اخبار الكويت

عَشْرٌ مضت… ما أصعب الرحيل

عشر سنوات مضت… ما غاب ذكرك مرّة ولا تراجع الحضور. على العكس من ذلك كان الترحّم عليك، شخصاً وسيرة ومسيرة ومواقف، يزداد كلما توتّرت الحياة السياسية واهتزت اللحمة المجتمعية وتمادى البعض في الطعن بالوحدة الوطنية… ولسان حال المُترحّمين واحد: أين أنت يا أبا عبد المحسن.

جاسم الخرافي، ما أصعب الرحيل. ليتهم سمعوا منك. ليتهم اعتمدوا تقديراً للأمور شبيهاً بما فعلت. ليتهم توقّفوا عند تحذيراتك الدائمة بألّا تتحول الحياة الديموقراطية إلى مِنصّات إطلاق مُغامرات وإساءات وتفريط بالمُكتسبات الدستورية وأهمها الحريات العامة… وليتهم تشابهوا – كما فعلت – مع تاريخ هذا البلد ورموزه وأخلاق رجالات الدولة. وها هم يحصدون نتائج ما كنت تُحاول بكل قوّتك ألّا نصل إليه، لكن الداء تفاقم وآخر الدواء الكيّ.


عبداللطيف المشاري

حمت قامتك حتى الذين أساؤوا إليك، وكانت ابتسامتك التي لا تفارقك جسر تواصل مع الجميع وحاجزاً في الوقت نفسه يحجب النزول إلى مستويات من الخصومة لم تألفها شخصياً ولم تعرفها الكويت.

أبا عبد المحسن، أمسكت بمطرقة البرلمان كأنّك تمسك الجمر خوفاً من سقوطه واحتراق التجارب والمراحل. صبرت وتعاليت وتجاوزت ولم تقطع الودّ حتى مع من تعمّد الإساءة إليك. كلّما تمادوا في غيّهم وسياساتهم وسلوكياتهم كانت ابتسامتك تنطلق ورحابة صدرك تتّسع ورباطة جأشك تقوى. وفي الوقت نفسه كنت تردّ على كلّ فرية أو خطأ بأسلوب الاحترام والحزم اللذين جُبِلت عليهما من دون التعرّض الشخصي لأيّ كان، رغم أن سلاح الفاشلين والمُقامرين بالاستقرار كان يرتكز أساساً على التعرّض لشخصك والافتراء على سيرتك التي خرجت دائماً من أيّ سجال مُشرقة لامعة.

ليتهم سمعوا منك. حكومات عاجزة لا برامج عندها ولا همّ لها سوى عقد صفقات مع بعض النواب خوفاً على كراسي الوزراء، ومجالس كبّلتها المصالح الشخصية والانتخابية. التقى الطرفان على العبث المُبرمج … وكان القانون ضحية ذاك العبث.

واجهت انحرافات بعض من في المُؤسّسة التشريعية كما واجهت تخاذل حكومات عن اتخاذ القرارات الصحيحة… ومع ذلك، كانت قامتك جامعة شاملة. تضع الإصبع على الجُرح أو مكمن الخلل، وتمدّ يدك فوراً إلى الجميع للعمل معاً من أجل الوصول إلى حلول.

كم كان للصبر حضور في عقلك وقلبك إيماناً منك بأن الكويت أسرة واحدة. كم تجاوزت وترفّعت. كم كُنت أنت في مُختلف الظروف والتحديات. أنت الذي لا تُشبه سوى نفسك… كم كُنت الكويتي الكويتي جاسم الخرافي.