اخبار فلسطين

ما هي أهداف الاحتلال الحقيقية من وراء عمليات الهدم الواسعة في غزة وجنين ولبنان؟

خاص شبكة قُدس: كثير من الدراسات الأمنية التي نشرتها مراكز الاحتلال البحثية، تشير إلى وجود قناعة لدى منظومة أمن الاحتلال أن هدم المنازل كان عقابا رادعا فيما يتعلق بمنفذي العمليات، وقد جرى استئناف العمل بهذه السياسة بعد توقفها لسنوات، بعد دراسات كشفت أن أسلوب احتجاز الجثامين لم يكن مجديا في ردع المقاومين من تنفيذ العمليات، على عكس هدم بيوت المنفذين. اليوم الاحتلال يعمم هذه النظرية ويخرجها من سياقها الخاص إلى سياق شامل يتمثل في ردع شعب كامل سواء كان ذلك في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو حتى ما جرى في جنوب لبنان. 

في الأيام الأخيرة؛ نسف الاحتلال الإسرائيلي عشرات المنازل والمباني في جنين وطولكرم، وعمل على إجبار الآلاف من الفلسطينيين على النزوح من أماكن سكنهم، في محاولة لاستنساخ تجربته في الإبادة التي مارسها في قطاع غزة والجنوب اللبناني.

وقال الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي محمد بدر، إنه من المهم الإشارة إلى أن الاحتلال يسعى لتحقيق هدفين مهمين من وراء عمليات الهدم الواسعة هذه: الأول، هو كيّ الموقف الجمعي الفلسطيني وهو هدف تكتيكي يتمثل في محاولة تغيير قناعات الناس بجدوى المقاومة في المرحلة الحالية التي تشهد تصاعدا كبيرا في العمل المقاوم وأيضا بعد أن كرست المقاومة ثقة عالية بجدواها في السابع من أكتوبر 2023. أما الهدف الثاني وهو الاستراتيجي فيتمثل في كي الذاكرة الفردية والجمعية الفلسطينية على اعتبار أن الذاكرة لها دور مهم في تشكيل القناعات في المستقبل وبالتالي التأثير على الموقف المستقبلي من جدوى المقاومة. 

وبحسب بدر، فإننا كفلسطينيين متورطون في هذه الحرب النفسية التي تشنها “إسرائيل” ضدنا سواء بقصد أو عن غير قصد. من الملاحظ مثلا وجود كم كبير من المنشورات أو التقارير التي تستند على قاعدة “قبل بعد” والتي تظهر بعض المناطق قبل الدمار الذي أحدثه الاحتلال ومشاهد من الدمار. كما أن هناك منصات ومواقع إخبارية فلسطينية تتبع لبعض الجهات الفلسطينية يتمركز خطابها حول المقاومة وجدواها في حجم الدمار والتبعات المترتبة على الفعل المقاوم، وقد استغلت هذا الأمر لمحاولة نزع الشرعية عن مجموعات المقاومة العاملة في شمال الضفة الغربية، وهذا بدوره يخدم الأهداف الإسرائيلية.

وذكر، أنه لم يكن يخفي الإسرائيليون في الفترة التي سبقت السابع من أكتوبر أن ثمن المقاومة سيدفعه الجميع ولن تكون حربا ضد المقاومة ومواقعها وشخوصها، بل ستكون حربا ضد كل مكونات الوجود الفلسطيني، وقد صرّح بذلك أكثر من مرة رئيس أركان جيش الاحتلال السابق أفيف كوخافي، والذي شدد على فكرة أن أي عمل مقاوم استراتيجي ستكون نتائجه كبيرة على المجتمع الأوسع وليس فقط على الذين يقفون وراء هذا العمل. هذه هي إحدى ممارسات العقاب الجماعي المحرّم دوليا لكن الاختلال القانوني والأخلاقي الذي يعاني منه العالم، والتواطؤ العربي الرسمي، سمح للاحتلال بتنفيذ هذه الجريمة التي استنسخها من مكان لآخر.

وهناك أيضا وفقا للصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي، صلة مباشرة بتوجهات الرأي العام الإسرائيلي الذي يتطلع أن يقوم جيش الاحتلال بجرائم كبيرة بحق الفلسطيني سواء من خلال استهدافه أو استهداف بيته وبنيته التحتية وحيزه الجغرافي والديمغرافي، والجيش بدوره ومعه الإعلام الإسرائيلي يحاولان صنع صورة نصر في الذهنية العامة الإسرائيلية عبر مشاهد الدمار هذه، وقد تكرر على لسان مسؤولين عسكريين وسياسيين إسرائيليين في الآونة الأخيرة مصطلح “جيش فتاك” والمقصود فيه جيش قادر على إحداث تغييرات كبيرة وجذرية في بيئة العدو.