اخبار الكويت

قراءة في تعديلات «المرافعات» الرد لم يعالج كل الحالات وعقد الجلسات لم يشمل الخبراء

أظهرت التعديلات التشريعية التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته أمس الأول بشأن تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية اهتمام وزارة العدل، صاحبة التشريع، بثلاث قضايا هي دعاوى الرد والتطور التكنولوجي لخدمات التقاضي، وأخيراً ما يخص ملف الرسوم القضائية الذي تستمر الوزارة في مراجعته، وذلك بعد الانتهاء من إقرار قانون الرسوم القضائية الجديد ودخوله حيز التنفيذ أخيرا.

ورغم حاجة الواقع العملي للتعديلات التشريعية وتحديداً فيما يتعلق بقضية رد القضاة التي تسببت عملياً بشل العديد من الدوائر والهيئات القضائية من عدد من المتقاضين الذين استخدموا دعاوى الرد لصد أنزعتهم القضائية، إلا أن التعديلات المقرة والمعلن عنها لم تكن مواكبة لحجم الدعاوى والممارسات المفتعلة لغل يد القضاء بالفصل في الأنزعة المعروضة والتي تتسبب دعاوى الرد في منع نظرها وكل ما أورده التشريع المقترح هو تغريم أصحاب دعاوى الرد بمبالغ لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1000، وألزم المحكمة بالفصل بدعاوى الرد خلال مدة لا تتجاوز شهراً.

بينما عملياً لم يتصدَّ التعديل لدعاوى الرد التي تقام على الهيئات القضائية التي تنظر دعاوى طلبات الرد وعلى الهيئات التي تنظر دعاوى طلبات الرد على الهيئات التي تم ردها، وكان مقررا نظرها لطلبات الرد وهكذا، ومن ثم فإن طريق الاستمرار بتقديم تلك الدعاوى لم ينغلق بهذا التعديل.

كما أن فترة الشهر المقررة بالقانون ليست كافية في ظل عدم وضوح آلية عمل قيد دعاوى الرد والتي تخضع يومياً لاجتهادات في كيفية رفعها، فضلاً عن أن التعديل يوجب أن يقدم طالب الرد الدليل والمستندات المؤيدة لطلبه، مما يعني أن عدم تقديمها يوصم الطلب بعدم القبول، وهو أمر لا يمكن تحققه عند تقديم طلب الرد والذي قد يستند عند رفعه للوقائع الدالة على عدم صلاحية المحكمة، ولكن ليس لدى طالب الرد المستندات الدالة أو لا تكون متوافرة لحظة تقديم طلب الرد، وهو أمر قد يفقد طلب الرد الحق في ممارسته.

كما أن المشروع المقر خلا من كفالة حق المتقاضي في تقديم طلب الرد والذي قد يتسبب تقديمه إلى رفع السادة القضاة المطلوب ردهم لدعاوى بالتعويض على رافع طلب الرد على الرغم من كفالة القانون لتقديم طلبات الرد.

ولذلك، فإن التعديل بقدر ما قرره من وضع غرامات على من يرفض طلب رده او يقرر عدم قبوله، فإنه لم يتضمن حماية مقدم طلب الرد على رغم أنه مارس حقه في التقاضي كما أن المشرع، وهو في سبيل تقريره لتلك الغرامات عاقب المتقاضي في حال سلوكه طريق رفع دعوى الرد، وكان يتعين أن يقرر بعبارة «ويجوز للمحكمة إذا ثبت أن طلب الرد يستهدف اللدد في الخصومة الموضوعية او

تعطيلها أن تقرر معاقبة طالب الرد بعقوبات»، لا أن تقرر للمحكمة حال الرفض أو عدم القبول أو السقوط الحكم بالغرامة على طالب الرفض حتى ولو كانت هناك وجاهة في تقديم طلب الرد.

كما أن التعديلات التي اعلن عنها مجلس الوزراء بتعديل المادة 45 مكررا من قانون المرافعات المدنية والتجارية والتي تم تعديلها عام 2020 على خلفية جائحة كورونا، والتي سمحت برفع الدعاوى إلكترونيا وعن بعد، الا أن التعديل الصادر مستحق من حيث تقريره بعمل كافة الاجراءات القضائية عن بُعد من رفع للدعاوى وسداد للرسوم والاستعانة بالأجهزة لعقد الجلسات عن بعد والتراسل والاعلان وغيرها بما يتيح عقد الجلسات عن بعد الا ان التعديل خلا من الإشارة الى انه يسمح بعقد جلسات المحاكم وجلسات إدارة الخبراء التي تعقد، رغم إشارة مشروع القانون إلى تطبيق قانون الخبراء، وهو ما يتعين اشارة التعديل للمادة 45 مكررا إلى انطباق أحكامه على الجلسات التي تجرى، سواء أمام المحاكم وكذلك الأجهزة المعاونة كالخبراء.

كما سمح التعديل المهم على تقرير إدارة لتجهيز الدعاوى القضائية وتنظميها بما يسمح تنظيم عمل القضايا امام المحاكم. وسمح أيضا لوزير العدل أن يصدر القرارات المنظمة لعمل تلك الإدارات التي يتم نشأتها لتحضير الدعاوى القضائية، إلا أن عمل تلك الإدارات المسند اليها تحضير الدعاوى القضائية لم يتم استثناؤه من عمل عقد الجلسات بنمطها الحالي التقليدي، عملا بأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو ما يعني ان ادارات تحضير الدعاوى القضائية سوف تتطلب شكلا يتلاءم مع بقية النصوص المقررة للتقاضي والمعمول بها في القانون وذلك بخلاف شكل تلك الإدارات المعمول بها وفق القضاء والقانون المقارن والتي أخرجها عن سياق النظام التقليدي لنظر الدعاوى القضائية وعقد الجلسات، وهو ما يشكل تحديا كبيرا لدى وزارة العدل في كيفية الاستفادة من نظام تحضير الدعاوى.

كما تضمن التعديل على قانون المرافعات صورا لرفع الرسوم القضائية الخاصة بالعقود التي لم يشملها التعديل بقانون الرسموم القضاشية.

ورغم الحاجة الملحة للوسائل البديلة كالتوفيق والتسوية القضائية والصلح، إلا أن المشرع لم يقررها في التعديل الصادر، رغم أهميتها، خاصة بعد اقرار قانون الرسوم القضائية الذي تضمن رفع الرسوم، والتي يلزم للرافع للدعوى سداد نسب مالية عالية تفوق النسب السابقة، مما تسبب في عدم السير في طرق رفع الدعاوى أمام المحاكم، وهو ما ينبغي النظر اليه لأهميته على المتقاضين الراغبين في حل أنزعتهم بعيدا عن طريق المحاكم.