رسائل الظهور المفاجئ لـ عرين الأسود.. نحن ومن معنا بخير
رام الله خاص قدس الإخبارية: بعد اغتيال الاحتلال قادة بارزين العرين منهم الشهيدين تامر الكيلاني ووديع الحوح في أكتوبر\تشرين الأول الماضي، أخذ الحديث يدور في أوساط الاحتلال عن وصول ظاهرة العرين نهاية الطريق وتفكيكه، وتزامن معها جهودٌ من السلطة الفلسطينية لإقناع مقاتلي العرين بتسليم أنفسهم مقابل الحصول على امتيازات مادية ووظيفية، وضمان عدم ملاحقتهم من الاحتلال الإسرائيلي.
وبشكلٍ مفاجئ، صدم رهانات تفكيك العرين في مدينة نابلس، ظهر المقاتلون من جديد، بأعدادٍ أوسع في مسيرة عسكرية نظمها العرين، يوم الجمعة 9 ديسمبر\كانون الأول 2022، وبعدما كانت تروي عطش حاضنتها الشعبية بياناتٍ بين الفينة والأخرى يؤكد على استمراريتها، ظهرت بسلاحها ومقاتليها في حارة الياسمينة، وأوجدت بظهورها رسائل ضمنية.
الرسالة الأولى: العرين بخير
الكاتب والمحلل السياسي ثامر سباعنة يرى أن ظهور عرين الأسود بشكلٍ قوي ولافت، يرسل تطمينًا للحاضنة الشعبية أن العرين بخير، ولا زال بقوته، بل وقد تعافى مما مر به وهو ما يدله أعداد المقاتلين والتسليح، خاصة وأن حاضنة العرين الشعبية امتدت لباقي المدن.
ويقول سباعنة في حديثه لـ “شبكة قدس” إن المصداقية التي أثبتها العرين خلال بياناته ومقاومته، وفرت له حاضنةً شعبية، بالتزامن مع بحث الشارع الفلسطيني عن أملٍ جديد ورمز يثق به في ظل الانقسام الفلسطيني والحرب الإسرائيلية المستمرة، مضيفًا: “وجد الشعب ضالته في العرين التي ابتعدت عن الانتساب لفصيل فلسطيني محدد واختارت العمل ضمن اسم وتشكيل جديد.”
الرسالة الثانية: لن يرضى العرين بمحاولات التفكيك!
خلال المسيرة العسكرية، يقول أحد قادة العرين: “نقول لكل من يظن أن العرين قد انتهى إنكم واهمون، ونحن صامدون رغم الجراح والخذلان”، وقد شهد العرين في الشهرين الأخيرين إلى جانب الاغتيالات من قبل الاحتلال الإسرائيلية، محاولات حثيثة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتسليم المقاتلين سلاحهم، والضغط لظاهرة العرين.
وحول ذلك، يشير سباعنة إلى أن ظهور العرين من جديد يمثل رسالة تحدي للاحتلال، ويثبت محاولاته في القضاء على العرين، مضيفًا أن السلطة الفلسطينية تلقت، هي الأخرى، “ضربة مباشرة” من هذا الظهور خاصة في ظل سعيها الحثيث لإنهاء العرين من خلال العروض المالية والوظيفية، ولكن خروج مقاتلي العرين بهذا العدد والعتاد أحبط محاولات السلطة واعادها الى المربع الاول.
واتفاقًا مع قراءة سباعنة، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن ظهور عرين الأسود يوم الجمعة الماضي تأكيد على فشل كل محاولات استيعاب وتفكيك الظاهرة، سيما بعد الحديث الكثير عن الاقتحامات والاغتيالات أو ارتقاء قيادات مهمة من هذا المجموعات، أو ما قيل من قبلوا أعداد كبيرة من مقاتلي عرين الأسود بعروض العفو من السلطة الفلسطينية أو الاحتواء في الأجهزة.
ويتابع عرابي في حديثه لـ “شبكة قدس”: “هذا يؤكد على أن كل المحاولات لم يكن نجاحها بالشكل الذي جرى تصويره، وبالتالي التشكيلات المسلحة ما تزال موجودة، والأهداف التي تشكلت من أجلها ما تزال حاضرة، والعمل من أجل تحقيقها مستمر، وهذا يعطي رسائل معنوية أكثر بدرجة أولى ويبشر الفلسطينيين بإمكانيات البناء على مثل هذه التشكيلات.”
ويوضح عرابي أن السلطة الفلسطينية تعاني من حرجٍ شديد إزاء مجموعات المقاومة، حيث أن هذه المجموعات لا تنتسب لحركة حماس في “اليافطة المعلنة”، والتي تمثل الخصم السياسي للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لا تستطيع السلطة أن تضرب هذه التشكيلات تحت دعاية الخصومة مع حركة حماس أو الانقلاب او المنافسة السياسية أو ما شابه.”
ويتابع القول: “بالتالي لا تستطيع السلطة أن تحشد جماهير حركة فتح من أجل استهداف هذه التشكيلات، ولا سيما أن هذه التشكيلات تضم عناصر من البيئات الاجتماعية لحركة فتح ولا سيما عرين الأسود، فهذه قضية مهمة جدًا أن هذه التشكيلات عابرة للحدود الحزبية.”
الرسالة الثالثة: من جنين إلى نابلس.. المقاومة مستمرة
خلال المسيرة العسكرية، نعى عرين الأسود الشهيد فاروق سلامة بالقول إنه “كان قائدًا في الكتيبة، وقائدًا في العرين”، في إشارة إلى كتيبة جنين التي شهدت هي الأخرى في الأيام الأخيرة محاولات تفكيك واحتواء مماثلة فاشلة كما في حالة عرين الأسود في نابلس، والتي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، والسلطة الفلسطينية.
ويتجه المحللون إلى قراءة انعكاس ظهور عرين الأسود الأخير بشكلٍ إيجابي على باقي مجموعات المقاومة في الضفة المحتلة، وتحديدًا كتيبة جنين، خاصة بعد ظهور صور كثيرة سابقة لمقاتلي وشهداء العرين والكتيبة، مما يدلّ على تنسيق وعمل مشترك بين مجموعات المقاومة.
وبحسب عرابي، فإن ظهور العرين يحافظ على أهم مكتسباته، وهي ثقافة المقاومة التي شاعت، بسبب جملة من العوامل مثل العمليات الفريدة الناجحة والحروب في قطاع غزة والتشكيلات المسلحة والشهداء التي قدمتها هذه التشكيلات المسلحة مثل كتيبة جنين وعرين الأسود، وخلقت حالة التفاف حول فكرة المقاومة من جديد، فالظهور من جديد هو محاولة للاحتفاظ بهذا المكسب المعنوي والثقافي لدى الأجيال الجديدة من الفلسطينيين.
“هناك إرادة عند كل هذه التشكيلات من أجل تعزيز بعضها، كما تبين أن كتيبة جنين كان لها دور في مد الظاهرة إلى مدينة نابلس، وظهور عرين الأسود بشكل قوي من شأنه أن يشد من أزر كتيبة جنين، وهذا التعاون ضروري جدًا على هذا الصعيد”، يقول المحلل السياسي ساري عرابي.
الرسالة الرابعة لحكومة الاحتلال
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل عماد بشتاوي يرى أن عرين الأسود وجه رسالة في ظهوره إلى حكومة الاحتلال اليمينية التي تتشكل وللحكومة القائمة برئاسة لابيد التي تواصل سياسة الاغتيالات، بأن المقاومة موجودة ومستمرة، وأن الاغتيالات التي نفذتها حكومة الاحتلال لتطمئن جمهورها بعدم تهاونها في قضايا الأمن لم تفلح في إخماد نار العرين.
ويضيف بشتاوي في حديثه لـ “شبكة قدس”، إن أبناء وإخوان الشهداء هم باتوا أرضية خصبة لكي يصبحوا مجندين في العرين وهي مناطق تتوسع، وأن العرين الذي بدأ بعدة أفراد أصبح يتمدد في الشارع الفلسطيني وهذه رسالة توجه رسائل للشارع الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي على حد سواء.