اخبار فلسطين

خبير عسكري إسرائيلي يعلّق على تحقيقات أذرع الاحتلال الأمنية: “الكل يتهرب من المسؤولية”

ترجمة خاصة قدس الإخبارية: يشير الخبير العسكري الإسرائيلي روني بن يشاي إلى أن سيل التقارير المتعلقة بتحقيقات يوم السابع من أكتوبر، التي تُنشر بشكل شبه يومي، لا يحقق هدفه، بل يسبب ضررًا أكثر من الفائدة. كان يفترض بهذه التحقيقات أن تساعد المواطنين على فهم ما جرى في ذلك اليوم، لأن الفهم والمعرفة يساهمان في التعايش مع الفقدان والتعافي منه، كما يساعدان في منع تكرار ما حدث.

وكان من المفترض أن تستفيد أجهزة الاستخبارات والجيش والقيادة السياسية لدى الاحتلال من التحقيقات لاستخلاص العبر وتصحيح الأخطاء وتحميل المسؤولية لمن كان تقصيرهم سببًا في ما حدث. إلا أن القليل من هذا تحقق، والسبب الرئيسي كما يرى بن يشاي، أن حكومة الاحتلال لم تُنشئ لجنة تحقيق رسمية.

يوضح يشاي أن القيادة السياسية لدى الاحتلال تهربت من تحمل المسؤولية عن ما جرى، واكتفت بإحالة مراجعة أدائها إلى مراقب الدولة، وكأن الأمر مجرد فشل إداري عادي. أما أجهزة الاستخبارات والجيش والشرطة فقد اضطرت إلى إجراء تحقيقات داخلية سريعة بهدف تحسين أدائها ومنع “كوارث” مستقبلية، ما أدى إلى أن كل مؤسسة في منظومة الأمن والاستخبارات حققت في وقائع أكتوبر بشكل منفصل. النتيجة الطبيعية، بحسب بن يشاي، أنه لا توجد صورة شاملة وموثوقة لما حدث.

ويكشف الخبير العسكري الإسرائيلي بن يشاي أن تركيز تحقيقات جيش الاحتلال كان على الجوانب الاستخبارية تحت مسؤولية شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والعملياتية تحت مسؤولية هيئة الأركان والوحدات الميدانية. حتى الجوانب المتعلقة بمستوطني المستوطنات القريبة من غزة، مثل إخلاء المستوطنين، جرى التحقيق فيها فقط من منظور أداء الجنود والقادة على الأرض ومن الإدارة المركزية للحدث، دون الاستماع لما عايشه وشعر به المدنيون أنفسهم.

يضيف بن يشاي أن المحققين من داخل أجهزة الأمن والاستخبارات، بدافع الزمالة، لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في فحص زملائهم بدقة صارمة أو تحميل القادة المقصرين المسؤولية. كذلك، بسبب التنافس بين الأجهزة، لم يتم التحقيق بجدية في مسألة التنسيق بين الجيش والشرطة أو في الإخفاقات في تقييم التهديد والتنسيق مع الشاباك ليلة الهجوم.

في ظل غياب لجنة تحقيق رسمية، يوضح بن يشاي أن فراغ التحقيقات استغلته وسائل الإعلام، التي بدأت في إجراء تحقيقات مستقلة ونشر تقارير بهدف تبديد الغموض. بذل الصحفيون جهودًا حثيثة، بدافع حق الجمهور في المعرفة، لكشف تفاصيل ما حدث في كل موقع تعرض للهجوم. وقد قدمت هذه التحقيقات، بحسب بن يشاي، شهادات موثوقة وحقائق صلبة، بعضها لم يكن معروفًا لدى أجهزة أمن الاحتلال نفسها، وساعدت في كشف أوجه القصور التي أدت إلى الكارثة.

يشير بن يشاي إلى أنه، ومع انتهاء أجهزة أمن الاحتلال من تحقيقاتها الداخلية، أصبح لدى الصحفيين القليل من المعطيات الجديدة للكشف عنها، مما دفع ببعضهم إلى إعادة تقديم الحقائق المعروفة بصياغات تثير اهتمام الجمهور. يعتقد بن يشاي أن هذا ما حدث في تقرير بثته القناة 12 حول ما وُصف بأنه “إخفاقات الموساد”، الذي زُعم أنه كان أسيرًا لمفاهيم خاطئة ولم يحذر من التنسيق بين قادة حماس وإيران وحزب الله للهجوم على الاحتلال.

وبحسب تحليل بن يشاي، استند التقرير إلى وثائق تم العثور عليها في غزة، وأفاد بأن القيادي في حماس خليل الحية التقى في يوليو 2023 في بيروت مع المسؤول الإيراني سعيد إزدي، المشرف على الملف الفلسطيني، وأبلغه بخطط الشهيدين يحيى السنوار ومحمد الضيف لشن الهجوم على الاحتلال. ووفقًا للتقرير، كان يفترض أن يدرك الموساد هذا التنسيق منذ عام 2021، لكنه لم يفعل لأنه كان عالقًا في قناعة خاطئة.

يوضح بن يشاي أن رد الموساد على التقرير بيّن أن الجهاز كان على علم بمحاولات حماس التنسيق مع إيران واطلع على لقاء الحية بإزدي، لكنه لم يعرف تفاصيل ما دار في الاجتماع. في تلك الفترة، كان تركيز الموساد منصبًا بشكل أساسي على الملف النووي الإيراني واستعدادات حزب الله العسكرية، بينما كانت مسؤولية جمع المعلومات عن حماس تقع بشكل رئيسي على عاتق شعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك، وكان دور الموساد مساعدًا فقط.

يختم روني بن يشاي بالقول إن وصف التقرير للموساد بأنه فشل استخباراتيا لا يستند إلى معطيات صلبة، مشيرًا إلى أن إنهاء التقرير بعبارة “الموساد كان بإمكانه توفير معلومات استخبارية أفضل”، ومنح التقرير عنوان “فشل الموساد”، قد يكون من باب الفلاش الإعلامي لا أكثر.