اخبار الإمارات

الاستيطان في الضفة الغربية.. حومش تهدد بنسف حل الدولتين

مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية (أرشيف)

الجمعة 16 يونيو 2023 / 01:10

يثير توسع الاستيطان الإسرائيلي وعنف المستوطنين المتنامي في العام الماضي، ويواصل الارتفاع منذ تولي الحكومة اليمينية التي يرأسها بنيامين نتانياهو، قلقاً فلسطينياً ودولياً وسط تعثر جهود إطلاق مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل.

كان المزارع الفلسطيني سالم مسعود في منزله بقرية برقة في الضفة الغربية المحتلة حينما نبهه جيرانه إلى أن حظيرة منزله تحترق.
وقال مسعود إن عشرات المستوطنين أضرموا النيران في الحظيرة عصر يوم في أواخر مايو (أيار)، ما تسبب في إلحاق أضرار بها، واحتراق المئات من أكوام القش، والمعدات التي يستخدمها في الزراعة.
وبعد أيام، كان جاره محمد البزاري يتابع الأخبار عندما قطع المستوطنون السياج حول منزله وحطموا نوافذه وألحقوا الأضرار بأشجار الليمون في حديقته.
وقال البزاري 44 عاماً، وهو والد لطفلين ويعمل في مزرعة دواجن في رام الله، إن “قلبه توقف” عندما شاهد هجوم المستوطنين، مضيفاً أنه يمكن استبدال النوافذ، ويمكن نقل النباتات إلى أوعية جديدة، لكن خسارة روح واحدة لا يعوضها شيء.
وعبر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون مراراً عن مخاوفهم من عنف المستوطنين بعد تولي حكومة نتانياهو، التي كان من قراراتها في مارس (آذار) السماح للمستوطنين بالعودة إلى أربع مستوطنات، أخليت في 2005، بينها مستوطنة حومش، تقع على قمة تل مطل على برقة.

ويقول فلسطينيون إن التحرك يعرض الأرواح والممتلكات للخطر ويهدف لترويعهمليفروا من منازلهم. ويقولون إن الجنود الإسرائيليين يقفون في وضع استعداد خلال الهجمات وغالباً ما يطلقون النيران عليهم أو يلقون عليهم القنابل المسيلة للدموع عندما يحاولون صد المستوطنين.

وفي ظل التوتر، ينتشر العنف ويواجه المستوطنون في الضفة الغربية أيضاً إطلاق نيران من سيارات ويتعرضون للرشق بالحجارة من الفلسطينيين، ولقي ستة منهم حتفهم، هذا العام.
وقال الجيش إنه في ظل مواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين في برقة، يعمل الجنود على منع العنف أو الإضرر بالممتلكات.
وتتذرع إسرائيل بروابط دينية وتاريخية وسياسية بالضفة الغربية لإنشاء المستوطنات التي تعدها أغلب الدول غير شرعية. وأنشأت إسرائيل مستوطنة حومش في 1978 على أرض فلسطينية في منطقة استولت عليها في حرب 1967 قبل أن تجلي منها عشرات الأسر الإسرائيلية في 2005 بموجب خطة فض اشتباك.
وقال شلومي زاكري، وهو محام بمجموعة ييش دين الحقوقية الإسرائيلية التي تمثل بعض أسر برقة إنه بعد الإجلاء، صار دخول الإسرائيليين للمنطقة جريمة جنائية.
وقال ناصر حجي، عضو مجلس إدارة برقة، إنه مع الإذن بالعودة، أقيم بيت متنقل يستخدم الآن مدرسة دينية. وصحيح أنه لا يوجد إلا بضع عشرات المستوطنين، لكن وجودهم قيد بشدة حركة سكان برقة الـ 6 آلاف.
وقال حجي إن المستوطنات تحول بين السكان ومزارعهم.

وأضاف أن ثلثي أراضي القرية إما صودرت أو حولت إلى منطقة عسكرية مغلقة، ما خلف آثاراً سلبية كبيرة على اقتصاد برقة.
وقال حجي إن التبعات تتجاوز القرية. وتقسم برقه شمال الضفة الغربية عن جنوبها عند تقاطع ثلاث مدن فلسطينية كبيرة.
وقال إنه إذا توسعت مستوطنة حومش أكثر من ذلك، فإنها ستهدد بعزل أكثر من نصف مليون فلسطيني عن منازلهم وأراضيهم ووظائفهم “وفرض حقائق على الأرض”.

وقال زعيم المستوطنين يوسي دغان إن الفلسطينيين من برقة يرشقون المستوطنين والسيارات المتجهة نحو حومش بالحجارة، لكنه أضاف أن المستوطنات ستتوسع.
وقال في بيان: “الإرهاب لن يردعنا. سنواصل بناء المستوطنات”.
ومع استمرار التوسع، يتصاعد العنف. ورصدت الأمم المتحدة 475 حادثاً متصلاً بالمستوطنين وقعت فيها إصابات بين الفلسطينيين أو أضرار في ممتلكاتهم في الأشهر الخمسة الأولى من 2023، وهو أعلى معدل يومي منذ 2006.
وفي الشهر الماضي، قال سكان برقة إن مستوطنين مسلحين كانوا برفقة جنود إسرائيليين، أطلقوا الرصاص عليهم وأحرقوا الأشجار ودمروا منازل وسيارات. وقال سكان إنهم في إحدى الحالات، حاولوا اقتحام مدرسة أثناء الفصول الدراسية.
وقالت جماعة بدو منطقة عين سامية الفلسطينية الـ 178في الشهر الماضي إنهم أُرغموا على مغادرة منازلهم في الضفة الغربية بسبب عنف المستوطنين.
وفي فبراير (شباط)، انطلق مستوطنون في بلدة حوار بالضفة الغربية فأحرقوا سيارات ومنازل مسكونة ما أثار إدانة عالمية، بعد مقتل شقيقين من مستوطنة قريبة برصاص مسلح فلسطيني.
وكما هو الحال في مناطق أخرى من الضفة الغربية، قال سكان برقة إنهم يعتمدون على أنفسهم في الحماية. ووضع بعضهم قضباناً معدنية على النوافذ. وشكل آخرون فرق مراقبة ليلية.
وقال أحد سكان برقة يدعى نافع صلاح وهو يكدس الحجارة على سطح منزله إنه سيواجه المستوطنين بكل ما لديه من حجارة أو بيديه وجسده مؤكداً رفضه المغادرة.
وقال نتانياهو الأسبوع الماضي إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تشكل عقبة أمام السلام، رغم أن توسيعها كان على مدى عقود من أكثر القضايا إثارة للجدل بين إسرائيل والمجتمع الدولي والفلسطينيين الذين يقولون إن المستوطنات تقوض الآمال في دولة فلسطينية قادرة على الصمود.
ونفى رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقابلة مع سكاي نيوز، أن تكون عودة المستوطنين إلى حومش انتهاكاً للالتزامات التي قطعها على نفسه لإدارة بايدن.
وقال غسان دغلس، من سكان برقة والمسؤول في السلطة الفلسطينية، إن الفلسطينيين يدفعون الثمن مع زيادة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية الـ 700 ألف.
وأضاف أن الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون هو أنهم إذا لم يدافعوا عن أنفسهم فسيُحرقون أحياء في منازلهم.