المَأْزِق السوداني والإنجاز السعودي !

د. عبدالمجيد الجلاَّل
تُشير دراسة حديثة ، لمعهد السلام في واشنطن، إلى أنَّ الانقلابات العسكرية ، تُشكّل أرضا خصبة ، للتطرف والعمليات الإجرامية العابرة للحدود !
وما يحدث في السودان ، قد يكون كذلك ، وهو أمرٌ محزن للغاية ، فلا تزال المواجهات ساخنة ، بين العسكر ، والأوضاع مُتفجرة ، خاصة في العاصمة الخرطوم .
وحتى الآن ، القتلى والجرحى والمفقودين ، بالآلاف ، والعاصمة الخرطوم ، تُعاني كثيراً ، من فقدان الخدمات الأساسية ، إذ خرجت الكثير من المشافي عن الخدمة ، وأعلنت منظمة الصحة العالمية ، أنَّ نحو 16% فقط من المرافق الصحية لا تزال تعمل ، وخيَّم على معظم أنحاء العاصمة الظلام الحالك ، بفعل انقطاع الكهرباء ، والسلع الغذائية باتت شحيحة .
أكثر من ذلك ، تعطلت الدراسة ، وفر مئات الآلاف من السودانيين من مناطق الاشتباك في العاصمة ، إلى مناطق أكثر أمناً واستقراراً ، كما فرَّ آلاف المساجين ، ومنهم قيادات في نظام عمر البشير السابق !
من جهة أخرى ، أغلقت عشرات السفارات مكاتبها ، كما تمَّ إجلاء العديد من العالقين الأجانب ، وقد لعبت المملكة العربية السعودية دوراً فاعلاً ، في عمليات إجلاء المئات من العالقين في مناطق الاشتباك ، إلى ميناء جدة ، وهو الأمر الذي نال تقدير واحترام الجميع ، وعزّز مكانة المملكة العالمية ، وأدوارها في تحقيق الأمن والاستقرار والتعاون في المنطقة !
على الصعيد الإقليمي والدولي ، التزمت دول العالم الفاعلة ، حتى الآن ، بالصمت، تجاه ما يحدث في السودان ، ولم يصدر منها سوى نداءات بوقف إطلاق النار ، وبدء حوار بين الأطراف المُتصارعة ، دون تقديم مبادرات جادة ، لإنهاء هذا النزاع الدموي المؤسف .
فقط ، منظمة الإيغاد الأفريقية ، قدمت مبادرة لإنهاء الصراع بين عسكر السودان، ولكن حتى الآن ، لم تكن لها استجابة فعلية من أطراف الصراع !
وأكثر ما يخشاه أهل المنطقة ، والمجتمع الدولي ، في تمدد القتال ، وانتشار الفوضى ، إلى الدول المجاورة ، ومخاطر كل ذلك على الأمن الإقليمي !
على كل حالٍ ، لا ينبغي أن يُترك السودان لمواجهة مصير مجهول ، قد يؤدي إلى تقسيمه أكثر ، بعد أن نمَّ تقسيمه إلى دولتين في السابق ، ولأنَّ السودان عضو في الجامعة العربية ، فمن المنطق والضرورة ، قيام جامعة الدول العربية ، بالتدخل ، على خط الأزمة ، للتوسط بين الجانبين ، إن أمكن ذلك ، وإلا فعليها الاصطفاف مع الجيش السوداني ، ومساعدته ، في القضاء على تمرد ميليشيات الدعم السريع ، التي حاولت الانقلاب على الشرعية السودانية !
خلاصة القول السودان ، بوابة أفريقيا ، واضطراب الأمن فيه يؤثر على دول عربية، بما فيها دول الخليج العربي ، فهل يدرك العرب فداحة ما يحدث في هذا البلد الشقيق !