ندوة تناقش الخبر في الزمن الرقمي

أصدرت الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال، المجتمعة يومي 20 و21 نونبر الجاري بسلا، بدعوة من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالمملكة المغربية، بمناسبة الندوة الدولية حول “الحق في الخبر في الزمن الرقمي”، المنعقدة بمشاركة أعضاء من شبكة الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال(RIARC) يمثلون 18 بلدا من القارة، (أصدرت) إعلانا أكدت فيه “الإرادة المشتركة لخدمة المصلحة العامة في منظومة إعلامية تعرف تحولات عميقة، وضمان، لفائدة المواطنين والمجتمعات الإفريقية، الممارسة الفعلية لحقوقهم الإعلامية، سواء في الفضاءات الوطنية أو في الفضاء الرقمي العالمي”.
وأشارت الهيئات إلى أن “اتساع الفضاء العمومي الرقمي قد عزز إمكانات التعبير والولوج إلى المعرفة والمشاركة المواطنة؛ لكنه أيضا عرّض المجتمعات الإفريقية لمخاطر إعلامية نظمية، من قبيل: التضليل، والتلاعب المنظم، والغموض الخوارزمي، وهيمنة المنصات العالمية المنفصلة عن السياقات المحلية، وتراجع ثقة الجمهور في الخبر”.
وذكّرت الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال بـ”القيم التي كرّسها الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والقائمة على كلية وشمولية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذا الحق في التنمية”، مجددة “التزام شبكة الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال بالمبادئ التي تدافع عنها اليونسكو في مجال نزاهة وسلامة الخبر، وشفافية المنصات الرقمية، وحماية الحق في الحصول على المعلومة”.
واستحضر الإعلان أيضا “الالتزامات المعبر عنها في الإعلانات المشتركة لشبكة الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال وللشبكة الفرنكوفونية لتقنين الإعلام، الداعية إلى إرساء حكامة أخلاقية للفضاء الرقمي، وتعزيز التعاون بين المناطق، وتطوير إطارات تقنين منسجمة مع مبادئ الحقوق الإنسانية”.
وأكد المصدر ذاته أن “الحق في الخبر يتجاوز مجرد الولوج إلى المحتوى ليشمل المقدرة على إنتاج الخبر وفهمه وتحليله، باعتبار ذلك شرطا أساسيا لتأمين ممارسة مستنيرة لحرية التعبير ومشاركة ديمقراطية مسؤولة”، مشيرا إلى أن “حماية الحق في الخبر داخل المنظومة الرقمية هي مسؤولية مشتركة بين المؤسسات العمومية والمنصات الرقمية وهيئات التقنين ووسائل الإعلام والمواطنين”.
وشددت الهيئات على أن “ندوة سلا-المغرب تجسد بوضوح دينامية الفكر والعمل الإفريقيين التي ترعاها شبكة الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال، والهادفة إلى التوفيق بين ترسيخ تقنين الإعلام داخل واقع المجتمعات الإفريقية والانفتاح على التجارب الدولية الأكثر نجاعة، مع التأكيد على تبنّي رؤية تعددية اشتمالية قائمة على القيم الكونية للحقوق الإنسانية والمساواة السيادية بين الأمم”.
والتزمت الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال بـ”تعزيز العمل في مجال حماية نزاهة وسلامة الخبر وجودة النقاش العمومي من خلال توطيد وتكييف الإطارات القانونية والتقنينية مع التحولات التكنولوجية والمهنية والاجتماعية للمنظومة الإعلامية”، و”مواصلة الحوار البنّاء والمسؤول مع المنصات الرقمية من أجل الدفاع عن المصلحة العامة، وحماية المستخدمين، وضمان نفاذية الحق في الخبر في المنظومة الرقمية، في احترام لحرية التعبير”.
ومن ضمن التزامات الهيئات أيضا “تعزيز دور شبكة الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال كإطار للتعاون الإفريقي من خلال دعم الآليات المشتركة في مجال التكوين والرصد والتحليل وتوحيد الممارسات التقنينية، وتمثيل المواقف الإفريقية المتناسقة داخل الهيئات الدولية للحكامة الرقمية، بما يتماشى مع أولويات وتطلعات القارة”.
ومن خلال اعتماد إعلان سلا – المغرب، دعت الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال المسؤولين العموميين الأفارقة والمنصات الرقمية العالمية والمنظمات متعددة الأطراف إلى “اتخاذ إجراءات ملموسة، منسقة ومستدامة لضمان نفاذية الحق في الخبر الموثوق في المنظومة الرقمية”.
وأكد الإعلان على ضرورة “تنفيذ سياسات عمومية متناسقة موجهة لدعم وسائل الإعلام الوطنية والمحلية، العمومية كما الخاصة، لتمكينها من الاضطلاع الكامل بدورها في الحياة الديمقراطية وصون التماسك الاجتماعي”، مؤكدا أهمية “حماية استقلاليتها التحريرية، وتحديث حكامتها، ومواكبة انبثاق نماذج مهنية قادرة على الاستجابة للتحولات التكنولوجية”، ومشددا على ضرورة “تعزيز صحافة المصلحة العامة، المبنية على حرية التعبير والأخلاقيات والتعددية والتنوع، من أجل تقوية ثقة المواطنين وتعزيز الحيوية الديمقراطية للمجتمعات الإفريقية”.
ودعت الهيئات المنصات الرقمية العالمية إلى “تعزيز التزامها في مجال الشفافية وانتهاج سياسات مسؤولة، خصوصا في ما يتعلق بتقويم المحتوى، ومكافحة التضليل، وملاءمة أنظمتها مع اللغات والثقافات الإفريقية والخصوصيات الاجتماعية للقارة”، مشددة على أن “الوزن الديموغرافي للقارة وطاقات شبابها وقدراتهم الابتكارية ونموها الاقتصادي السريع يمنح إفريقيا دورا متناميا في النظام الرقمي العالمي”.
وفي هذا السياق، أكد الإعلان أن “تعاونا أكثر تنظيما وتوازنا وفاعلية مع هيئات التقنين الإفريقية ليس ضرورة لحماية الجمهور فحسب، بل أيضا استثمارا استراتيجيا للمنصات الساعية لبناء علاقة ثقة مستدامة مع المجتمعات الإفريقية”.
ومن أجل “إسهام إفريقي قوي في بناء منظومة رقمية عالمية أكثر إنصافا واحتراما للقيم الديمقراطية وللسيادة الإعلامية”، دعت الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال المنظمات متعددة الأطراف إلى “دعم المبادرات الرامية إلى تعزيز نزاهة وسلامة الخبر، مع احترام استقلالية هيئات التقنين الإفريقية والرؤى التي تحملها”.
ودعت الهيئات الإفريقية لتقنين الاتصال إلى “مواكبة تطوير برامج لمكافحة التضليل، وتقوية القدرات المحلية، وتعزيز التربية الإعلامية والرقمية، وتقديم الدعم التقني اللازم لتوطيد المنظومات الإعلامية الإفريقية”.
