لفريقي:

المشروع الحكومي هو أمانة… إذا فشل فشلنا أمام التاريخ، لا أمام الوزير فقط.

أثر التجربة الوزارية في مساري

هذه السنوات في عملي بوزارة الأشغال منذ عام 1965 إلى عام 1971م، علّمتني أن العمل العام يختلف تماماً عن القطاع الخاص، إذ في القطاع الخاص تمثّل نفسك أو شركتك، بينما في العمل الحكومي تمثّل الدولة كلها، وقراراتك تمسّ حياة ملايين الناس.

ولولا الدعم الذي وجدته من القيادة السياسية، وثقة زملائي وفريق العمل المتميز، لما استطعنا أن ننجز هذه المشاريع في تلك الفترة القصيرة نسبيا.

قصة تأسيس جمعية الشامية التعاونية (1961 – 1962م)

كانت الأيام التي أعقبت إعلان استقلال الكويت في التاسع عشر من يونيو عام 1961م، أياماً لا تُنسى، فقد عمّ البلاد شعور بالمسؤولية واليقظة الوطنية، وكنا نردد جميعاً شعارات صادقة خرجت من القلوب «كل مواطن فداء للوطن، وكل مواطن خفير».

كان وراء تأسيس جمعية الشامية التعاونية

التأسيس والإشهار

تقدمنا بطلب رسمي لتأسيس جمعية الشامية، برأسمال تأسيسي 51.456 ديناراً كويتياً، وكان من المؤسسين: عبدالرحمن عبدالله الرويح، جاسم مشاري الحسن، حسن محمد بورحمة، حمد عبدالرحمن الصانع، حمد عبدالمحسن المشاري، حمد عيسى الرجيب، خالد العيسى الصالح، سليمان غانم العثمان، عبدالرحمن يوسف المزروعي، عبدالعزيز محمد الشايع، عبدالله غانم العثمان، عبدالله عبدالعزيز المنيس، عبدالله محمد السنان، محمد أحمد الرشيد، عبدالله راشد المجرن، محمد عبدالله الصانع، مساعد أحمد الغربللي، يوسف جاسم الحجي.

وفي الثاني عشر من أغسطس 1962، صدر قانون التعاون رقم 20 لسنة 1962، ونشر في صحيفة الكويت اليوم، (العدد 389)، ليضع الأساس القانوني للحركة التعاونية في البلاد، وبموجبه أشهرت جمعية الشامية والشويخ التعاونية، كإحدى أوائل الجمعيات، لتكون في استكمال الإجراءات، الشامية هي الرقم 2 تاريخياً، بعد كيفان التي سبقتها بخطوات قليلة في استكمال الإجراءات.