اخبار فلسطين

من هو ستيف ويتكوف حارس الإبادة والتجويع؟ 

متابعة شبكة قدس: منذ انخراطه في المشهد السياسي المتعلق بالحرب على غزة، بدا الملياردير الأمريكي ستيف ويتكوف منساقًا بشكل كامل وراء خطاب حكومة الاحتلال، مكرّرًا روايتها الدعائية دون تمحيص. ففي تصريحاته الأخيرة، زعم أن “لا مجاعة في غزة”، في تجاهل صارخ للتقارير الأممية التي تؤكد تفشي المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الحاد في القطاع. وقبل أسابيع فقط، خرج بتصريح آخر ادعى فيه أن “حماس لا تريد صفقة تبادل”، رغم أن كل المعطيات على الأرض، بما في ذلك تصريحات مسؤولين إسرائيليين، تشير بوضوح إلى أن المماطلة في إبرام الصفقة تنبع من حكومة الاحتلال التي تسعى لإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. 

هذه التصريحات تكشف مدى انسجام ويتكوف مع الدعاية الإسرائيلية، وتوظيفه مكانته الاقتصادية والإعلامية لدعم الرواية الرسمية في مواجهة الانتقادات الدولية المتصاعدة، حتى أصبح في نظر كثيرين حارسًا للإبادة والمجاعة، يمنحها الغطاء السياسي والإعلامي المطلوب لإطالة أمدها.

وُلِد ستيف ويتكوف عام 1957 في حي برونكس بمدينة نيويورك لعائلة يهودية من أصول روسية، وتربّى في ضواحي لونغ آيلاند حيث تعرّف مبكرًا على طبيعة النشأة اليهودية التقليدية. بعد حصوله على شهادة في العلوم السياسية ثم على شهادة قانون من جامعة هوفسترا، بدأ مسيرته كمحامٍ عقاري، قبل أن يتحول إلى أحد أبرز رجال الأعمال في مجال العقارات بنيويورك، خصوصًا في مانهاتن. 

ويُعدّ ويتكوف من أبرز الداعمين الأمريكيين لحكومة الاحتلال الإسرائيلي واليمين الصهيوني، مستفيدًا من علاقاته الوثيقة بحركة التبرعات اليهودية ونوادي اللوبي المؤثرة في واشنطن، بما في ذلك نشاطه في جمع التبرعات والتواصل مع المؤسسات الصهيونية الأميركية اليمينية. هذه الروابط، إلى جانب مكانته كرجل أعمال يهودي، جعلته جزءًا فاعلًا من الآلة الإعلامية والدعائية التي تعمل لصالح إسرائيل في الولايات المتحدة، وليس مجرد داعم رمزي، وهو ما يفسر دفاعه المستميت عن سياسات الاحتلال حتى في أكثر ملفاتها إثارة للجدل، ليكرّس نفسه كواجهة أمريكية لحكومة الاحتلال في لحظة هي الأشد دموية في تاريخها.

يأتي انخراط ويتكوف في ملفات الشرق الأوسط ضمن إطار أوسع يتقاطع فيه النفوذ الاقتصادي بالمواقف السياسية. فالرجل الذي راكم ثروة ضخمة عبر الاستثمارات العقارية، يدرك أهمية الاصطفاف مع مراكز القوة الإسرائيلية لتعزيز مصالحه في السوق الأمريكية والدولية. 

ويُنظر إلى دعمه الصريح لحكومة الاحتلال باعتباره جزءًا من استراتيجيته لتوطيد علاقاته مع اللوبي اليهودي الأمريكي وشبكات التمويل ذات الصلة، مما يضمن له مكانة متقدمة في دوائر صنع القرار. وبذلك، يتحول من رجل أعمال إلى فاعل سياسي يتبنى خطابًا متشددًا يتماهى مع سياسات الاحتلال في غزة، حتى لو تعارض مع الحقائق على الأرض. ويطرح هذا التداخل بين المال والسياسة تساؤلات حول مدى استقلالية مواقفه من الحرب، وهل هي نابعة من قناعات شخصية أم مجرد انعكاس لمصالحه الاقتصادية والاستثمارية.

يُتهم ويتكوف اليوم بأنه أحد أبرز من ساهموا في تلميع صورة حكومة الاحتلال في الغرب، عبر تكرار رواياتها والتقليل من حجم المأساة الإنسانية في غزة. فبينما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من ظروف غير إنسانية، يصرّ ويتكوف على إنكار الواقع، مُسوِّقًا لرؤية إسرائيل التي تصف الحرب بأنها “دفاع عن النفس”. هذا الخطاب يخدم أهداف حكومة نتنياهو في كسب الوقت وامتصاص الضغوط الدولية، لكنه في الوقت ذاته يفاقم عزلتها، إذ يثير استياء منظمات حقوق الإنسان ويعزز الدعوات لمحاسبة الاحتلال على جرائمه. 

وفي ظل تنامي الانتقادات الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية لسياسات الاحتلال، يبدو أن ويتكوف يراهن على نفوذه المالي والإعلامي لتقويض هذه الأصوات، ليظل حارسًا للإبادة والمجاعة، وشريكًا مباشرًا في الجريمة، لا يكتفي بتبريرها بل يسهم في إدامتها وتحصين مرتكبيها من المساءلة.