اخبار المغرب

اختلالات تسويق الأسماك تصل إلى البرلمان .. ومهنيون يستعجلون الإصلاح

وجد موضوع “تثمين منظومة تسويق وتثمين منتجات الصيد البحري” طريقه مجددا إلى المؤسسة البرلمانية، حيث طُرح على محمد صديقي، الوزير الوصي على القطاع، بغرض الكشف عن التدابير الكفيلة بالتجاوب معه وتجاوز كل العراقيل التي تتسبب في عرقلة عملية بيع وشراء المنتجات السمكية، وهو ما ينادي به مهنيو القطاع إلى حدود اليوم.

إثارة هذا الموضوع جاءت ضمن سؤال كتابي لنادية التهامي، النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، التي قالت ضمنه إن “الإمكانيات الكبيرة التي تتيحها شواطئنا من حيث صيد الأسماك تتطلب إصلاح منظومة تسويق وتثمين منتجات الصيد البحري في جميع المستويات من الجملة إلى التقسيط”، موضحة أن “ضمان استقرار الأسعار يعد مطلبا ملحا يستوجب إحداث ما يكفي من أسواق القرب المصنفة والمحترمة”.

كما أشارت التهامي إلى “مبدأ الشفافية وضرورة التأشير على شهادة المنبع من الميناء وأسواق الجملة، مع إخضاع جميع المنتجات البحرية للمزاد العلني بجميع المناطق وبالنسبة لكافة أنواع السمك، وإلغاء نظام الامتيازات والاحتكار الذي يضر بالقطاع ويؤثر على الثمن والتنافسية”، مع تأكيدها على “اعتماد مرجعيات اتفاقية ونموذجية لمراقبة المنتج والأثمان والجودة بالأسواق”.

إكراهات مرصودة

حمزة التومي، الكاتب العام للكونفدرالية المغربية لتجار السمك بالجملة، قال إن “تجارة الأسماك في المغرب تواجه مجموعة من الإشكالات والصعوبات، من ضمنها مشكل الصناديق البلاستيكية الموحدة التي تجب إعادة النظر في طريقة تسييرها، إذ يُلزم المكتب الوطني للصيد البحري التاجر بأداء ذعيرة مالية على كل صندوق ضائع، مع الالتزام بإرجاعه، والحال أن ذلك غير ممكن، خاصة في حالة السرقة”، مضيفا أن “المهنيين كانوا اتفقوا مع قطاع الصيد البحري على صيغ معينة لتدبير هذه الصناديق، غير أن هذه الصيغ لم تفعل على أرض الواقع”.

وأوضح التومي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تاجر السمك يعاني أيضا من غياب الضمانات التي تضمن مصالحه، خاصة في أسواق البيع الثاني التي باتت تحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى قانون يؤطرها، على اعتبار أن كل من هبّ ودبّ يمكنه الولوج إليها، وهذا ما يطرح مخاوف كبيرة بالنسبة للتجار الذين يجهلون طبيعة الأشخاص الذين يتعاملون معهم”، مؤكدا أن “تفعيل قانون أسواق البيع الثاني سيمكن من ضبط مسارات بيع الأسماك وتقليص دائرة المتدخلين فيها”.

وحول مسؤولية التجار عن ارتفاع أسعار الأسماك في المغرب، خاصة السردين، أكد الفاعل المهني ذاته أن “هناك مجموعة من الأسباب التي ساهمت في ذلك، منها استغلال الثغرة التي تسمح لرَبّ المركب بشراء الأسماك التي يصطادها مركبُه بعد أداء الرسوم، ومن ثم توجيهها إلى أسواق أخرى، مع ما يعنيه ذلك من تدخل فاعلين مختلفين يساهمون بشكل أو بآخر في رفع الأسعار”.

وتابع رئيس اتحاد التعاونيات “أسماك موانئ الصحراء”: “قطاع الصيد البحري صنّف سمك السردين بأنه سمك صناعي لا يخضع للسمسرة ويباع في أسواق البيع الأول بثمن مرجعي لا يتعدى أربعة دراهم للكيلوغرام الواحد، غير أنه لا يوجه إلى مصانع، بل يتم تغيير مسارات بيعه وتهريبه بطرق مختلفة وبواسطة متدخلين مختلفين ليصل في النهاية إلى يد المستهلك بثمن خيالي”، مشددا في الأخير على “ضرورة فتح عملية السمسرة في وجه التجار الذين يزودون الأسواق المحلية لضمان استقرار الأثمان في هذه الأسواق”.

الحاجة إلى تدخلات

عبد الحليم صديقي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصيد البحري، أفاد من جهته بأن “ضبط ممارسة تجارة السمك بالمغرب يجب أن تتم انطلاقا من مجموعة من المداخل الأساسية، بما فيها المدخل المتعلق أساسا بإعمال الصرامة في العمل بدفتر التتبع الذي يمكننا من معرفة وجهة كل تاجر قام بشراء الأسماك من الأسواق الوطنية”.

وأضاف الصديقي في تصريح لهسبريس: “مازلنا أمام إشكالات واضحة، بداية بلجوء التجار الصغار والمتوسطين إلى أسواق البيع الأول، أي الموانئ، من أجل الزود بالمنتجات البحرية، إذ يجب عليهم أن يتوجهوا أساسا صوب أسواق البيع بالجملة. يجب في هذا الإطار توفير بطاقتين؛ الأولى للتجار الكبير والثانية للصنفين الآخرين”.

وزاد المتحدث ذاته: “من المفروض تفعيل العمل بدفتر التتبع انطلاقا من أسواق الجملة، بغرض معرفة وجهة التجار المتوسطين والصغار، ولحل مشكل ثانٍ يتعلق بكون مجموعة من الأفراد يتوفرون على بطاقات مهنية لكن ليسوا كلهم يشتغلون باستخدامها، وهنا يمكننا إعادة ترتيب الصفوف المهنية”، موردا أن “عملية التتبع تنفع وزارة الداخلية هي الأخرى وتدعم جهود حماية صحة المستهلك ومعرفة مختلف المتدخلين في عملية بيع وشراء منتج سمكيّ معين”.

كما سجّل المهني نفسه وجود “تداخلٍ في اختصاصات البيع والشراء اليوم في القطاع، بما يجعلنا أمام مجموعة من المتدخلين الذين يساهمون، كما هو معلوم، في وصول الكيلوغرام الواحد من السردين إلى ما يزيد عن عشرين درهما إلى المستهلك، مقابل أربعة دراهم على مستوى الميناء مثلا”، مؤكدا في الأخير أن “الإصلاح يجب أن يكون بشكل مستعجل”.