اخبار فلسطين

شركة علاقات عامة عالمية تلغي مهرجانها السنوي بعد انكشاف علاقتها مع الاحتلال

لندن قدس الإخبارية: تواجه مجموعة Stagwell، إحدى أكبر شركات الدعاية والإعلان العالمية والمدرجة في بورصة ناسداك، أزمة غير مسبوقة بعد الكشف عن تنفيذها مشروعًا لصالح وزارة خارجية الاحتلال. الفضيحة التي تفجرت عقب تسريب عرض تقديمي داخلي أعدّته الشركة، أظهرت أن المشروع تضمن دراسات استقصائية واختبارات رسائل ومجموعات تركيز تهدف إلى تحسين صورة “إسرائيل” في الخارج، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات العنيفة على شبكات التواصل الاجتماعي وداخل الشركة نفسها. وتحت ضغط الغضب الشعبي والاعتراضات الداخلية، اضطرت المجموعة إلى إلغاء مهرجانها السنوي في لندن خشية احتجاجات وتظاهرات واسعة.

في بيان رسمي، قال جيمس تاونسند، المدير التنفيذي لفرع الشركة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إن “سلامة الموظفين والضيوف هي الأولوية القصوى”، مشيرًا إلى أن الأجواء لم تكن مناسبة لعقد فعالية ناجحة كما كان مخططًا. ورغم محاولة الإدارة التقليل من شأن ما حدث، فإن متحدثًا باسم الشركة اعترف بتنفيذ المشروع لصالح حكومة الاحتلال، مؤكدًا أن العمل أنجزه فريق صغير، لكنه تجنّب الخوض في تفاصيل العرض المسرّب أو الكشف عما إذا كانت المجموعة ستواصل التعاون مع “إسرائيل” مستقبلًا.

قضية Stagwell تجاوزت كونها مجرد أزمة علاقات عامة لتكشف عن انقسام داخلي في صفوف الشركة. فقد عبّر موظفون، خصوصًا من الجيل الشاب، عن غضبهم من إقحام المجموعة في قضايا سياسية ملتهبة، معتبرين أن المشروع مع “إسرائيل” يسيء إلى صورة الشركة في سوق الإعلان ويهدد بجعلها أقل جاذبية للمواهب الإبداعية. أحد العاملين وصف الخطوة بأنها “تمزق القلب”، بينما اعتبر آخرون أن الدخول في هذا النوع من العقود يقوّض ثقة الجمهور والعملاء بقدرة المجموعة على الحفاظ على حياديتها.

مجلة Adage المتخصصة في الإعلان ربطت الأزمة بالتوجهات السياسية لرئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي مارك بن، المعروف بعلاقاته القديمة مع “إسرائيل” منذ عمله في حملة مناحيم بيغن الانتخابية في الثمانينيات، فضلًا عن دوره في حملات أمريكية بارزة مثل فوز بيل كلينتون وخسارة هيلاري كلينتون. وفي السنوات الأخيرة، بات بن من أبرز الداعمين للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما زاد من حدة الانتقادات ضده داخل الشركة، خصوصًا من جانب موظفين ليبراليين. أما ديفيد سيبل، نائب رئيس مجلس الإدارة، فدافع عن بن بشدة، واعتبر أن الحديث عن تحيز سياسي مجرد “هراء”، مؤكدًا أن Stagwell بيئة منفتحة تتسع لوجهات نظر مختلفة.

الأزمة الداخلية التي فجرتها هذه القضية قد تكون مجرد بداية. فبالنسبة لكثيرين، تبدو فضيحة التعاون مع “إسرائيل” بمثابة رأس جبل الجليد الذي يهدد بكشف توترات أعمق داخل المجموعة، ويطرح أسئلة حول مستقبلها وسمعتها العالمية. فهي شركة يُفترض أن تمثل عالم الإعلان والإبداع، لكنها تجد نفسها اليوم في قلب جدل سياسي وأخلاقي شديد الحساسية.

وتتزامن هذه الفضيحة مع تكثيف “إسرائيل” لحملاتها الدعائية في الخارج، إذ أُعلن مؤخرًا عن تخصيص 174 مليون شيقل لحملة واسعة عبر منصات التواصل خلال الحرب مع إيران، بعد أن حصل مكتب الإعلانات الحكومي على إعفاء من المناقصات للتعاقد مباشرة مع شركات التكنولوجيا الكبرى. شملت العقود 90 مليون شيقل مع غوغل، و60 مليونًا مع يوتيوب، و10 ملايين مع تويتر، و14 مليونًا مع شركتي Outbrain وTeads. الهدف المعلن كان تحسين صورة “إسرائيل” في الساحة الدولية وسط تصاعد الانتقادات لجرائمها في غزة، وهو ما يجعل من أزمة Stagwell جزءًا من مشهد أوسع تتداخل فيه الدعاية بالسياسة، وتتكشف فيه حدود الدور الذي يمكن أن تلعبه شركات الإعلان في تلميع صورة الاحتلال.