اخبار فلسطين

ما وراء تصريحات ويتكوف: ليس الفلسطينيون وحدهم مستهدفين بالتضليل

واشنطن قدس الإخبارية: صرح المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، اليوم الخميس ٢٤ يوليو ٢٠٢٥،  بأن فريق التفاوض الأمريكي غادر العاصمة القطرية الدوحة لإجراء مشاورات بعد ما وصفه بـ”رد حركة حماس الذي يظهر عدم رغبتها في التوصل لاتفاق بشأن غزة”.

وأضاف ويتكوف أن الحركة “لا تبدي حسن نية وتفتقر إلى التنسيق رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء”، مشيرًا إلى أن بلاده “ستدرس خيارات بديلة لإعادة الأسرى إلى ديارهم ومحاولة تهيئة بيئة أكثر استقرارًا لسكان غزة”.

 واتهم ويتكوف حماس بأنها “تتصرف بأنانية”، لكنه أكد أن الولايات المتحدة “مصممة على إنهاء هذا الصراع وتحقيق سلام دائم في غزة”، على حد تعبيره.

في الوقت ذاته، أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن الوفد الإسرائيلي المشارك في مفاوضات الدوحة عاد إلى “لإجراء مشاورات”، وهو تصريح يعكس رغبة نتنياهو في إبقاء الباب مواربًا أمام أي تنازلات إضافية من المقاومة الفلسطينية، مع الإيحاء بأن الاحتلال لا يغلق مسار التفاوض نهائيًا. هذا الموقف جاء متسقًا مع تصريحات ويتكوف، في ما يبدو كتنسيق أمريكيإسرائيلي هدفه تكثيف الضغط على حماس وإظهارها كطرف معرقل أمام الوسطاء والرأي العام.

وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع تكثيف وسائل الإعلام العبرية في الأيام الماضية نشر تسريبات تزعم تحقيق “تقدم كبير” في المفاوضات و”تقديم تنازلات جوهرية” من جانب حكومة الاحتلال، إلى جانب الحديث عن أن الاتفاق “شبه منجز” وأن “الكرة الآن في ملعب حماس”. هذه التسريبات لا تستهدف فقط الوسطاء أو المجتمع الدولي، بل تسعى أيضًا لتضليل الرأي العام الإسرائيلي وخصوصًا عائلات الأسرى الذين يضغطون منذ شهور لإنجاز الصفقة، في ظل استطلاعات تظهر أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون إتمام اتفاق التبادل حتى لو تضمن ذلك تقديم تنازلات.

حكومة الاحتلال توظف هذه التسريبات كجزء من “حرب الروايات” لإظهار نفسها طرفًا مرنًا يسعى لإنهاء الحرب، بينما تُحمِّل حماس مسؤولية التعطيل. هذه الاستراتيجية هي محاولة لإحراج الحركة أمام الرأي العام الفلسطيني وإضعاف موقعها التفاوضي، وفي الوقت ذاته امتصاص غضب أهالي الأسرى الإسرائيليين عبر الادعاء بأن الحكومة قدمت أقصى ما يمكن وأن التعطيل نابع من الطرف الآخر.

وتعيد هذه الحملة الإعلامية إلى الأذهان اعترافات سابقة لمسؤولين أمريكيين في إدارة بايدن، أكدوا أن نتنياهو كان المعطل الحقيقي للتقدم في مفاوضات صفقات التبادل، لكنه كان يطلب من الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض إعلان أن حماس هي الطرف المعرقل. هذه الاعترافات تكشف نمطًا ثابتًا في سلوك حكومة الاحتلال، يقوم على الالتفاف على الضغوط الداخلية وتحميل المقاومة مسؤولية فشل المفاوضات أمام المجتمع الدولي والجمهور الإسرائيلي.

في المحصلة، تعكس تصريحات ويتكوف والتسريبات الإسرائيلية المتزامنة محاولة منسقة لإدارة المشهد التفاوضي وتوجيه الرأي العام المحلي والدولي. فبينما يستخدم الاحتلال الإعلام كأداة ضغط نفسي وسياسي على حماس، يسعى نتنياهو لتخفيف الضغط الشعبي الداخلي، خصوصًا من أهالي الأسرى، عبر الإيحاء بأن حكومته قدمت كل ما يمكن للتوصل إلى اتفاق.