اخبار المغرب

مغاربة في لبنان يرحبون بوقف إطلاق النار ويشْكون تأزم الأوضاع المعيشية

لا شيء غير الفرح والانتشاء يختلجان قلوب المئات من المغاربة المقيمين في لبنان، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء؛ فهو يضع نقطة النهاية لأسابيع طويلة كان خلالها “الرعب والهلع” مستبدين بنفسية أولئك القاطنين منهم تحديدا ببلدات وقرى الجنوب اللبناني أو بالضاحية الجنوبية لبيروت، المناطق التي كانت الأكثر استهدافا بنيران غارات الطائرات الإسرائيلية.

وقال مغاربة ظلوا عالقين بلبنان، في حديث لهسبريس، إن وقف إطلاق النار سيعيدهم إلى سكة الحياة، بعدما ظلوا خلال فترة الحرب يشتمون رائحة الموت يوميا، فيما يعتزم من كان نازحا منهم بالعاصمة اللبنانية بيروت أو إحدى المناطق الآمنة القريبة، “العودة إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن”، وسط تأكيدات بتحول منازل بعض أفراد الجالية المغربية المقيمة بهذا البلد إلى ركام.

ويأمل هؤلاء أن تصرف لهم السلطات المغربية مساعدات مادية تعينهم على تأمين تكاليف المعيشة اليومية الملتهبة، خاصة أن وضعيتهم المادية “تأزمت كثيرا جراء انقطاع الأزواج عن العمل طيلة فترة الاقتتال بين حزب الله وإسرائيل، أو دمار محلاتهم التجارية جراء غارات طائرات هذه الأخيرة”.

وبعد حوالي سنة من تبادل الضربات على الحدود بين الحزب اللبناني وإسرائيل، وقرابة شهرين على اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ عند الساعة الرابعة من صباح اليوم الأربعاء بالتوقيت اللبناني.

ودعا الجيش اللبناني، في بيان له، النازحين من البلدات والقرى الحدودية التي توغلت فيها قوات الدولة العبرية إلى التريث في انتظار انسحابها وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدا أنه يعمل مع دخول الأخير حيز التنفيذ على “اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الانتشار في الجنوب”.

وقالت رشا، مغربية مقيمة بمدينة صور اللبنانية نازحة حاليا بمنطقة خلدة بالقرب من بيروت: “على غرار كثير من مغاربة لبنان وذويهم، لم أنم أمس من شدة الفرحة والابتهاج للتوصل إلى اتفاق إطلاق النار؛ لأنه سيعيدنا إلى سكة الحياة بعد نحو ثلاثة أشهر من الهلع والرعب وشبه الإضراب المفتوح عن الطعام للأطفال جراء القصف العشوائي لطائرات الاحتلال وأصواته المفزعة”.

وأضافت رشا، في تصريح لهسبريس، أنه “إلى حدود ليلة أمس التي عرفت اشتداد هذا القصف، كان المغاربة العالقون في لبنان يشمون رائحة الموت يوميا، إلى درجة أننا كنا نتساءل في كل لحظة: هل سنعيش بعد ساعة أم لا؟ خاصة وأن الإنذار بالقصف لم تكن تلجأ إليه إسرائيل دائما”.

وتعتزم المغربية المقيمة في لبنان العودة غدا صباحا إلى منزلها بمدينة صور، “بعد أن تكون شدة الازدحام المروري بالطرق المؤدية إلى الجنوب قد خفت نسبيا، نظرا لأن جل النازحين بالبلدات الجنوبية انطلقوا في هذه الطرق منذ ساعات الصباح الأولى”، مردفة: “بعض أقارب زوجي الذين وصلوا إلى المدينة أخبرونا بأن بيتنا ما يزال قائما ولم يطله أي ضرر جراء الغارات الإسرائيلية”.

وكشفت رشا أن إحدى صديقاتها المغربيات، تقطن بالمدينة عينها، “ذهبت لتفقد منزلها اليوم فوجدت أنه تحول إلى أكوام كبيرة من الركام، وهي الآن قد تعود أدراجها إلى مدارس النزوح، إلى حين أن يتبين ما ستفعله السلطات مع من فقدوا منازلهم خلال هذه الحرب”، مؤكدة أن “مغربيات ببلدات وقرى الجنوب اللبناني تعرضت مساكنهن للقصف الإسرائيلي، ولم يعد فيها شبر صالحا للسكن”.

وأكدت المغربية المقيمة في لبنان، “عدم سقوط أي مغربي خلال الحرب الطاحنة، ولله الحمد، إلا أن حجم المعاناة النفسية والاقتصادية كان فوق الوصف”، مبرزة أن “هذا الوضع دفع ببعض المغربيات في هذا البلد إلى بيع سياراتهن بمبالغ زهيدة من أجل العودة إلى أرض الوطن، فيما اضطرت أخريات للبقاء في لبنان أمام لهيب أسعار تذاكر رحلات الطيران صوب الوجهات التي بقيت مفتوحة”.

ولا تخفي نادية، مغربية مقيمة في قضاء زحلة بالبقاع الأوسط اللبناني، بدورها، “فرحا كبيرا يختلج القلب منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين؛ فهو يضع خاتمة لسطوة الرعب والفزع على نفسية مغاربة وعموم ساكنة مدن وبلدات وقرى الجنوب اللبناني، التي سوي بعضها بالأرض”.

وأكدت المغربية عينها أن “القضاء وكافة المدن المستهدفة باتت شبه فارغة من المغاربة، الذين نزح بعضهم إلى مراكز ومدارس الإيواء، وتمكن البعض الآخر من العودة إلى حضن أسرهم بالمغرب بعد تأمين تذكرة رحلة الطيران على مضض”.

وطيلة شهرين ونيف من الغارات الإسرائيلية، تمسكت المتحدثة عينها بعدم مغادرة البلدة حيث تقيم، وقالت: “الحمد لله لم تستهدف طائرات إسرائيل بقصفها منزلنا، رغم أنها دمرت مساكن كثيرة بالقضاء والمناطق القريبة”. مضيفة: “بعد تواتر الأنباء عن وقف قريب لإطلاق النار، هبت صديقتي المغربية لتفقد منزلها الكائن بقضاء بنت جبيل، فوجدت أنه تحول إلى ركام؛ وسوف تعود إلى الشمال إلى حين معرفة كيفية تصرف الدولة من أجل إيواء المتضررين إلى حين إعادة بناء منازلهم”.

وأوضحت أن وضع منازل عدد من المغاربة لا يزال “ضبابيا”؛ “نظرا لأن شبكات الاتصال ضعيفة ببعض المناطق ومقطوعة بأخرى، خصوصا تلك الواقعة بأقصى الجنوب، الأكثر تضررا من الحرب”.

وبخصوص ما آلت إليه الوضعية المادية لمغاربة لبنان خلال الحرب، أكدت المتحدثة أن “طاقتهم الشرائية تأزمت كثيرا نتيجة انقطاع المدخول بسبب توقف الأزواج لأكثر من شهرين عن العمل، وبعضهم قبل اشتداد الحرب بأشهر، واستهداف محلاتهم التجارية كما حدث مع زوجي”، مناشدة السلطات المغربية “التحرك لإرسال مساعدات مادية لفائدة المغاربة المتضررين المقيمين في لبنان من أجل إعانتهم على تأمين مصاريفهم”.