اخبار المغرب

مشاكل مناخية وتدبيرية.. انقطاعات الماء الشروب تزحف صوب ضواحي المدن

بعد أن ظلت، خلال السنوات الأخيرة، منحصرة بشكل رئيس بالمناطق المغربية النائية تزحف الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب على عدد من ضواحي المدن الكبيرة؛ ما يفسره خبراء بيئيون باتحاد العوامل الطبيعية والمناخية، على رأسها “استمرار تدهور الموارد المائية بفعل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة”، مع “الاختلالات التدبيرية؛ حيث لا تتلاءم منهجيات الصيانة والبنيات التحتية مع التحديات الحالية”.

في مدينة سوق الأربعاء بإقليم القنيطرة، اشتكى عدد من الساكنة، عبر مواقع الاخبار السعودية الاجتماعي، من انقطاع الماء “لأيام ماخبار السعوديةة” فضلا عن ضعف الصبيب. الشركة الجهوية متعددة الخدمات بجهة الرباط- سلا وضحت بأن المشكل مرتبط بعطب على مستوى القناة الرئيسية للتزود بالمدينة والمناطق المجاورة، “وهي قناة لا تدخل ضمن شبكة الشركة”؛ لكن أحد الساكنة قال: “لا تبجحوا لنا بالأسباب؛ فلا أسباب (مقنعة) ما دامت الأحياء الراقية تستفيد من الماء دون انقطاع”.

وتعاني ساكنة أولاد بوثابت بإقليم سيد سليمان، بدورها، “منذ شهور من انقطاع متكرر للماء الصالح للشرب؛ الأمر الذي خلق معاناة كبيرة للأسر وأثار استياءها في ظل ارتفاع درجات الحرارة والحاجة الملحة إلى هذه المادة الحيوية”، حسب معلقين.

كذلك وجهت ساكنة قرية اشماعلة السياحية بإقليم شفشاون نداء “مستعجلا” على مواقع الاخبار السعودية الاجتماعي مشتكية من انقطاع الماء الصالح للشرب، موردة أن المشكل امتد من المناطق المرتفعة حتى السفلية، “وخصوصا الجهة التي فيها منازل للكراء قرب البحر”.

وضعية حرجة واختلالات تدبيرية

وأوضح مصطفى برامل، خبير بيئي، أن “الموارد المائية بكافة مناطق المملكة لم تتعافَ، بعد، من حالة الطوارئ والوضعية الحرجة المشابهة لتلك التي كانت تعيشها في السنوات من 2003 إلى 2005″، موضحا أن “المرحلة الحالية تشهد عدم انتظام التساقطات المطرية وتهاطلها في فترة وجيزة؛ ما يحول دون استعادة الضائع من الفرشة المائية الباطنية”.

وأبرز برامل، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الأمر تسبب في بقاء الوضعية المائية كما هي بعدد من المناطق”، موضحا أن “الانتعاش، الذي بصمت عليه بعد الآبار خلال فصل الشتاء، تلاشى بفعل السقي غير المعقلن؛ ما أدى إلى نضوب المياه الجوفية موازاة مع تبخر السطحية بسبب ارتفاع درجة الحرارة”.

على صعيد آخر، لفت المتحدث عينه إلى “معاناة عدد من مناطق المغرب من مشاكل التخريب المتعمد لقنوات المياه بهدف استغلال الأخيرة بشكل غير قانوني، فضلا عما طالها من تعرية وانجراف بفعل الأمطار الأخيرة”، مشيرا إلى أن “الانقطاعات المتكررة للمياه بعدد من ضواحي المدن ناتجة أيضا عن أعمال الصيانة المفتوحة بعد تحول وكالات توزيع الماء والكهرباء إلى الشركات الجهوية متعددة الخدمات”.

في حالة سيدي سليمان مثلا، تابع برامل، “تعيش المنطقة أزمة مائية بفعل الاستنزاف، خاصة بعد تراجع حقينة سد القنصرة، والتخريب القصدي لقنوات المائية”، متهما “غياب الرقابة الصارمة من قبل السلطات على البنيات التحتية، وغياب الصيانة الاستعجالية في هذا الجانب”.

وخلص المصرح نفسه إلى القول بأن “تضافر العوامل الطبيعية مع البشرية والتدبيرية في هذه الوضعية المائية التي تعيشها عدد من المناطق المغربية”، مشددا على أن “منهجية الصيانة والبنيات التحتية القائمة لا ترقى إلى مستوى التحديات الحالية سواء المناخية أم البشرية”.

المناخ وغياب الحكامة

المصطفى العيسات، خبير في التنمية المستدامة والبيئة والمناخ، تحدث عن “أربعة أسباب ساهمت وما زالت في تدهور الحقينة المائية في المغرب”، موردا أن “الأول يتعلق بالارتفاع الكبير في درجات الحرارة، الذي بات يطبع مناخ المغرب ما يؤدي إلى تبخر مليارات الأمتار المكعبة من السدود والبحيرات. بخصوص منطقة سيدي سليمان، من بين مسببات الوضع الحالي تدهور بحير الرومي، التي كانت تزخر بإمكانيات مهمة للشرب والسقي الفلاحي”.

أما بشأن السبب الثاني، فقال العيسات، في تصريح لهسبريس، إنه “يهم التحول إلى زراعات مستنزفة للمياه؛ فالمناطق المذكورة كسوق الأربعاء هي مناطق فلاحية؛ حيث بات يزرع التوت الأزرق والسويهلة والبطيخ، وكلها فلاحات تستنزف الفرشة المائية”.

وتابع الخبير في التنمية المستدامة والبيئة والمناخ شارحا: “ثالثا، ثمة مفارقة تزايد الطلب وقلة العرض؛ حيث تضاعفت احتياجات المناطق الصناعية والقطاع الفلاحي وازداد النمو الديمغرافي. ولم يتم التفكير في رفع الموارد إلا خلال السنوات الأخيرة، خاصة بفضل التدخل الملكي من خلال البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي”.

وقال المتحدث إن “هذا البرنامج ضخت فيه 145 مليار درهم للبحث عن موارد مائية جديدة، عن طريق تحلية مياه البحر والربط بالطرق المائية السيارة، إضافة إلى معالجة المياه العادمة لتجنب الاستغلال والضغط المفرط على الجوفية”.

ولفت العيسات، كذلك، إلى أن “العامل الرابع يتمثل في غياب الحكامة في تدبير الموارد المائية، إذ رغم أن البلاد تتخبط في السنة السابعة من الجفاف، فإننا ما زلنا نرى الطرق غير الرشيدة نفسها في السقي بالقطاع الفلاحي مثلا”.