بعد تبني عملية “تل أبيب”.. هل غيرت حماس سياستها مع الاحتلال ؟!
رام الله خاص قدس الإخبارية: طرح تبني حركة حماس السريع لعملية شارع “ديينزغوف” في تل أبيب المحتلة، تساؤلاً حول موقف الحركة فيما يخص المشهد المقاوم في الضفة الغربية المحتلة وتبني العمليات بصورةٍ علنية.
وحمل البيان الأخير للعملية التي نفذها المقاوم معتز الخواجا إشارة واضحة على أنه أحد عناصرها وعناصر كتائب القسام الذراع العسكرية للحركة، إلى جانب التهديد بأن تحمل الأيام المقبلة المزيد من الضربات الموجعة، وهو أمر غير معهود على صعيد البيانات الإعلامية الصادرة عن الحركة فيما يخص عملها في الضفة المحتلة خلال الفترة الأخيرة.
ويتزامن هذا الأمر مع بيان آخر أصدرته كتائب القسام تبنت فيها عملية حوارة التي نفذها الأسير المحرر عبد الفتاح خروشة أحد كوادرها في مدينة نابلس، في 26 فبراير/شباط الماضي، بعد أن استشهد الأربعاء الماضي خلال عملية عسكرية في مخيم جنين.
ويرصد مراقبون تحولاً في موقف حماس من الناحية الإعلامية والإعلانية فيما يخص العمل العسكري المقاوم في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد التهديد الذي أطلقه الناطق العسكري باسم القسام أبو عبيدة في 22 شباط/ فبراير الماضي بشأن “نفاد صبر المقاومة فيما يتعلق بالانتهاكات المتصاعدة في الضفة”.
وعلى مدار سنوات سابقة اتبعت حركة حماس تكيكيًا يميل لعدم تبني العمليات بشكل مباشر وواضح لأسباب سياسية وميدانية يرجعها قيادات في الحركة إلى الخشية على الحاضنة الجماهيرية لها في الضفة في ظل الملاحقة المتواصلة وأسباب أمنية أخرى.
خطاب جديد.. تغير أم إعلان صريح؟!
في السياق، يستبعد الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي أن يكون بيان حماس الأخير بشأن عملية تل أبيب يحمل تغيرًا في سياسة الحركة، باعتبار أنها منخرطة فيما يحصل في الضفة الغربية المحتلة من الناحية العملية وبشكلٍ ملحوظ.
ويضيف عرابي لـ “شبكة قدس” أن العملية الأخيرة ليست هي الأولى التي ينفذها عناصر محسوبة على حماس في الضفة المحتلة، إذ أن عناصرها يعتبروا من بين التنظيمات الفلسطينية صاحبة الأثر الأكبر من حيث طبيعة العمليات مثل صالح البرغوثي وعاصم البرغوثي وحمزة أبو الهيجا وأحمد نصر جرار.
وبحسب الكاتب والباحث في الشأن السياسي فإن القسام سبق وأن تبنى عملية سلفيت بشكلٍ واضح والتي وقعت في مايو/ أيار الماضي ونفذها يوسف عاصي ويحيى مرعي، بالإضافة إلى عملية حوارة الأخيرة التي نفذها خروشة قبل أسابيع.
ووفقًا لعرابي فإن حماس كان لديها سياسة خلال الفترة الماضية بعدم التسابق على تبني العمليات والشهداء لجملة من الأسباب أهمها منح الفرصة لحالة المقاومة بالتطور في الضفة دون أن تتوفر الذرائع للسلطة لضرب هذه الحالة، وهو ما كان ملحوظًا في سلوك الأخيرة التي كانت أكثر حرجًا في التعامل مع حالات لا تنتمي بشكل عضوي وواضح لحركة حماس، مثل عرين الأسود وكتيبة جنين.
ويضيف: “استهداف حركة حماس وكوادرها عند السلطة أسهل من الناحية الإعلامية والدعائية والشعبية كما حصل في جنازة خروشة، بالمقارنة مع بقية التشكيلات العسكرية، وهو ما يعزز قناعة الحركة بأنها غير معنية مرحليًا بضرب حالة المقاومة”.
ويؤكد عرابي على أن حماس تريد حالة مقاومة تتطور بعيدًا عن اليافطة الصريحة لها بحيث تتوفر أجواء مناسبة من الممكن لاحقًا أن تجعل الحركة أكثر صراحة في عملها، ولذلك فإن الاحتلال والسلطة في تقارير لهم يؤكدون أن من يدعم عرين الأسود هي حماس.
ويلفت إلى أن الحركة اتبعت منذ عام 2007 سياسة عدم تبني العمليات والشهداء لا سيما غير المحسوبين بشكل معلن وواضح عليها، بخلاف من هم محسوبين عليها مثل خروشة والخواجا وغيرهم من منفذي العمليات من أصحاب الانتماء الواضح.
ولا يستبعد عرابي أن تكون حركة حماس بصدد إعادة صياغة استراتيجيتها فيما يخص تعاملها مع ساحة الضفة الغربية، لا سيما إذا كانت قيادة كتائب القسام في قطاع غزة باتت أكثر استعدادًا على مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتقد الباحث في الشأن السياسي أن جزء من حسابات الحركة يتمثل في أن تبني العمليات الصريح في الضفة قد يجر إلى مواجهة مع الإسرائيليين بتوقيت يختاره الاحتلال وليس بتوقيت تختاره المقاومة وهذا الأمر يعيد إلى الذاكرة ما حصل في عام 2014 حينما تم تنفيذ عملية أسر في الخليل للجنود الثلاثة.
تعزيز المواجهة.. قراءة في خطاب حماس
بدوره، يقول الكاتب في الشأن السياسي أحمد الكومي إن إعلان حماس الأخير لا يحمل تغييرًا في سياسة الحركة بشأن إدارة الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي، وإنما يندرج في إطار تعزيز المواجهة معه ردًا على الجرائم والعدوان الأخير في نابلس وجنين.
ويوضح الكومي لـ “شبكة قدس” أن رد الحركة وموقفها الميداني والعملياتي يحدده سلوك الاحتلال وبناءً عليه يكون شكل ومضمون الرد، وفقًا لطبيعة الجريمة الإسرائيلية ضمن مخرجات معركة سيف القدس الذي حددتها المقاومة الفلسطينية وفرضت فيها قواعد اشتباك معينة.
ويرجح الكاتب في الشأن السياسي أن تكون سياسة الحركة في العمليات الفدائية مختلفة فيما يخص عمليات العمق في الداخل المحتل عام 1948، عما يجري في الضفة المحتلة لأسباب متعلقة بالقاعدة الجماهيرية في ظل التنسيق الأمني.
ويواصل: “قد تكون حماس معنية بعدم تعريض الجماهير والقاعدة الشعبية للمقاومة لأي ضرر وهو ما يفسر امتناعها الصريح في الكثير من الأحيان عن تبني العمليات بخلاف بعض العمليات التي تحمل موقفًا صريحًا وإعلان واضحًا لها”.
ويرى الكومي أن تنفيذ العمليات في قلب العمق المحتل يحمل العديد من الدلالات أهمها استمرار الاشتباكات مع الاحتلال وتوجيه رسائل سياسية لحكومة نتنياهو لاسيما بن غفير وسموتريتيش بأن التصعيد سيقابل التصعيد، لا سيما مع حالة التصعيد الواضحة في الخطاب الإعلامي للحكومة الحالية.
ويشدد على أن توقيت العملية السريع وسرعة التبني من قبل حركة حماس لافت، ويعكس أنها تريد إيصال رسائل واضحة بشأن تدخل المقاومة الفلسطينية في المشهد وأن الرد سيكون حاضرًا بشكل دائم بناءً على السلوك الإسرائيلية الميداني.