اخبار المغرب

الوالي التازي: 80 إلى 90 في المائة من المشاركين في الهجرة الجماعية يتحدرون من مناطق خارج الشمال

قال والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، « إن ما بين 80 إلى 90 في المائة من الأفراد » المغاربة الذين شاركوا في محاولة الهجرة الجماعية يوم 15 سبتمبر، « يتحدرون من مناطق خارج جهته ».

الوالي الذي كان يتحدث في اجتماع دورة أكتوبر لمجلس هذه الجهة، أشار إلى « التحديات الأمنية » التي واجهت السلطات في الشمال خلال تلك الفترة، لكنه قال مستدركا إنها « تحديات تهم الوطن كله، وليس الجهة فقط ».

كان هذا المسؤول في وزارة الداخلية يشارك في العمليات الميدانية التي نُفذت قبل 15 سبتمبر، وخلاله، ثم بعدها، في محاولة لإيقاف الآلاف من المهاجرين، غالبيتهم شبان ويافعون مغاربة، من الوصول إلى سبتة.

وفي تلك المحاولات، سرى الاعتقاد بأن أكثرية أولئك المرشحين للهجرة غير النظامية ينحدرون من مدن في شمال البلاد، لاسيما بلدة الفنيدق الحدودية التي تعاني ركودا اقتصاديا منذ إغلاق معبر باب سبتة نهاية عام 2019. وقد ترسخ هذا الاعتقاد منذ ذلك الحين.

والي الجهة (يسار) خلال اجتماع مجلس الجهة، وبجانبه رئيسها

الهجرة الجماعية التي حدثت… دون أن تحدث 

في الوقت الذي كان فيه الأغنياء يقضون موسم العطل الصيفية في الشمال فى يخوت فاخرة أو منتجعات مذهلة، كانت المنطقة تمتلئ بشباب غير راضٍ، وسكان قادمين من الجنوب، والعديد من القاصرين الذين كان همهم الوحيد هو العبور.

العرض الأمني الذي قدمه المغرب في الأيام التي سبقت 15 سبتمبر كان شبه معدوم خلال الصيف، باستثناء الأيام الأخيرة من غشت، عندما أصبحت الضغوط خانقة في البحر من قبل المهاجرين بحرا.

حتى ذلك الحين، كانت هناك ليالٍ يسبح فيها الأشخاص دون مشاكل في البحر بسبب انعدام الرقابة. كانت الشواطئ خالية من الحراسة، وفي عرض البحر كانت البحرية المغربية تتدخل أحيانًا.

وقع الحدث الأكثر خطورة عندما نزل المهاجرون إلى البحر بأعداد كبيرة فيما اعتُبر أسوأ ليلة على الإطلاق. حينها بدأت الأرقام تُنشر رسميًا عن محاولات العبور، وهي أرقام لم تُعلَن من قبل أي جهة رسمية، إلى أن كشفت عنها مندوبة الحكومة في مؤتمر صحفي في 26 غشت الماضي.

حتى ذلك التاريخ، لم يكن ما يحدث على الجانب المغربي يُعلن رسميًا، وبالتأكيد لم تكن هناك جهة رسمية تقدم أرقامًا حول المحاولات التي كانت تبدأ من شواطئ أخرى.

بدأ الإعلام الإسباني يتجاهل ما يحدث بعد وصول البالغين والأطفال إلى سواحل سبتة تقريبًا كل ليلة، بما في ذلك عمليات إنقاذ لطفل يبلغ من العمر 11 عامًا أو امرأة حامل في شهرها الثامن.

تأثير الإنترنت، والاخبار السعودية بين الذين وصلوا إلى سبتة وأولئك الذين كانوا يحاولون الوصول، والنشر الواسع لأول مقاطع فيديو لنساء -وهو أمر كان لا يُتصور من قبل- يعبرن سباحة ويظهرن بفخر وصولهن… كل هذا تم تحضيره تدريجيًا، مما أدى إلى انفجار 15 سبتمبر بأكثر الطرق إثارة للقلق.

رئيس مدينة سبتة، خوان فيفاس، ظهر في العديد من وسائل الإعلام وأجرى مقابلات، رغم أنه ليس مختصًا بشؤون الهجرة أو الأمن. لقد قام بذلك بدافع من القلق الذي نتج عن رؤية أول تحذير جاد بعد أزمة مايو (2021) وما تسببه مثل هذه الحالات من انعدام الأمن الواضح لرئاسة البلدية التي تحاول بشدة جذب المستثمرين وتحسين السياحة في المدينة.

ماذا تغيّر في 15 سبتمبر؟ كانت الرغبة في العبور إلى سبتة موجودة دائمًا، لكن لم تُنظم حملة مُعلنة مسبقًا وبهذا القدر من الدعم. في السابق كان يعتمد الأمر على عنصر المفاجأة، أما الآن فقد تم الإعلان عنه، وعلى الرغم من ذلك، عرض المشاركون أنفسهم لخطر حقيقي.

منح اللجوء كان موجودًا منذ سنوات بنفس السرعة، لكن تأثيره أصبح أكبر الآن بين أشخاص متصلين ببعضهم البعض على نطاق واسع. خروج أولئك الذين غادروا سبتة (إلى أوربا) بعد شهر من تقديم طلب اللجوء دون الحصول على رد كان له تأثير مدمّر.

لم تتجاوب الحكومة الإسبانية بزيادة عدد أفراد الشرطة أو بإعادة تفعيل مكتب اللجوء الموجود على الحدود أو بمعالجة الإجراءات كما كان ينبغي. لم يتفاعلوا لا سابقًا ولا الآن. لكن اليوم، من يغادرون (إلى إسبانيا) يشاركون أحداثهم على «تيك توك» التي تنتشر بسرعة في مجموعات المهاجرين. الوفيات والاختفاءات تُبكى ليوم واحد فقط، ثم يستمر المرشحون للهجرة في القفز إلى البحر، وتنظم محاولات العبور عبر الأسوار، على الرغم من آلاف الاعتقالات والمراقبة المغربية لمنظمي العمليات.

حدثت «التوليفة المثالية»: الفقر، عبور سهل، نقص الرقابة، مقاطع فيديو فيروسية تعكس نجاح المهاجرين سباحة، غياب رد الفعل… كل هذه العوامل أدت إلى تشكيل حركة قوية شهدت أول انفجار لها في 15 سبتمبر.

لماذا لم يحدث الأمر نفسه في مليلية؟ المصادر أوضحت أن السباحة نحو سبتة أصبحت خلال الصيف الماضي أسهل وأأمن طريقة للهروب من المغرب.

ماذا سيحدث بعد 15 سبتمبر؟ جرى إبعاد مغاربة، جزائريين، سوريين، أفارقة من جنوب الصحراء، والعديد من القاصرين أو اعتقالهم. هذه الإجراءات، في محاولات سابقة، كانت ستضع حدًا مؤقتًا على الأقل. لكن هذه المرة، الحركة ما زالت نشطة في ظل فتح نقاش موازٍ حول كيفية تعامل المغرب خلال هذه الأحداث، ومدى توافقه مع حقوق الإنسان، خاصة بعد انتشار مقاطع فيديو وصور تلطخ سمعة بلد يطمح لتمثيل دولي أكبر خارج إطار كرة القدم.

تحقيق طال انتظار نتائجه

في المغرب، بدأ يتسلل الضجر إلى النفوس ترقبا لنتائج تحقيق قضائي لم تظهر أي نتائج عنه حتى الآن. بيان النيابة العامة في محكمة الاستئناف في تطوان، حدد الخطوط العريضة للتحقيق في تبين صدقية الصور والأشرطة التي توثق لمعاملة قاسية لشبان وقاصرين من لدن القوات العمومية ومسؤولين في السلطة المحلية، وكذلك البحث عن خلفيات نشر هذه الصور. منذ اليوم الأول، كانت بعض النتائج محسومة، حول صحة الصور والفيديوهات، وكذلك حول المصورين. ماذا تبقى إذن؟ الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي كُلفت بالتحقيق أكملت الجزء الأول من التحقيقات حول الصور والفيديوهات، ولقد حصلت على بيانات هوية كل أولئك الذين ظهروا في الصور والأشرطة من عناصر القوات المساعدة، ورجال السلطة، لكن يتعين إثبات صلة كل شخص بالأفعال التي شكلت صدمة بالمغرب.

تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الأحداث التي وقعت في الفنيدق خلال نهاية الأسبوع الماضي، حيث جرت محاولة عبور آلاف الأشخاص إلى سبتة.

على وجه الخصوص، سيعالج المجلس مسألة نشر صور لأشخاص يحملون إصابات على ظهورهم وهم جالسون ضد الحائط بعد اعتقالهم، وهي قضية تحقق فيها النيابة العامة. وأعلن المجلس أنه سيتابع جميع الحالات لضمان احترام حقوق الإنسان.

وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان علنًا متابعته لهذه القضايا المتعلقة بما حدث خلال محاولة العبور في عمالة المضيق-الفنيدق، داعيًا الأشخاص الذين «ربما تعرضت حقوقهم للانتهاك» للاخبار السعودية مع المجلس للاستماع إليهم.

في بيان، دعا المجلس «جميع الأشخاص، سواء كانوا بالغين أو أطفالًا، أو أولياء أمورهم الشرعيين، الذين قد يكونون قد تعرضوا لانتهاك أحد حقوقهم، للاخبار السعودية مع المجلس للاستماع إليهم في إطار التحقيقات التي يقوم بها على المستوى المركزي أو الإقليمي، باعتباره آلية لتحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان».

وأعلن المجلس دعمه للفريق الشامل للجنة الجهوية لحقوق الإنسان في طنجة-تطوان-الحسيمة لمراقبة الإجراءات القضائية للأشخاص الذين تم تقديمهم أمام النيابة العامة.

كما يستمر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مراقبة الفضاء الرقمي ومنصات الاخبار السعودية الاجتماعي، سواء كان ذلك نتيجة لمحاولات عبور سابقة، أو دعوات جديدة لمحاولات أخرى، لا سيما بالنظر إلى الكم الكبير من المعلومات المتداولة، حيث قد يكون بعضها صحيحًا وبعضها الآخر غير دقيق أو زائف أو مضلل.

وأشار المجلس إلى أنه يتابع عن كثب الدعوات ومحاولات العبور التي تحدث في عمالة المضيق-الفنيدق، وكذلك جميع الجوانب والمشاكل المتعلقة أو الناتجة عنها.