“كيتر”: وحدة قمع متخصصة في السجون قتلت أسرى فلسطينيين بدم بارد

متابعة شبكة قُدس: منذ تأسيسها داخل سجن النقب بين عامي 2007 و2010، شكّلت وحدة “كيتر” إحدى أبرز أدوات الاحتلال في إدارة السجون. فهي ليست وحدة وطنية مستقلة مثل “متسادا” أو “نحشون”، بل تعمل تحت إمرة كل سجن بشكل مباشر، عبر ضابط العمليات وقائد الوحدة المحلي، ما يجعلها أقرب إلى فرق تدخل سريع متخصصة بالقمع. وقد ارتبط اسمها منذ البداية بالاقتحامات والسيطرة على أي احتجاج أو اضطراب داخل المعتقلات، حيث يخضع عناصرها لتأهيل أمني صارم يتيح لهم استخدام القوة المفرطة ضد الأسرى الفلسطينيين تحت غطاء “الإجراءات الطارئة”، الأمر الذي جعلها محطّ خوف واسع في أوساط الأسرى الذين اختبروا ممارساتها.
بعد السابع من أكتوبر 2023، برزت هذه الوحدة بشكل أكبر داخل السجون، إذ تصاعد حضورها لتصبح إحدى أدوات الحرب المفتوحة ضد الأسرى الفلسطينيين. شهادات المعتقلين ومنظمات حقوقية وصفت عناصرها بأنهم مقنّعون، يرتدون لباسًا أسود، ويخفون هوياتهم بأقنعة وأرقام بدلاً من الأسماء، ويرافقهم أحيانًا كلاب هجومية. وقد تحولت هذه السمات إلى وسيلة لإضفاء بعد نفسي على الاقتحامات، فمجرد ظهورهم صار كفيلاً ببث الرعب في الأقسام. إن استبدال الأسماء بأرقام لم يكن مجرد تفصيل شكلي، بل يعكس وعيًا تامًا بضرورة التهرب من أي مساءلة محتملة على الجرائم المرتكبة بحق الأسرى.
لم تقتصر الممارسات على الإذلال اللفظي أو الترهيب البصري، بل امتدت إلى تعذيب جسدي ونفسي مباشر. فبحسب شهادات موثوقة، تعرض الأسرى للضرب المبرح والاعتداء الجنسي والتجريد من الملابس، بل جرى استخدام قنابل صوتية في بعض الاقتحامات. هذه الأساليب لم تمرّ من دون ضحايا، إذ تسببت الوحدة في استشهاد عدد من الأسرى، بينهم ثائر أبو عصب في سجن النقب وأسرى آخرون من قطاع غزة داخل قسم 23 في سجن عوفر. ما يجري يؤكد أن سلوك الوحدة ليس مجرد تجاوز فردي، بل سياسة مدروسة تهدف إلى كسر إرادة الأسرى وتحويل الزنازين إلى مسرح دائم للعقاب الجماعي.
إلى جانب ذلك، تؤدي “كيتر” دورًا رئيسيًا في عمليات نقل الأسرى بين الأقسام أو إلى المحاكم والعيادات، وهو ما تحوّل إلى محطة إضافية للتنكيل. كثير من المعتقلين امتنعوا عن التوجه إلى زيارة المحامين خشية ما يتعرضون له من ضرب وإهانات خلال النقل، على الرغم من حاجتهم الشديدة لمعرفة أخبار ذويهم. والأمر ذاته انسحب على المرضى، الذين أحجموا عن التوجه إلى العيادة، خصوصًا أنها شبه معطلة منذ بداية الحرب ولا تستقبل سوى الحالات الطارئة. وهكذا، باتت الوحدة تستخدم سلطتها ليس فقط للسيطرة الأمنية بل لمنع الأسرى من أبسط حقوقهم الإنسانية، كالعلاج والتمثيل القانوني، وتحويلها إلى أدوات ضغط إضافية.
تجربة الأسرى مع “كيتر” بعد السابع من أكتوبر تعكس أن الوحدة لم تعد مجرد قوة أمنية محلية داخل السجون، بل جزءًا من بنية القمع الشاملة التي تمارسها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. فالاقتحامات المتكررة، أساليب التعذيب الممنهج، واستهداف المرضى والمحامين، كلها تكشف عن عقلية عنصرية تعتبر الأسير الفلسطيني هدفًا مشروعًا للتنكيل بلا حدود. استشهاد الأسرى تحت التعذيب وصمت السلطات عن المحاسبة يؤكد أن ما يجري امتداد لحرب الإبادة المستمرة، حيث تحولت السجون إلى جبهة أخرى من المواجهة. وهكذا، بات اسم “كيتر” مرادفًا للرعب، ورمزًا لمرحلة جديدة من الصراع داخل الزنازين، تكشف أن معركة الفلسطينيين مع الاحتلال لم تعد مقتصرة على الأرض المفتوحة، بل امتدت لتشمل الجدران الضيقة التي يقبع خلفها آلاف الأسرى.