اخبار الكويت

سحب جنسية نائب سابق – الراي

– أربعة أشقاء… جنسيات مزدوجة وأجيال ورثت التزوير منذ الستينات

– (حاء) حصل على الجنسية مادة خامسة في 1963… وفقدها في 1997

– (سين) و(ميم) و(عين) تجنّسوا وفق المادة الأولى في 1975 بشهادات كاذبة

– الأشقاء الثلاثة ادّعوا أن والدهم المتوفى في 1970 كان يقضي وقته في البرّ

– أضافوا أبناء خليجيين إلى ملفاتهم بادّعاء أنهم «ولادات منزلية» في الكويت

– النائب السابق أحد أبناء الأربعة ولم يدخل الكويت إلا عام 1996 بعمر 17 عاماً

– كتاب من وزارة خارجية دولة خليجية عن ضبط «حاء» كشف تزويره

– أقرّوا بين 2004 و2010 بالازدواجية وتعهّدوا بالتنازل عن الثبوتيات الخليجية

– «حفيظة النفوس» تكشف أن (ميم) خليجي قبل 10 سنوات من حصوله على الجنسية

– (ميم) هارب من حكمي سجن 7 سنوات… والأحكام تثبت تزويره واستبداله هوية ابنته

– الإنتربول الخليجي ضبط حفيد «ميم» في جريمة قتل… والبصمة أثبتت ازدواجيته

– (عين) توفي ودفن في الدولة الخليجية… رغم إعلانه التنازل عن جنسيتها أمام الكويت

-(سين) وأبناؤه احتفظوا بالجوازات الخليجية… وبعضهم يزور الكويت بهوية خليجية

– مشاجرة ومحاولة هروب أحد أبناء (عين) بهوية خليجية كشفت أن التنازل كان صورياً

– إخوة آخرون للأشقاء الأربعة حاولوا الحصول على الجنسية لكنهم فشلوا

أنهت اللجنة العليا للجنسية حكاية تزوير أوصلت مزوراً للجنسية الكويتية لم يعرف البلاد إلا في النصف الثاني من التسعينات عندما وصلها لاكتساب جنسية غير مستحقة بأسلوب ملتوٍ، أوصلته إلى المقعد النيابي ليكون مشرّعاً للقوانين ومحاسباً للحكومات الكويتية ومهدداً للوزراء الكويتيين بالإزاحة من مقاعدهم، فيما كان أساس وجوده في الكويت مبنياً على باطل.

وقررت اللجنة العليا للجنسية، في اجتماعها برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، إنهاء فصل جديد من التزوير الذي طال الهوية الكويتية بسحب الجنسية من عضو مجلس أمة سابق، بعد أن أثبتت التحقيقات الأمنية والتحريات الوراثية أنه حصل عليها بطرق غير مشروعة، ضمن ملف معقد ومتشعب لجنسيات مزدوجة وأجيال ورثت التزوير منذ الستينات ويضم تبعية 169 شخصاً.


مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي

ففي واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وتشعّباً التي فكّكت خيوطها مباحث الجنسية، كشفت التحقيقات عن شبكة تزوير عائلية متكاملة تمتد جذورها إلى ستينات القرن الماضي، تورّط فيها أربعة أشقاء من أصول خليجية تمكّنوا من الحصول على الجنسية الكويتية بطرق غير مشروعة، مستخدمين بيانات كاذبة ومستندات مضللة وشهادات شهود مزيفة، ليتوارث الأبناء والأحفاد بعد ذلك جنسية بُنيت على الباطل لأكثر من خمسة عقود، وبينهم من أصبح نائباً في مجلس الأمة.

الأخ الأكبر

تبدأ القصة مع الأخ الأكبر (حاء)، من مواليد 1942، الذي تقدم بطلب للحصول على الجنسية الكويتية عام 1963، وحصل عليها وفق المادة الخامسة من قانون الجنسية، بعد أن ثبت تواجده في البلاد وولادته فيها، وكان تجنيسه آنذاك صحيحاً بنسبة مئة في المئة، لعدم وجود ما يثير الريبة حوله.

لكن بعد مرور نحو 12 عاماً، وتحديداً في عام 1975، ظهر ثلاثة أشقاء آخرون هم (سين)، و(ميم)، و(عين)، من مواليد الأعوام 1941 و1943 و1947، استخرجوا شهادات ميلاد حديثة يدّعون فيها أنهم من مواليد الكويت، وتاريخها سابق لحصولهم على الجنسية بنحو شهرين أو ثلاثة فقط.

بيانات مُزوّرة

قدم الإخوة الثلاثة طلباتهم إلى إدارة الجنسية واستندوا إلى شهادات شهود بأن والدهم كان مقيماً في الكويت قبل عام 1920، للحصول على الجنسية وفق المادة الأولى، حيث حصل (ميم) على الجنسية أولاً، تبعه (عين) بعد شهرين، ثم (سين) بعده بشهور قليلة، دون أن يذكر أيٌّ منهم أن لهم شقيقاً كويتياً يدعى (حاء) يحمل الجنسية وفق المادة الخامسة.

كما قدّم الأشقاء الثلاثة ضمن طلباتهم شهادة وفاة والدهم سنة 1970، وبرّروا عدم حصوله على الجنسية بأنه كان يقضي وقته في البر، وأخفوا وجود شقيقهم الأكبر المجنس سابقاً.

وبعد حصولهم على الجنسية، استقروا في الكويت من 1975 حتى عام 1979، ثم غادروا البلاد إلى موطنهم الخليجي الأصلي، ولم تسجل لهم أي إجراءات رسمية بعدها. وسجلوا على ملفاتهم عدداً من الأبناء الذين ولدوا في الكويت في 1977.

الولادات المنزلية

وفي التسعينات، عاد الإخوة الثلاثة إلى الكويت تباعاً، إذ دخل (سين) البلاد عام 1989، بينما عاد (ميم) و(عين) عام 1992، ولديهم أبناء وُلدوا في الدولة الخليجية وليس في الكويت، ويحملون إثباتات خليجية رسمية.

وبعد عودتهم، رفعوا في 1993 دعاوى لإثبات نسب أبنائهم، مدّعين أن ولاداتهم كانت «منزلية» داخل الكويت، وتمكّنوا من استصدار أحكام قضائية بإضافتهم إلى ملفات الجنسية الكويتية.

ومن بين هؤلاء الأبناء شخص وُلد في أواخر السبعينات ولم يدخل الكويت إلا عام 1996، وكان عمره حينها 17 عاماً. وبمجرد بلوغه سن 18 عاماً، تقدّم للحصول على شهادة الجنسية، وادّعى أنه لا يحمل شهادة دراسية ولم يدرس إطلاقاً لتفادي تقديم شهاداته الدراسية، بينما الواقع أنه كان يدرس في الدولة الخليجية.

«حاء»… من التجنيس إلى الفقد

التحوّل الأكبر في مسار القضية بدأ عام 1997، حين تلقت وزارة الخارجية الكويتية كتاباً رسمياً من وزارة خارجية دولة خليجية يفيد بضبط مواطن خليجي في قضية ما وحكم عليه بالسجن، وأنه تم العثور بحوزته أثناء ضبطه على جواز سفر كويتي يحمل صورته.

وأرفقت الخارجية الخليجية مع الكتاب مستندات رسمية كاملة تثبت أن المعني مواطن خليجي معلوم لديها من عائلة معروفة، وليس كويتياً. وبناءً على هذه المراسلات، أحالت وزارة الخارجية الكويتية الكتاب إلى وزارة الداخلية، التي بدورها خاطبت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية موصية بتطبيق قانون الجنسية عليه بعدما تبين أن المعني هو (حاء).

وبعد التحقّق من المعلومات، تبين أن (حاء) لم يُضف أي أبناء على ملفه ولم يحصل على رقم مدني كويتي، واكتفى بجواز السفر فقط، ما عزز القناعة بأن تجنيسه تم بناءً على أقوال كاذبة (باعتبار أنه من مواليد الكويت، بينما الكتاب الخليجي يؤكد أنه من مواليد الدولة الخليجية ويحمل ثبوتياتها وجنسيتها وأنه معروف ومن عائلة معروفة لدى الدولة الخليجية في إحدى المناطق التي يسكنها ذووه).

وبناءً على ذلك، قررت اللجنة تطبيق بند فقدان الجنسية عليه، باعتباره مزدوج الجنسية، وهو الإجراء المخصص عادةً لحالات الازدواجية، بينما كان من المفترض تطبيق بند السحب عليه الذي يطبق على حالات التزوير.

وحاول (حاء) تقديم كتب سابقة يطلب فيها استرجاع جنسيته الكويتية، ولكن لم تتم الموافقة على أي منها.

تدقيق شامل

وبعد صدور قرار، فقد جنسية (حاء) والتعرف على اسمه الكامل، ثارت الشكوك أكثر بعد التعرف على أسماء إخوانه الثلاثة. وبتحليل بياناتهم وإجراء المزيد من التحريات والتحقيقات، تبيّن أن لديهم مستندات خليجية رسمية، ووضعت إدارة الجنسية ملاحظة أمنية على ملفاتهم ومنع إجراء أي معاملات لهم أو لأبنائهم لحين مراجعة مباحث الجنسية، وتم وقف جميع معاملاتهم موقتاً بسبب اكتشاف وجود مستندات خليجية لديهم.

وخلال الفترة ما بين عامي 2004 و2010، حضر الإخوة الثلاثة مع أبنائهم إلى الإدارة وأقرّوا بأنهم يحملون وثائق ومستندات خليجية، وتعهّدوا بالتنازل عنها، ومن بينهم أحدهم الذي أصبح عضو مجلس الأمة في الكويت.

«ميم»… و«حفيظة النفوس»

خلال مراجعة ملف (ميم) لدى تقديمه بيانات التنازل عن الجنسية، قدم وثيقة خليجية تُعرف باسم «حفيظة النفوس»، وهي توازي كرت العائلة، تحمل اسمه وميلاده وتاريخها ومحلها والوظيفة، صادرة سنة 1965، أي قبل عشر سنوات من حصوله على الجنسية الكويتية، ما يثبت أنه كان يحمل الجنسية الخليجية قبل التجنيس، وأنه أدلى ببيانات كاذبة عندما ادّعى أنه من مواليد البادية وأهله وأجداده ولدوا في الكويت، وأن والده كان متواجداً في الكويت قبل 1920، ولو كانت هذه الحقائق موجودة أمام لجنة الجنسية سنة 1975 لما أعطته الجنسية التي حصل عليها بناء للبيانات الكاذبة وفق المادة لأولى.

وبحسب «حفيظة النفوس» الخليجية، فإن (ميم) معرّف بأنه «نائب شيخ إحدى الأسر»، وتاريخ صدورها الأول 1965 قبل اتمام المستجدات عليها، ما يؤكد أن نسبه وهويته معروفة في بلده الأصلي.

جريمة قتل… وهروب

في عام 2016، وصلت برقية من الإنتربول في دولة خليجية تفيد بوقوع جريمة قتل، وأن المتهم يشتبه بحمله مستندات كويتية إلى جانب هويته الخليجية.

وطلبت السلطات الكويتية الحصول على بصماته لمقارنتها، فجاءت النتيجة لتكشف أنها تعود لأحد أحفاد (ميم)، ما يعني أنه مازال يحمل ثبوتيات الدولة الخليجية رغم ادعائه وتقديمه ما يفيد بالتنازل عنها

وبناء على ذلك، صدر قرار بسحب الجنسية من المتهم بالقتل عام 2017، لكنه كان متوارياً عن الأنظار منذ 2016، ومازال إلى اليوم في 2025 متوارياً.

اعتراف الجد

وفي عام 2020، استُدعي الجد (ميم) من مباحث الجنسية للتحقيق بوجود شكوك بالتزوير في ملف الجنسية يخص والد المتهم بالقتل الذي سحبت منه الجنسية وهو متوارٍ عن الأنظار. وخلال استجوابه أمام مباحث الجنسية والنيابة، اعترف بأن (ميم) والد القاتل ليس ابنه الحقيقي. وصدر بحقه حكم بالسجن سبع سنوات، لكنه يُمكّن من الهروب من البلاد قبل تنفيذ العقوبة، ولم ينفذ الحكم.

لاحقاً، وفي عام 2025، صدر بحقه حكم جديد بالسجن سبع سنوات أخرى بعد أن كشفت التحقيقات تورّطه في استبدال هوية ابنته الحقيقية بأخرى مقابل مبلغ مالي.

ففي سنة 2022، مثلت أمام مباحث إدارة الجنسية سيدة تحمل مستندات خليجية، وأدلت أمام الإدارة باعتراف أن والدها هو (ميم) وأنها مضافة على ملف للجنسية الكويتية، إلا أن المضافة حالياً على الملف الكويتي لوالدها ليست هي، ولكن والدها أدخل سيدة أخرى مكانها، وهي الآن تريد استعادة مكانها على ملف الجنسية الكويتية.

وعندما تمت مراجعة الملف تبين أن صورتها في ملف الجنسية صحيحة ومطابقة لها وأنها ابنة (ميم)، ولكن البطاقة المدنية لذات الشخصية مختلفة وتحمل صورة سيدة مزيفة أدخلها الوالد (ميم) إلى ملفه بدلاً من ابنته بمقابل مالي.

وفاة «عين»… وشروع بالقتل

أما (عين)، فتوفي عام 2008 في الدولة الخليجية ودفن هناك باسمه الحقيقي وجنسيته الأصلية، رغم أنه كان قد أعلن سابقاً أمام السلطات الكويتية التنازل عن الجنسية الخليجية.

واستصدر أبناؤه حكم محكمة بأن والدهم متوفى وهو أصلاً كان متنازلاً عن الجنسية الخليجية، ولكن في الحقيقة أنه مات هناك ودفن هناك باسمه وهويته وجنسيته الخليجية، ما يعني أن تنازله أمام السلطات الكويتية عن الجنسية الخليجية كان كاذباً.

وفي عام 2023، وقعت مشاجرة مع جريمة شروع بالقتل، المتهم فيها أحد أبناء (عين)، وكشفت التحقيقات أنه كان يخطط للهرب باستخدام هويته الخليجية. وأبلغ أحد أطراف القضية الجهات الأمنية الكويتية، وزوّدها بصورة من هويته لمنعه من الهروب، وهنا تبين أيضاً أن التنازل عن الجنسية الخليجية كان صورياً فقط، لكن لم يطبق هذا التنازل وظل يحمل الجنسية الخليجية مكتفياً بما قدمه للسلطات الكويتية من تنازل صوري.

«سين»… مازال مزدوجاً

بالنسبة إلى الشقيق الرابع (سين)، فرغم تنازله عن الجنسية الخليجية أمام السلطات الكويتية، تبين أنه وأبناءه ما زالوا يحملون الجنسية الخليجية إلى جانب الكويتية، وبعضهم غير مسجل في الملف الكويتي ويزور البلاد بهويات خليجية.

إخوة آخرون

كما كشفت التحقيقات أن للأشقاء الأربعة إخوة آخرين يحملون الجنسية الخليجية سعوا في فترات مختلفة للحصول على الجنسية الكويتية لكنهم لم ينجحوا.

وخلال طلباتهم، احتفظت إدارة الجنسية بعينات البصمة الوراثية لهم، باعتبارها من ضمن متطلبات طلب الحصول على الجنسية، والتي تمت مقارنتها لاحقاً بعينات (ميم) و(سين)، وثبت يقيناً بالدليل العلمي القاطع أنهم أشقاء من أب واحد، وهو المتوفى سنة 1970 لم يحصل أصلاً على الجنسية الكويتية.

169 تبعية

وبعد استكمال التحقيقات ومراجعة الأدلة والبصمات والمستندات الخليجية، خلصت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية إلى أن الأشقاء الثلاثة (ميم، عين، سين) أدلوا ببيانات كاذبة عام 1975 عند حصولهم على الجنسية الكويتية، رغم حملهم الوثائق الخليجية الأصلية قبل ذلك بسنوات. وبناءً على الأدلة القطعية والاعترافات الرسمية، قررت اللجنة سحب الجنسية الكويتية نهائياً من المزورين الثلاثة وجميع تبعياتهم، بينما (حاء) كانت قد (فقدت) منه الجنسية ولا تبعية لديه، أما تبعية الثلاثة فهي:

• (ميم): 50 شخصاً

• (عين): 47 شخصاً

• (سين): 72 شخصاً

6 إضاءات

1. ازدواجية زمنية

تبيّن أن حصول الأشقاء على الجنسية الكويتية جاء لاحقاً لحملهم الجنسية الخليجية الأصلية.

2. بيانات الميلاد

ثبت أن الإخوة الثلاثة وأبناءهم ليسوا من مواليد الكويت كما زعموا، بل من مواليد الدولة الخليجية ويحملون جنسيتها ووثائقها الرسمية.

3. غش وأقوال كاذبة

أظهرت التحقيقات أن البيانات التي قُدمت إلى لجنة الجنسية عند طلب التجنيس استندت إلى الغش والإدلاء بأقوال كاذبة.

4. أبناء غير حقيقيين

كشفت مراجعة الملفات أن بعض الأبناء المضافين في ملفات التجنيس لا تربطهم علاقة نسب صحيحة بالآباء، ما يشكّل حالات تزوير إضافية داخل ملفات الجنسية.

5. الفارق الزمني

تبين وجود فارق زمني بين تاريخ حصول عدد منهم على الجنسية الكويتية وتاريخ إضافة أبناء إلى ملفاتهم.

6. الأخ الأكبر

الأخ الأكبر (حاء) هو أول من حصل على الجنسية الكويتية وفق المادة الخامسة، وهو ما يُشكّل دليلاً إضافياً ينفي تواجدهم في الكويت، ويُؤكّد الإدلاء ببيانات كاذبة وغير صحيحة وغشّ.