حرارة فصل الصيف تكشف الحاجة إلى الفضاءات الخضراء في المدن المغربية

أكد باحثون في المناخ والتنمية المستدامة أن ضعف المساحات الخضراء في بعض المدن المغربية، لا سيما الحواضر الكبرى، يُعد من ضمن المشاكل التي تواجهها الأسر المغربية في سياق ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، حيث تتحول الحاجة إلى متنفسات طبيعية إلى مسألة حيوية تتعلق بجودة الحياة والصحة النفسية للسكان.
كما سجل الباحثون، ضمن حديثهم إلى جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا النقص لا يرتبط فقط بعوامل بيئية؛ بل يلامس أبعادا اجتماعية واقتصادية، خاصة في الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية المفتقرة إلى أماكن عامة توفر ظلالا طبيعية أو متنفسات لتقليل حدة موجات الحر المتكررة التي تصل إلى درجات قياسية في يوليوز وغشت”.
حصة للفرد
قال رشيد فاسح، فاعل بيئي باحث في التنمية المستدامة، إن التخطيط الحضري في المدن المغربية لم يأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة إلى فضاءات خضراء توفر متنفسا بيئيا للسكان، مؤكدا أن “المعدلات المعتمدة دوليا توصي بتوفير ما لا يقل عن 10 أمتار مربعة من المساحات الخضراء لكل فرد؛ في حين أن بعض الدول تصل فيها هذه النسبة إلى 20 مترا مربعا، وهو ما لا يتم احترامه محليا”.
وأضاف فاسح، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “المدن المغربية ظلت منشغلة بتوفير السكن والتوسع العمراني، على حساب الفضاءات العامة؛ مما أدى إلى ظهور أحياء تفتقر للتخطيط السليم ومعايير التهيئة البيئية”.
وأشار الفاعل البيئي والباحث في التنمية المستدامة إلى أن “هذا الخصاص ينعكس سلبا على الوضع البيئي والمناخي داخل الحواضر، حيث تتزايد نسب التلوث وتُسجل درجات حرارة أعلى نتيجة غياب الأحزمة الخضراء”.
وأكد المتحدث عينه أن “تراجع المساحات الخضراء يساهم بدوره في تسريع وتيرة الاحترار، بسبب اختلال التوازنات الإيكولوجية وعدم قدرة الأنظمة الطبيعية على امتصاص الملوثات بنفس الكفاءة”، مبرزا أن “من بين التوصيات الأساسية المطروحة اليوم ضرورة غرس الأشجار، والحفاظ على الغابات، وتعزيز النظم الإيكولوجية، لما لها من دور محوري في التصدي لأزمة المناخ وتحسين جودة الحياة داخل المدن”.
حلول ممكنة
قال مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، إن “قلة المساحات الخضراء في المدن المغربية تُعد من القضايا البيئية والاجتماعية التي أصبحت تثير اهتماما متزايدا في السنوات الأخيرة، خاصة في فصل الصيف”، مؤكدا أن “هذه الفضاءات تلعب دورا محوريا في تخفيض درجات الحرارة والتخفيف من آثار الحرارة المرتفعة داخل الفضاءات الحضرية”.
وعلى غرار فاسح، أرجع بنرامل هذا الوضع إلى “التوسع العمراني العشوائي الناتج عن النمو السكاني السريع، والضغط العقاري الذي يدفع نحو استغلال الأراضي المتاحة في مشاريع سكنية وتجارية بدل تخصيصها كفضاءات خضراء، فضلا عن ضعف الميزانيات المخصصة لدى الجماعات المحلية، والإهمال الذي تعاني منه حتى المساحات الموجودة؛ ما يجعلها غير جذابة وغير وظيفية”.
وأشار المصرح لهسبريس إلى أن “من بين الحلول الممكنة يوجد إدماج المساحات الخضراء في التخطيط الحضري، وتشجيع المبادرات المدنية كحملات التشجير وحدائق الأحياء، والاستثمار في الحدائق العمومية وصيانتها، وإحياء الفضاءات المهملة”، خاتما بضرورة “إدماج التربية البيئية في المدارس لتعزيز الوعي بأهمية هذه المساحات في الحياة الحضرية”.