اخبار المغرب

بشاري: الإسلاموفوبيا تهدّد السلم الدولي

خلال ندوة “الإسلاموفوبيا: فضح التحيز وتفكيك الصور النمطية”، المنظمة أمس الإثنين واليوم الثلاثاء بالعاصمة الأذربيجانية باكو، قال الباحث المغربي محمد بشاري إن “الإسلاموفوبيا تهديد بنيوي للسلم الدولي وليست فقط انتهاكا دينيا”.

وجاء هذا خلال فعاليات الندوة التي تحلّل “ظاهرة الإسلاموفوبيا ومظاهرها في الإعلام والتشريعات والفضاء الرقمي، مع بحث سبل التصدي لها معرفيًا ومؤسسيًا”، بمشاركة أزيد من 200 شخصية من المؤسسات الدولية والخبراء والمفكرين والأكاديميين من نحو 40 دولة.

بشاري، الذي ظفر كتابه “حق الكد والسعاية: مقاربة تأصيلية لحقوق المرأة المسلمة” بجائزة الشيخ زايد للكتاب في أحدث دوراتها سنة 2025 الراهنة، قدّم خمس رسائل في مداخلته، أولها أن “الإسلاموفوبيا تجاوزت كونها مجرد تعبير عن الخوف أو الكراهية، وأصبحت نمطًا مؤسسيًا وخطابيًا ممنهجًا يُهدّد التعددية الثقافية والتماسك الاجتماعي”، مردفا بأنها “ليست قضية تخص المسلمين فقط، بل هي انتهاك لكرامة الإنسان وللحقوق المضمونة في المواثيق الدولية، ما يستوجب تحركًا عالميًا لا يكتفي بالإدانة، بل يواجه البنية المفاهيمية التي تبرر هذه الكراهية”.

والرسالة الثانية دعوة إلى “حماية التراث الإسلامي” بوصفه “جزءا من الذاكرة الإنسانية العالمية”، إذ شدّد المتدخل على أن “التراث الإسلامي، في أبعاده المادية واللامادية، ليس ملكًا للمسلمين وحدهم، بل هو جزء من الذاكرة الحضارية للبشرية؛ واستهداف هذا التراث بالتشويه أو التدمير يمثل جريمة ثقافية وفقًا للقوانين الدولية، وعليه فإن صون هذا التراث واجب جماعي، تؤطره اتفاقيات اليونسكو ويجب أن تلتزم به جميع الدول”.

وتحدّث الباحث المغربي الإماراتي عن “التجربة الإماراتية في مكافحة التمييز وخطاب الكراهية” بوصفها “نموذجا رياديا يمكن تعميمه عالميًا”، مضيفا: “القانون الاتحادي لسنة 2015، وتأسيس وزارة التسامح، ومبادرات مثل ‘البيت الإبراهيمي’… هذه التجربة تُثبت أن التشريعات الفعالة حين تُدعَّم بسياسات تعليمية وإعلامية ومؤسسية يمكنها أن تؤسس لثقافة تسامح حقيقية تتجاوز المناسبات الخطابية”.

أما رابع الرسائل فجاءت حول “ضرورة الانتقال من خطاب الإدانة إلى مطارحة المفاهيم”، إذ يرى بشاري أن “مواجهة الإسلاموفوبيا لا تتم فقط بالتجريم القانوني، بل عبر تفكيك البُنى الرمزية والمعرفية التي تنتج الكراهية، من خلال خطاب بديل يُبرز ثراء الإسلام وتنوعه، ويعيد تأطير العلاقة مع ‘الآخر’ بوصفه شريكًا في البناء الحضاري”.

ودعت الكلمة إلى “المداواة المعرفية” عبر “التعليم والحوار، بدلًا من الاقتصار على ردود الفعل السياسية أو الحقوقية”.

وختم بشاري مداخلته برسالة من أجل “التعاون الأممي لبناء ميثاق إنساني جديد للتعايش، يُصاغ بالشراكة بين الأمم المتحدة والهيئات الدينية والمدنية، ويقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والعدالة والمساءلة؛ وهو ميثاق ينبغي أن يحول حرية الدين من نص قانوني إلى ثقافة مجتمعية، ويوجه العالم من منطق الصراع الحضاري إلى التعاون الضميري؛ فالمستقبل لا يُبنى بالخوف، بل بالأمل”.