اخبار فلسطين

خاص| كيف تتعامل الفصائل الفلسطينية والمقاومة اللبنانية مع مقترح “نزع سلاح المقاومة”؟

خاص شبكة قُدس: يدور الجدل في لبنان منذ مطلع العام الجاري، بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد “جوزيف عون” حول قضية تباينت فيها المواقف السياسية في لبنان بين المؤيدة والمعارضة، تحت عنوان “نزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية”، وذلك على خلفية انخراط فصائل المقاومة في لبنان ضمن معركة طوفان الأقصى ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر عام 2023، وحتى وقف إطلاق النار في 26 نوفمبر عام 2024. 

ويتعرض لبنان لضغوط خارجية خاصّة “أمريكية وفرنسية” من أجل العمل على حصر “سلاح المقاومة” في يدّ الجيش اللبناني الذي ينتشر في جنوب نهر الليطاني، على حساب انتشار الكتائب المقاتلة لحزب الله الذي تعرّضت قواعده العسكرية للتفكيك، وذلك وفق شروط اتفاق وقف إطلاق النار، في حين أن جيش الاحتلال الذي كان مقررًا أن ينسحب من جنوب لبنان بالكامل في نهاية الشهر الأول من العام الجاري، لم ينسحب ويتموضع داخل الأراضي اللبنانية، عدا عن تنفيذ عشرات عمليات الاغتيال بحقّ قادة ونشطاء في حزب الله. 

وما إن أعلن الرئيس اللبناني خلال الأيام الماضية في مناسبات عديدة أن الحوار مع حزب الله مستمر ومتقدم حول حصر السلاح بيدّ الدولة، خرج الأمين العام للحزب مساء الجمعة الماضية، في خطاب أكّد فيه أنهم “سيواجهون من يعتدي على المقاومة ومن يعمل على نزع سلاحها كما واجهوا إسرائيل”، مشدًدًا على أنّ نزع سلاح حزب الله “فتنة لن تحصل”. 

وقال مصدر مقرّب من المقاومة اللبنانية خلال حديث مع “شبكة قدس”، إن “الحوار بين رئيس الجمهورية وقيادة حزب الله على الطاولة، وجرى فيه التأكيد على أن النقاش حول سلاح المقاومة يمكن أن يتم فقط بعد انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة في جنوب لبنان ووقف الاعتداءات المتكررة. فطالما الاحتلال قائم، يبقى الحديث عن نزع السلاح غير ذي جدوى”. وتابع: “تُقدّر المقاومة تطلعات الشعب اللبناني نحو الأمن والسلام وتجنب الحروب، لكنها تؤكد أن ذلك لا يمكن أن يتحقق على حساب استمرار الاحتلال. وفي حال تمكن الجيش اللبناني والدولة من حماية الجنوب بشكل كامل، يمكن حينها أن يكون السلاح تحت إمرة الجيش اللبناني”. 

وتساءل المصدر المقرّب من المقاومة اللبنانية: “كيف يطالب البعض بتسليم السلاح وهناك أراضٍ محتلة! هذه الملاحظة الأهم التي يطرحها حزب الله على طاولة النقاش، وجميع التيارات السياسية في لبنان تطالب بتنفيذ اتفاق 1701”. ويستند هذا الاتفاق إلى قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2006، يهدف إلى إنهاء الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، وينص على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، وحصر الوجود العسكري في المنطقة بالجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل).

ورغم التزام المقاومة باتفاق 1701 إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق الاتفاق منذ عام 2006، وبشكل لافت من بعد إعلان وقف إطلاق النار قبل نحو 5 أشهر وحتى اللحظة، إذ خرق الاحتلال الاتفاق قرابة 3 آلاف مرّة في حين لم يتم خرق الاتفاق من قبل لبنان مرّة واحدة، بحسب المقرّب من المقاومة اللبنانية، الذي اعتبر أن ما يعطي اليوم سلاح المقاومة في لبنان شرعية، هو استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، كونها المبرر الأساسي في رفض فكرة تسليم سلاح المقاومة حيث أن الحديث حول نزعه يعتبر غير منطقي. مشيرًا إلى أن حزب الله ورئيس الجمهورية يتعاملان بحكمة تجاه القضية بهدف الوصول نحو تطبيق قرار 1701.

أما بالنسبة لسلاح الفصائل الفلسطينية، قال المصدر المقرّب من المقاومة اللبنانية: “إن المبدأ ذاته ينطبق على حزب الله والفصائل الفلسطينية. إذا كان الحل يتمثل في حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، فمن الطبيعي أن يشمل ذلك الفصائل الفلسطينية أيضاً. لكن قبل كل شيء، يجب الاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الظروف الحالية في الجنوب من احتلال واعتداءات إسرائيلية”. وأضاف: “عندما يشعر اللبنانيون والفلسطينيون في لبنان بالأمان ويزول الاحتلال الإسرائيلي، يمكن حينها الحديث عن تسليم السلاح للدولة. ويظل انسحاب الاحتلال شرطًا أساسيًا لحل أي إشكالية متعلقة بالسلاح، إذ أن استمرار الاحتلال يجعل الأصوات المطالبة بنزع السلاح غير مسموعة”. 

بدوره نفى مصدر في فصائل المقاومة الفلسطينية من لبنان في حديث مع “شبكة قدس” أن تكون الدولة قد تحدثت معهم بشكل مباشر حول نزع سلاحهم، أو أن تكون قد أرسلت لهم رسائل مبطنة عبر وسطاء حول ذلك، وإنما يطرح عبر وسائل الإعلام فقط. وقال: “لم يتم تفكيك قواعد عسكرية للفصائل لأنها غير موجودة أصلًا في جنوب نهر الليطاني، وما جرى هو تسليم بعض المواقع التابعة للجبهة الشعبية القيادة العامة، إلى الجيش اللبناني، بعد وقف إطلاق النار، لأن الفصائل الفلسطينية لا تملك مواقع في مناطق جنوب لبنان”.

وأشار المصدر الفصائلي إلى أنه جرى تسليم مواقع عسكرية فلسطينية للجيش اللبناني في مناطق شرق بيروت، وفي البقاع شرق لبنان. مؤكدًا “ما تمتلكه فصائل المقاومة الفلسطينية هو السلاح الخفيف الموجود داخل المخيمات، ولا تملك طائرات مسيرة أو صواريخ باليستية، وهذا شيء واضح ومعلوم للجميع”. وأضاف المصدر: “من المؤكد أن ما ينطبق على المقاومة الإسلامية في لبنان، ينطبق على المقاومة الفلسطينية الحريصة على أمن واستقرار لبنان ومع أي نقاش يدفع باتجاه استقرار البلاد وتنفيذ اتفاق 1701، والفصائل الفلسطينية منفتحة على هذا النقاش، ولكن للآن كل ذلك لم يطرح بشكل جدي، بل نسمع بعض التصريحات على الإعلام ولم تبحث معنا بشكل مباشر”. 

ولفت المصدر الفصائلي إلى أنه من المقرر أن يجري الرئيس محمود عباس زيارة إلى لبنان خلال الوقت القريب، قائلًا: “لدينا علم أن ملف سلاح الفصائل في المخيمات على سلم أولويات الرئيس في لقائه مع الدولة اللبنانية، حيث سيطلب حصر السلاح في يد منظمة التحرير الذي تستغله بعض الجهات في عمليات البيع والتهريب، وأن يتم نزع سلاح المقاومة، لكن لن نستبق الأحداث قبل الزيارة ومتابعة ما سيجري بعدها”.