اخبار فلسطين

تسريبات جيش الاحتلال في رفح: دعاية مفضوحة لحسم ملف المقاومة

خاص شبكة قدس: تتسارع التسريبات الإسرائيلية المزعومة عن قتل واعتقال عدد من المقاومين العالقين في أنفاق مدينة رفح، جنوب قطاع غزة. وبينما يحاول جيش الاحتلال الترويج لنجاح أمني لم يستطع تحقيقه ميدانيا، يؤكد محللون أنها محاولة دعائية تفضح فشله في حسم ملف المقاومة بعد عامين من الحرب.

ويعتبر محللون أن تركيز جيش الاحتلال على ملف المقاومين العالقين في رفح، وتصدير مشاهد قد تكون مصطنعة ومضلّلة، لأسر بعضهم، ما هي إلا محاولة لتخفيف الضغط الشعبي الإسرائيلي على حكومة الاحتلال، بعد استنزاف أمني وعسكري واقتصادي على مدار أكثر من عامين بسبب الحرب.

وبعد اتفاق وقف إطلاق النار، تظهر معطيات ميدانية، رفض نحو 200 مقاوم عالقين في أنفاق رفح، “الاستسلام بأيادٍ مرفوعة” كما دعا رئيس أركان الاحتلال، إيال زامير، مؤخرا. بل إن الأحداث الأمنية هناك، ووقوع اشتباكين مسلحين مع جنود الاحتلال في نهاية أكتوبر الماضي، يؤكد أن مبدأ التسليم ليس ورادا في بند المقاومة.

وبينما تؤكد حركة حماس، أن ملاحقة وتصفية واعتقال المجاهدين المحاصرين في أنفاق مدينة رفح، تعد خرقا فاضحا لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودليلا على المحاولات المستمرة لتقويض هذا الاتفاق وتدميره، حمّلت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتهم، ودعت الوسطاء للضغط على الاحتلال للسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم.

وتقول الحركة إنها بذلت طوال الشهر الماضي، جهودا كبيرة لحل مشكلة المقاتلين وعودتهم إلى بيوتهم، وقدمت أفكارا وآليات محددة لمعالجة المشكلة، في تواصل كامل مع الوسطاء والإدارة الأميركية، غير أن الاحتلال نسف كل هذه الجهود، مغلبا لغة القتل والإجرام والملاحقة والاعتقال، في إجهاض لجهود الوسطاء الذين بذلوا جهدًا كبيرًا مع مختلف الأطراف الدولية لوضع حدٍّ لمعاناة هؤلاء المقاتلين الأبطال.

بدوره، يؤكد الباحث في الشأن الإسرائيلي رامي أبو زبيدة، لـ شبكة قدس الإخبارية، أن الاحتلال عانى من فجوة كبيرة على مستوى الإنجاز العسكري بما يتعلق بالتعامل مع ملف أنفاق المقاومة، وهذه الاستراتيجية المعقدة التي بنتها على مدار سنوات، وما زال إلى اليوم، يفشل في تحقيق إنجاز واضح وحاسم في تفكيك هذه البنية القتالية.

ويقرأ أبو زبيدة مشهد التسريبات الإسرائيلية حول التعامل مع ملف المقاومين في رفح، بأنه جزء من محاولة تعويض عجزه عن حسم ملف الأنفاق، وتحويل ما يعتبره إنجازات إلى ورقة سياسية على طاولة المفاوضات، وتسويقها أمام جبهته الداخلية، ونهاية بالتأثير على الحاضنة الشعبية في غزة.

ويلفت أبو زبيدة لـ قدس الإخبارية أن الاحتلال استغل الحديث والتسريبات عن ملف العالقين في رفح وسط المساعي الأميركية لحلّه، في محاولة لبناء سرد زماني ومكاني يمكّنه من تحديد نقاط ومسارات الأنفاق التي لم تُحسم طوال عامين من حرب الإبادة.

ويقول أبو زبيدة إنه رغم اعتراف صحف إسرائيلية بأن مقاتلي رفح لم يستسلموا بسهولة كما يزعم الاحتلال، وأن تحديد أماكنهم ما زال معقدا، إلا أنه يواصل الادعاء بذلك في محاولة لترويج تقدم ميداني في المنطقة.

ويحاول جيش الاحتلال من خلال عملياته في رفح وتصوير تلك المشاهد المزعومة، الضغط على بيئة التفاوض حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وتعزيز موقفه التفاوضي. ويضيف أبو زبيدة أن الاحتلال يريد إظهار قدرته على حسم المقاومة لمعالجة الإحباط الإسرائيلي من تداعيات الحرب على غزة.

ويشدد أبو زبيدة أن ما يجري اليوم في رفح، ليس مؤشرا على نهاية قضية الأنفاق، بل “اعتراف إسرائيلي بأنها مهمة قد تمتد لفترات طويلة”، لذلك فكل ما يُنشر “جزء من محاولة صناعة إنجاز تفاوضي، أكثر مما هو انعكاس بطبيعة القتال ميدانيا”.

من جهته، يعتبر المحلل السياسي إياد القرا، في تصريحات لـ شبكة قدس الإخبارية، أن ما حدث أمر متوقع في ظل حالة الاشتباك المتواصلة منذ عامين، خاصة مع بقاء المقاتلين في تلك المنطقة بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

ويبين القرا أن “الاحتلال يحاول بكل ما يملك من أدوات قذرة، النيل من صورة المقاومين عبر نشر صور وفيديوهات مفبركة أو مبتورة، ظنا منه أنه سيؤثر على مكانتهم”.

ويتوقع القرا أن يواصل الاحتلال هذه السياسية والتغطية على عجزه في مواجهة المقاومة التي كبدته خسائر فادحة، معتبرا أن “تواجدهم على مدار عامين في ظروف ميدانية معتقدة ومستحيلة يعد هزيمة للاحتلال الذي يريد أن يتستر على فشله”.