اخبار فلسطين

مسافر يطا.. رحلة الانتهاكات ومواجهة التهجير

الضفة الغربية قدس الإخبارية: على التلال الجنوبية الشرقية لمدينة الخليل، يعيش الفلسطينيون بمسافر يطا في مواجهة مخططات التهجير والتوغل الاستيطاني منذ سبعينيات القرن الماضي، فيما تتصاعد حدة الاعتداءات الاستيطانية بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023.
كان آخر هذه الاعتداءات صباح اليوم السبت، ويوم أمس الجمعة، عندما نفذت مليشيات المستوطنين اعتداءات بالضرب على الأهالي.
تقع مسافر يطا ما بين الشارع الالتفافي 317 إلى خط الهدنة 1949 من الجنوب، وتتداخل أراضيها مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وجميعها مصنفة مناطق (ج) وفق اتفاقيات أوسلو، وتقع تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي بالكامل.
 تتكون المسافر من 23 خِربة وقرية يسكنها أهالي يطا وبدو هُجروا من مناطق بئر السبع والنقب عام 1948، ومن بين الخرب الـ23، يوجد 8 خرب يقطنها 1200 فلسطيني مهددون بالتهجير، بعد إعلانها  مناطق عسكرية مغلقة لأغراض ما يُسمى مناطق “إطلاق النار”.    
في بعد، حولت حكومات الاحتلال المتعاقبة المنطقة التي تضم 17 تجمعاً فلسطينياً، معظمها موجود قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967، إلى منطقة تدريبات عسكرية لجيش الاحتلال، وتضم هذه التجمعان  مجموعة قرى وهي: جنبا، والمركز، وحلاوة، وخربة الفخيت، وخربة التبانة، وخربة المجاز، وصفي الفوقا، وصفي التحتا، ومغاير العبيد، وطوبة، وخلة الضبع، والخروبة، وخربة المفقرة، وخربة صرورة، والركيز، وبير العد.
وكشفت وثيقة للاحتلال في تموز/ يوليو 2022، أن ما يعرف بمناطق إطلاق النار العسكري في الضفة الغربية المحتلة، والتي تنطبق على أهالي مسافر يطا وتلال جنوب الخليل وسكان الأغوار، أقيمت لتساهم في ننقل الأراضي إلى المستوطنات، وذلك بحسب ما جاء في مقال للكاتب الإسرائيلي “يوفال أبراهام”، وفقاً لمحضر اجتماع سري عُقد عام 1979 بين شعبة الاستيطان التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية مع حكومة الاحتلال، شارك فيه وزير الزراعة في حكومة الاحتلال في حينه “أريئيل شارون”، موضحاً أن الهدف من وجود مناطق إطلاق نار في أنحاء الضفة الغربية، هو تسليمها إلى المستوطنين في النهاية.

 

رحلة التضييق ومواجهة التهجير
في سنوات سبعينيات القرن الماضي صنفت دولة الاحتلال مساحات كبيرة من أراضي مسافر يطا، كأراضي لصالح بناء مستوطنات، وتوسع المشروع ليشمل شمال المنطقة وشرقها وجنوبها الشرقي، مما حدّ من حرية الفلسطينيين في التنقل والمساحة المتاحة لهم لرعي مواشيهم التي تشكل مصدر دخلهم الرئيسي، فتسبب ذلك باعتماد الرعاة على العلف واضطرارهم لشرائه بالدين.
وتعرض الفلسطينيون في مسافر يطا لخطر التهجير القسري سنة 1999، بعد أن طرد جيش الاحتلال 14 تجمعا سكنياً من المنطقة، ودمر وصادر معظم منازل السكان بحجة أن المناطق هذه تابعة لـ “منطقة إطلاق النار” وأن سكانها لم يستوفوا شروط “الإقامة الدائمة” رغم أن الأسر كانت بحوزتها وثائق تثبت ملكيتها للأرض ويعود تاريخها إلى ما قبل عام 1967.
في أواخر عام 1999، هجرت سلطات الاحتلال نحو 700  فلسطيني بالقوة من 12 قرية وخربة في المسافر، ولكن السكان عادوا بعد 4 أشهر من جديد بموجب التماس قدم للمحكمة الاحتلال، فأصدرت محكمة العدل العليا للاحتلال رداً على التماسين قدمهما السكان، وسمحت لهم بأمر احترازي مؤقت بالعودة إلى المنطقة حتى وقت إصدار قرار نهائي بالقضية، فيما استمر الأهالي بالسكن في المنطقة.
وفي عام 2012، صرحت حكومة الاحتلال بوجوب إخلاء 8 تجمعات سكنية فلسطينية بالمسافر، والسماح لهم بوصول محدود للأراضي من أجل فلاحتها.
ويعيش سكان المنطقة ظروفا معيشية صعبة ويقطنون عادة في كهوف تحت الأرض بسب عدم حصولهم على تصاريح بناء قانونية فلا يمكنهم صيانة منازلهم ولا توسيعها ومنذ بدايات 2000 بدؤوا بناء أكواخ من الصفيح وغرف صغيرة فوق الأرض لكن تحول معظمها إلى حطام بعد تدخل قوات الاحتلال بالجرافات لإزالتها.
في 2 كانون اثاني عام 2023 أبلغ جيش الاحتلال أهالي مسافر يطا بنيّته بدء تنفيذ قرار إخلاء ثماني قرى من أصل 12 قريةً في المسافر وعدّها منطقةَ تدريباتٍ عسكريّة يُمنع السكن والوجود فيها وهو ما صدر عن المحكمة الاحتلال العليا في حزيران 2022.

وبين عامي 2011 و2021 هدمت أو صادرت قوات الاحتلال 20 مبنى بالمنطقة، وأبرزها عام 2011 عندما هُجر 8 فلسطينيين مع 30 طفلا، إضافة لهدم مسجد المنطقة وتدميرمضخات المياه ومولد الكهرباء للسكان.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل عمدت قوات الاحتلال، وفي كثير من المرات، إلى إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية بالقرب المساكن، ما عرّض السكان لخطر الإصابة، ومن دون التفات إلى أدنى احتياجاتهم الأساسية. لقد عمدت دولة الاحتلال ومن خلال هذا النوع من السلوك إلى ضعضعة الأمان الاجتماعي في هذه المنطقة، وأضافت طبقة جديدة من طبقات فرض التهجير الغير مباشر.