اخبار فلسطين

لطرد السكان وتدمير المباني.. الاحتلال يكثف استخدام العربات المفخخة في غزة

قطاع غزة شبكة قُدس: أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كثّف خلال الأيام الأخيرة من استخدام العربات المفخخة (المجنزرات) المحمّلة بأطنان من المتفجرات لتدمير الأحياء السكنية المركزية في مدينة غزة، في إطار تنفيذ هدفه المعلن بتدمير المدينة وتهجير سكانها، ضمن تصعيد خطير لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة.

ووثّق فريق المرصد الميداني تفجير جيش الاحتلال الإسرائيلي 10 عربات مفخخة صباح اليوم الأربعاء 17 سبتمبر/أيلول، بين المنازل في “شارع 8” جنوبي حي “تل الهوا”، أحد الأحياء السكنية المركزية للمدينة، بالإضافة إلى ثلاث عربات أخرى على الأقل بين المنازل في شارع “النفق” شرقي المدينة، وعدة عربات في محيط “بركة الشيخ رضوان” شمال المدينة.

وأوضح المرصد أن الاحتلال كان يوجّه العربات المفخخة في السابق خلال ساعات الفجر، لكنه بات يستخدمها على مدار الساعة مؤخرًا، ما يزيد احتمالات سقوط الضحايا إلى جانب الدمار الهائل الذي تسببه. وأضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي حوّل ناقلات جنود أميركية الصنع من طراز “إم 113″، بعد إخراجها من الخدمة، إلى روبوتات مفخخة تحمل كل واحدة منها نحو 7 أطنان من المتفجرات، موجهة لتنفجر وسط الأحياء السكنية المكتظة، في أسلوب يشبه أسلوب تنظيم داعش في سوريا والعراق، والذي سبق وأدانته الجهات الدولية، بينما يسمح للاحتلال باستخدامه اليوم على نطاق أوسع وبدون مساءلة.

وأشار المرصد إلى أن تأثير العربات المفخخة لا يقتصر على الدمار المادي للأحياء وتشريد السكان، بل يشمل الإرهاب النفسي المنهجي، حيث تُحدث التفجيرات أصواتًا مدوية تهز أرجاء المدينة، وتترك المباني المتبقية تحت وطأة موجات الانفجار، ما يحوّل حياة السكان اليومية إلى حالة مستمرة من الخوف والاضطراب.

وفي شهادات ميدانية، قال “خليل إسليم”: “كل مرة تنفجر المجنزرات نشعر كأن زلزالًا ضرب المنطقة، والركام يتطاير مئات الأمتار”. وأفادت “خديجة المصري”، نازحة من شمال غزة: “كل انفجار يجعل روحي تكاد تخرج، وصراخ أطفالي يصبح هستيريًا”. وأوضح الشاب “سامر عبد العال” أن انفجار أحد الروبوتات دفعه مرات عدة وسبب له رضوضًا، مضيفًا أن الانفجارات أشد ضجيجًا من أي قصف سابق على مدى 23 شهرًا.

وأكد المرصد أن وتيرة التدمير غير المسبوقة للعربات المفخخة تشير إلى تصميم الاحتلال على تنفيذ خطته بمحو المدينة، مشيرًا إلى أن كل عربة مفخخة قادرة على تدمير نحو 20 وحدة سكنية كليًا أو جزئيًا، ما يعني نزوح مئات آلاف الأشخاص في ظروف قاتلة وغياب مقومات البقاء. وأضاف أن دوي الانفجارات يصل إلى مسافات تتجاوز 40 كم من مركز الانفجار، مما يعكس حجم التدمير الشامل الذي تسببه هذه الأسلحة.

وحذّر المرصد من أن تقاعس المجتمع الدولي وتواطؤ بعض أطرافه، وامتناع الجهات الدولية عن محاسبة الاحتلال، مكّن جيش الاحتلال من المضي في جريمة تدمير غزة بصورة علنية، دون أي مبرر قانوني، وهو ما يعزز سياسة الإفلات من العقاب ويضعف فاعلية القانون الدولي في حماية المدنيين.

وشدد المرصد على أن استخدام العربات المفخخة محظور بموجب القانون الدولي الإنساني، لأنها عشوائية بطبيعتها وتصيـب المدنيين والأعيان المدنية بشكل مباشر، ما يشكّل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويعد أداة للإبادة الجماعية وفق اتفاقية منع الإبادة، عبر فرض ظروف معيشية تهدف لإهلاك الجماعة جزئيًا أو كليًا. وأوضح أن الهدف من هذه الأسلحة لا يقتصر على قتل وتشريد السكان، بل يشمل محو الأحياء والبنية التحتية بالكامل، ما يحول دون إعادة الحياة للمدينة ويقوض مستقبل الفلسطينيين وحقهم في البقاء والعودة إلى ديارهم.

وأشار المرصد إلى أن العربات المفخخة تمثل جزءًا من ترسانة الاحتلال لتدمير المدن، والتي تشمل القصف الجوي بالصواريخ والقنابل الثقيلة، والقصف المدفعي المستمر، وإلقاء الصناديق المتفجرة عبر الطائرات المسيّرة، وتفخيخ المباني مباشرة، واستخدام الجرافات العسكرية والمدنية لإزالة المباني المدمرة.

وحذر المرصد من أن أكثر من 800 ألف فلسطيني في غزة يواجهون مخاطر وجودية في ظل استمرار التدمير وسياسات التجويع والتهجير القسري، وسط صمت دولي. وطالب المرصد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتحرك الفوري وفق قرارها 377 A(V) لعام 1950 المعروف بـ”الاتحاد من أجل السلام”، بما يتيح اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل إنشاء قوة لحفظ السلام لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وحماية المرافق الصحية، وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار.

وأخيرًا، دعا المرصد جميع الدول إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في غزة، واتخاذ كل الإجراءات العملية لحماية المدنيين وضمان التزام الاحتلال بالقانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.