اخبار فلسطين

رئيس قسم العمليات السابق في جيش الاحتلال: استمرار الحرب غاية بحد ذاتها لدى نتنياهو 

ترجمة عبرية شبكة قدس: قال رئيس قسم العمليات السابق في جيش الاحتلال يسرائيل زيف إن رئيس الأركان إيال زامير يواجه في الفترة الأخيرة “نيرانًا صديقة” من كل الاتجاهات؛ فوزراء الحكومة يهاجمونه بدعوى أنه متساهل وغير هجومي بما يكفي في إدارة الحرب، بينما تهاجمه عائلات الأسرى في غزة خشية أن تنفيذ قرارات الحكومة سيعرض أبناءهم للخطر في الأنفاق. ومنذ توليه منصبه قبل ستة أشهر، يجد نفسه يسير على “خيط رفيع” بين الالتزام بأوامر الحكومة من جهة، وتحمل مسؤوليته المهنية والأخلاقية من جهة أخرى، في ما يتعلق بالحفاظ على حياة الأسرى والجنود، والالتزام بالقانون الدولي.

زيف أوضح أن إطالة أمد الحرب جعلت المشهد أكثر تعقيدًا، مشيرًا إلى أن المشكلة الجوهرية تكمن في ضعف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وخضوعه الكامل للتيار الدينيالمشيحاني داخل الائتلاف. هذه السيطرة، بحسب قوله، أدت إلى رفض أي صفقة تبادل للإفراج عن الأسرى، وإلى الدفع نحو احتلال كامل لقطاع غزة وفرض حكم عسكري فيه، تمهيدًا لإعادة الاستيطان هناك. واعتبر أن نتنياهو فضّل الحفاظ على تماسك ائتلافه السياسي على حساب حياة الجنود والأسرى، بينما أُرسل رئيس الأركان إلى الميدان ليتحمل وحده تبعات القرارات.

وأضاف زيف أن عملية “مركبات جدعون”، التي كان يفترض أن تحقق نتائج عسكرية أفضل، كشفت في الواقع حدود اللعبة السياسية لنتنياهو. فقد وافقت حركة حماس في 18 أغسطس على صفقة جزئية سبق أن اقترحها نتنياهو قبل عام، وكان الأخير يظن أن الحركة سترفضها بعد أن أفشل بنفسه المرحلة الثانية من الصفقة في مارس الماضي. لكن رد حماس فاجأه، ووضعه أمام خيار صعب: إما أن يدفع ثمن استمرار التحالف اليميني المتشدد، أو أن يواجه استحقاقًا سياسيًا داخليًا بقبول صفقة قد تنهي الحرب وتعيد الأسرى. ورغم الحرج العلني، بدا أن نتنياهو اختار الاستمرار في رهانه على الائتلاف.

وأشار زيف إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال تُرك وحيدًا في مواجهة وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وأوريت ستروك، الذين يدفعون نحو “حرب انتقامية” تشمل احتلال غزة، فرض إدارة عسكرية، وإعادة مستوطنات “غوش قطيف”. وفي الوقت نفسه، لا يحظى بأي دعم من نتنياهو، بل على العكس، تُدبّر له المسؤولية عن أي فشل قادم. حتى وزير الحرب، المنشغل بمعركة داخلية في حزب “الليكود”، لا يتردد في توجيه الطعنات إليه لتحقيق مكاسب سياسية.

وأكد زيف أن رئيس أركان جيش الاحتلال يعمل في ظروف غير طبيعية، إذ يتلقى تعليمات عامة بلا أهداف واضحة، بينما ترفض القيادة السياسية تحديد غاية نهائية للحرب. فبالنسبة لنتنياهو، استمرار القتال بحد ذاته هو الغاية، بحيث تُنسب النجاحات للحكومة، وتُلقى الهزائم على المؤسسة العسكرية. واعتبر أن هذه المنهجية تعكس “تخصص نتنياهو في التهرب من المسؤولية”.

ورأى زيف أن التحدي الأكبر لرئيس الأركان زامير هو الموازنة بين مواصلة العمليات العسكرية في غزة، والحفاظ على ثقة الجنود وعائلاتهم، وكذلك عائلات الأسرى، إلى جانب التمسك بالقانون الدولي بدلًا من السير وفق أجندات أيديولوجية يمينية. وشدد على أن المهمة ليست “نزهة في حديقة”، بل معركة بلا أفق سياسي واضح، تحولت من وسيلة لتحقيق هدف إلى غاية بحد ذاتها.

وختم زيف بالقول إن التجربة التاريخية، كما وردت في أدبيات العلاقات المدنيةالعسكرية مثل كتاب ديل هيرسبرينغ، تثبت أن النجاح في الحروب يتحقق فقط عبر “مسؤولية مشتركة” بين القيادة السياسية والعسكرية. لكن غياب هذه المسؤولية اليوم، وتحميل رئيس الأركان وحده كلفة القرارات، يكشف ــ حسب تعبيره ــ عن جبن القيادة السياسية وانفصالها عن الواقع.