اخبار المغرب

ما دلالات المشاركة الحزبية في تحيين مقترح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية؟

ترأس ثلاثة من مستشاري الملك محمد السادس، أول أمس الاثنين، اجتماعا مع زعماء الأحزاب السياسية الممثلة بمجلسي البرلمان، خُصص لموضوع تحيين وتفصيل مخطط الحكم الذاتي، تنفيذا لمضامين الخطاب الملكي إلى الأمة مباشرة بعد صدور القرار التاريخي الأخير لمجلس الأمن، حيث تمت دعوة الأحزاب الحاضرة لتقديم تصورات ومقترحات بشأن تحيين وتفصيل هذه المبادرة التي تصون السيادة المغربية على الصحراء وفقا للشرعية الدولية، وتنسج بين إرث التاريخ وطموح المستقبل.

ويؤكد مهتمون أن خطوة إشراك الأحزاب السياسية في مشروع تحيين الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تنطوي على مجموعة من الدلالات وتحمل إشارات قوية لكون إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء يتطلب تعبئة وطنية ومشاركة فعلية من الفاعل الحزبي، الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته السياسية والتاريخية في هذا الصدد، بما يوحد الجبهة الداخلية ويعزز الإجماع الوطني حول هذا المشروع، الذي تراهن المؤسسة الملكية على إشراك الأمة في بلورته، تجسيدا لاستراتيجية وطنية متكاملة الأركان والفاعلين في الدفاع عن السيادة وتثبيت حل الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية.

تعزيز ومشاركة

قال المحلل السياسي سعيد بركنان إن “مسؤولية الأحزاب أمام دقة المرحلة المتعلقة بالقضية الوطنية الأولى أصبحت أكثر إلحاحية للانتقال من دور الدفاع عن القضية إلى دور المشاركة والمبادرة والاقتراح بمقاربة تشاركية يفرضها أولا وقبل كل شيء دور الحزب ووظيفته في النسق السياسي المغربي الحديث”.

وسجل بركنان، في تصريح لهسبريس، أن “دخول زعماء الأحزاب الممثلة في البرلمان باب القصر الملكي للاجتماع حول قضية الصحراء المغربية بعد استصدار المغرب القرار الأممي الأخير حول الصحراء المغربية، له دلالات عدة، أولها تعزيز الجبهة الداخلية من خلال تجديد تحالف القصر والأحزاب وتجديد دورهما التاريخي في الدفاع عن الوحدة الترابية منذ أربعينات القرن الماضي، بداية بتحرير المغرب من الاستعمار، مرورا باسترجاع الصحراء المغربية، وصولا إلى تكريس السيادة المغربية عليها”.

أما الدلالة الثانية، فتتمثل في “الانتقال بعلاقة الحزب بالقضية الوطنية من الجمود إلى المبادرة والاقتراح، ومن مرحلة الدفاع المرتبطة بمناسبات وطنية أو منتديات وندوات عالمية إلى مرحلة مشاركة واقتراح صيغ التدبير لتنزيل الحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية للمملكة، بمعنى تجاوز العمل التقليدي للحزب في النسق السياسي الذي يركز على تدبير صراعات سياسية تتعلق بالانتخابات والحصول على مقاعد برلمانية من أجل رئاسة الحكومة، ونقل قضية الصحراء المغربية من نقطة مدرجة في القوانين الأساسية للأحزاب كقضية يجب الدفاع عنها إلى قضية يجب المشاركة في تدبير صيغ تنزيل الحكم الذاتي المتعلق بها”، يضيف المتحدث ذاته.

وتابع بركنان بأن “هناك دلالة ثالثة تتجلى في جعل ملف الحكم الذاتي تدبيرا تشارك فيه الأمة المغربية عبر ممثليها في البرلمان، ومنهم المعنيون بتنزيل الحكم الذاتي من مواطني الأقاليم الصحراوية، من خلال الأحزاب الممثلة لهم في البرلمان، بعد أن حققت الانتخابات البرلمانية في هذه الأقاليم أعلى نسب المشاركة السياسية على الصعيد الوطني”.

وشدد بركنان على أن “الدلالة الأخيرة تكمن في أن المرحلة الدقيقة التي تمر منها قضية الوحدة الوطنية تقتضي إضافة دور اقتراحي ودور تشاوري للأحزاب بعد الدور التأطيري للمواطنين الذي يحدده الدستور للأحزاب، مما يعني أن الدبلوماسية الحزبية أصبحت من استراتيجية الدولة المغربية من أجل توحيد الجبهة السياسية الداخلية وتقوية موقف المغرب بإعطاء مصداقية الإجماع الوطني للمقترح، وبأنه مشروع أمة ونتاج إدارة جماعية وليس قرارا صادرا عن القصر الملكي”.

مسؤولية واخبار السعودية

أوضح بدر بوخلوف، أستاذ القانون العام بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات القانونية والحقوقية، أن “المغرب لم يحسم معركة الصحراء اليوم فقط، بل حسمها سابقا بقوة السلاح وحكم أرضه، وبقيت المسألة مرتبطة فقط بالمعركة الدبلوماسية التي ربحها المغرب أيضا بدون رصاص، وهذا هو رهان المؤسسة الملكية منذ مدة”.

وقال بوخلوف، في حديث مع هسبريس، إن “إشراك الأحزاب السياسية في مشروع تحيين الحكم الذاتي مسألة حكيمة وإشارة يجب أن تلتقطها هذه التنظيمات السياسية لتحمل مسؤوليتها التاريخية والسياسية في تعزيز الاخبار السعودية مع القواعد ومع المواطنين ومع فعاليات المجتمع المدني، بل ويجب أن تشكل هذه الخطوة فرصة للأحزاب لمراجعة سياساتها الاخبار السعوديةية وغيابها عن المشهد في لحظات متعددة من القضايا”.

وشدد على أن “انفتاح الملك على الفاعل الحزبي يعكس التقدير الذي يوليه عاهل البلاد للأحزاب باعتبارها مسؤولة قانونيا عن تأطير المواطنين، وإيمانه العميق بأن التوافق حول مخطط الحكم الذاتي كمشروع وطني يجب أن يُبنى من القواعد المجتمعية، وبالتالي يجب على الأحزاب المغربية أن تعمل على إيجاد تصورات وتلمس حاجيات الإنسان في الصحراء والانخراط بقوة وفعالية في الرؤية الملكية للأقاليم الجنوبية وللمغرب ككل”.

وخلص الأستاذ الجامعي ذاته إلى أن “تنزيل خطة الحكم الذاتي وانخراط الفاعل الحزبي في هذا المسار أمر سيشجع المغاربة المغرر بهم في مخيمات تندوف على العودة إلى أرض الوطن. وعليه، فإن هذا الفاعل مطالب اليوم بأن يستيقظ من سباته العميق وأن يغير من طريق اشتغاله عبر تعزيز الاخبار السعودية وإشراك الطاقات الشابة، وألا يكون عالة على الإصلاحات والمبادرات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس من أجل مغرب الغد”.